مرحباً صغيري ♡~

أخبروا أصدقائكم عن الرواية و اضغطوا على النجمة في الأسفل، تعليق واحد يُسعدني و يجعلني أستمر، دعم لطيف من فلِضكُم 🌸💕.


كريـس :


عدتُ للواقع حين سمعت تأوه ألم يصدر من بين شفتيّ جوليان، فتحت عيناي بدهشة وسعادة محاولاً كبت الدموع التي تجمعتْ في زرقاويتيَّ، قلت بصوت مُرتجف : أنت تستطيع جولي، هيا أفتح عيناك ...


ترجيتهُ حين كانَ يحاول كبحَ الألم الذي يبدو أنه قد هاجمه عندما ما حاولَ أدراك الواقِع، أرتجفتُ مِنْ الحُزن أو رُبما مِنْ الخوف ، أخافُ أن يستيقظَ ناسياً كُلَ شيء !.


حينَ رأيتهُ يستمرُ بالصراع معَ نفسه لم ألبثْ حتى ركضتُ أفتح الباب و أخرُج لأصرخ بحثاً عَنْ الطَبيب المُشرِف على حالتهِ، هلعوا جميعاً  ظنوا أنه جوليان بهِ شيء ..  ركضَت بعض المُمرِضات للغُرفة ثم لحَق الطَبيب بِهُنْ بعد أن نادتهُ أحداهُن، لكنهم أغلقوا الباب ولم يدعوا أحداً مِنْا يدخُل مَعهُم.
حسرَت الخالة جوليت عَنْ وجهِها لتقول  : هل حقاً  أستيقظ جوليان ؟


وضعت كلتا يدي على كتِفها  : أجل خالَتي، لقد كان يحاولُ فتحَ عيناه .. سنرى ما يقول الطَبيب بعدَ قليل


.
ثُم أسندتُ رأسها على كتفي مواسياً لها بينما تخرجُ شهقاتِها التي تحاولُ كتمها ، التعب كان واضحٌ على ملامِح الجميع حتى أُمي و أبي .. هُما يومان فقط أو أقل، لكن الجميع يبدو ذابِلاً.


أخذتُ الخالة جوليت لتجلس على المقعد ريثما ينتهي الطبيب، نظرتُ نحو زوجةُ جوليان كانت  تجلسُ في الطرَف بوجهٍ شاحبٍ مُصفَر وبطن مُنتفخة لأنها حامِل، عيناها مُتورمة، شعرتُ بالحُزن لرؤيتها بهذا الحال كانت كأنها تتلوى مِنْ ألمٍ ما في مكانِها .


خرجَ الطبيب و مِنْ بعدهُ المُمرِضات، تقدمنا نحوهُ جميعاً و كلُنا أذانٌ صاغية، نترقبُ الحُروف التي ستخرُج مِنْ بين شفتيهِ، أنا حقاً شعرتُ بالخوف لهذا لم أتجرأ أن أسأل حتى لا يؤلمُني الجواب و أعتقدُ إنَ نفسُ الأمر مع الآخرين، لذا بادرَ هو بالحديث  قائِلاً   :  حسناً، مِنْ الجيد أن ذاكرَتهُ سليمة و لا يوجد تضرُر في الدماغ سِوى كسر بسيط بالجُمجمة، لكنهُ الآن مُتعب دعوه يرتاح ثُمَّ  سأدعكُم تدخلون لرؤيتهِ  .


أتعرفون شعور الأرض عندما يُزاح الجبل مِنْ فوقِها ؟، لكن كيف ستعرِفون و أنتم لستُم أرض على أي حال أنا شعرتُ بشعورِ الأرض حقاً !  .


الآن أستطيع التنفس كبشري و ليس كبطريقٍ خائِف، جوليان الأحمق كان يجب أن ينظُر جيداً تحت قدمهِ كي لا يسقُط كالبجعة السمينة التي لا تعرِف الطيران ، يجب أن أتذكر كلماتي هذهِ حتى أوبخهُ بها عندما يستعيدُ وعيهُ كامِلاً .


فتحتُ هاتفي لأتصل بكارمن و أخبرها، رنَ الجهاز عدة مرات لكنَها لم تُجيب فأغلقتُ الخط و حاولتُ مرة أُخرى حتى سمعتُ صوتها مِنْ الجانِب الآخر   :  مرحباً  .


صوتُها ناعِس يبدو إنها كانَت نائِمة  فأختصرتُ عليها  : لقد أستيقط جوليان.


سمعتُ شهقتها من خلف الهاتف   :  حقاً، سأت ..


لم تكُد كارمِن تُنهي جُملتُها حتى أخترق طبلة أُذني صوتُ صُراخ ، ألتفتُ لمصدر الصوت لأراها زوجة جوليان تُمسكُ بطنها وتصرُخ  :  أُمي، جوليان .. سأموت مِنْ الألم  .


ذُعرت مِنْ الخوف كارمِن كانت تصرُخ مِنْ خلفِ الهاتِف محاولةً أن تفهم ما يحدُث   :  كريس ماذا يحدُث؟، لماذا ليزا تصرُخ  .


أنا فقط تصنمتُ أنظر للمشهد الذي أمامي، أُمي و الخالة جوليت يركُضن بعشوائية و أبي و عمي ليمان أصطدما ببعضهِما، رأيتُ شاب يحملها معَ المُمرِضات ليضعها فوقَ سرير الطوارئ حيثُ ركض الجميع يَدفعون السرير الذي تَرقدُ عليهِ زوجةُ جوليان و هي تصرُخ مُمسكةً بطنها  .


تناسيتُ أمرَ كارمِن التي بدأت تلعن  : اللعنة أذا لم تَرد عليّ و تُخبرني ماذا يحدُث !


- لا أعلم كارمِن زوجةُ جوليان فقط تصرُخ قائلةً أنها ستموتُ مِنْ الألَم وهي تُمسك بطنها لكن الآن حملوها على سرير الطوارئ لا أعلمُ لأين  .


- يا ألهي أنها ستلِد، كريس أهتم بالحميع ريثما أصلُ للمُستشفى.


قالتْ بسُرعة ثُم أغلقَت الخط  ، حاولتُ أن أستوعِب ما يحدُث حولي الآن، دسستُ الهاتِف في جيبي ثُم رَكضتُ خلفهُم لأرى ما يحصُل ، كان أبي و عمي ليمان معَ الشاب الذي رُبما هو أحد أقاربُها، توجهتُ نحوهم لأسألهُم  : ماذا حصلَ لها ؟، أين امي وخالتي جوليت ؟


ردَ أبي بتوتر   : أنها ستلِد عن قريب و أمك و خالتُك معها في صالةِ الولادة   .


أومأت لهُم بتفهُم  لكن لماذا هم متوترون هكذا كأنهم هُم مت سيلدون و ليست ليزا ، ذلك الشاب كان يبدو عليهِ التوترُ واضِحاً وهو يقرض أظافرهُ متجولاً بسُرعة  ، تقدم عمي ليمان له  :  يوجين فقط أجلس، لا تكُن متوتراً هكذا، هي فقط وِلادة !  .


-  لا أستطيع سيد ليمان، ألم ترى أُختي كيف كانت تصرُخ ؟!


ربتَ عمي ليمان على كتفهِ  : لا بأس ستكونُ بخير  .


هكذا إذاً هذا يوجين أخاها لقد أخبرني عنهُ جوليان  من قبل  لكني نَسيتْ.


صُراخ زوجة جوليان أصابني بقشعريرة، كان الألمُ واضِحاً بين طياتِ صوتِها وهي تُنادي بإسمِ جوليان، هذا الغبي زوجتهُ تلد وهو راقدٌ على السرير مُحطم الرأس و العِظام بسببِ غبائِه.


حمداً للرَب أنني ولدتُ رجُلاً، كم تُعاني الفتاة في حياتِها، أولاً  ألم الزواج و ثانياً  ألم الولادة، يا ألهي شكراً لأني رجُل .


************************************


كـارمـن  :


أغلقتُ الهاتِف ثُم توجهت للحمام غسلتُ وجهي وغيرتُ ملابسي، ديلا نائِمة معي بنفسِ الغُرفة، تسألتُ قليلاً هل أُيقظها أم أتركها نائِمة؟، حسناً إذا أستيقظتْ ولم تَجدني ستتصلُ بي.


نزلتُ للطابق السُفلي، ألقيتُ نظرة على آرسلاند الذي ينامُ في غُرفة الضيوف فوق الأريكة ولا يبدو مُرتاحاً بنومهِ هكذا لكن في النِهاية هو مَنْ رفضَ أن ينام بأحد الغُرف و أستحم دونَ أن يُغير ملابسهُ، شعرتُ بالسوء عليه.


خرجتُ مِنْ المنزل لأحضر دراجتي الهوائية مِنْ المخزَن الخشبي، نفضتُ التُراب عَنْ مقعدها الأسود ثُم أنطلقتُ بِها نحو المُستشفى، عندما كُنت في الثانية عشر كُنا أنا و يوجين نتسابقُ على دراجاتِنا الهوائية في ضواحي الحي لهذا أنا ماهرة و سريعة في قيادة الدراجات .


بعد ساعة تقريباً وصلتُ للمستشفى ركنتُ دراجتي في موقف الدراجات وتوجهتُ للداخل حيثُ تقبع صالاتُ الولادة  ، رأيتُ أبي و عمي جوردن معَ كريس و يوجين، تقدمتُ نحوهم راكِضة  : هل أنجبت ليزا ؟


هزَ أبي رأسه نافياً بأسى لأسمع صرخاتُ ليزا من خلف باب غرفة الولادة ، قلبي أنقبض مِنْ الخوف عليها لكن فجأة سمعنا صوتُ بُكاء طفل !  .


أبن جوليان !، حقاً  أنهُ أبن جوليان، لقد ولدَت ليزا !، شقت أبتسامة السعادة وجوهنا فخرجت خالتي تالين ضاحكةُ السن، قالتْ مُبشِرة   : أنجبت صبياً  .


ألتفتنا أنا و كريس لبعضِنا فسحبني نحوه بعناق دافئ ثُم بدأنا نقفز كالأطفال من السعادة فسألتهُ بغير تصديق   : أخي أصبح أب، كريس هل هذا حقيقي ؟ 


( انا أيضاً لا أستوعب هذا ! )  رد كريس يصرخُ مثلي بحماس
أبي و عمي جوردن فغروا أفواهَهُم ينظرون لنا لكن لا يهُم نحنُ فقط سُعداء لأجل جولي. 


بارك عمي  لأبي  : مُباركً لكم يا صديقي لقد أصبحت جداً قبلي.


ضحكَ أبي  : ستكونُ جداً يوماً ما فقط أصبر لمئة سنة  .


أوه، أبي يمزح هذا حقاً جانب جميل مِنْ شخصيتهِ أكتشفتهُ للتو  ،  نظرتُ نحوَ يوجين بدتْ مشاعر السعادة على محياه لكن تقاسيم وجههُ لا تزالُ توحي بالقلق على أُختهِ، أُقدر شعورهُ حقاً لإنني مررتُ بهِ معَ جوليان. 


خرجَتْ أُمي مُبتسمة   : لقد أصبحَ لدينا جوليان آخر.


تقدم أبي نحوها  :  أُريد أن أرى حفيدي   .


( ليسَ الآن، لكن كارمن تعالي أنت )ِ  تحدثت أُمي مُشيرةً إلي.


أبتسمتُ بسعادة، مُتحمسة لرؤية صغيرنا الجديد، دخلتُ للغرفة و أستدرت لأغلق الباب فصرخَ لي كريس  : كارمن  ، ألتقطي بعض الصور للصغير  ،  أُريد أن أراهُ  .


يالهُ مِنْ أحمق كيف أصورُ طفلاً عمرهُ بضعُ دقائِق !.


وقعَ نظري على ليزا ذات الملامِح المُتعبة الباكية لكنها كانت تبتسمُ بعذوبة وهي تنظُر لطِفلِها القابع على يدها اليُمنى، أقتربتُ بجانبهُما أبتسمتُ لها   : مُباركً لكِ ليزا، جوليان سيكون سعيد حينَ يستيقظ  .


قاطعت الطبيبة كلامُنا، قائِلةً   : يجب أن ترتاح الأم و نقوم بفحصٍ للطفِل للتأكد من سلامتهِ  .


( حسناً، وسأحضر لها ثياباً لإن هذهِ الثياب مُلطخة بالدِماء ) وجهتُ كلامي لأُمي.


فردَتْ هي   :  و أتصلي بيولا فهي لا تعلَمُ شيئاً حتى الآن  .


أومأتُ لها ثُمَّ خرجتُ  مِنْ الغُرفة ما إن أغلقتُ الباب خلفي حتى أصطدمت بأبي و كريس و يوجين المُتسمرين  أمامي.


شردتُ بوجوههم  قليلاً   :  ماذا ؟


بادر كريس بالرد  بسؤالٍ على سؤالي   :  هل  التقطتي صوراً للطفل ؟


-  لا !


الآن فهمت ماذا يريدون، عقدت يدي إلى صدري  : أستطيع أن أتوقع طلباً كهذا مِنْ كريس لكن أبي أنت !، و يوجين هل حقاً أعتقدت أني سأصور طفل لم يُكمل الساعة مِنْ عُمرهِ  بينما أنتَ طبيب و يجب أن تفهم هذا  ..


لوى كريس شفتهُ بينما يوجين قضمها كما كان يفعل مِنْ قبل و أبي انزل رأسه محاولاً الهروب مِنْ فكرة كونه فكر هكذا.


ضحكَ عمي جوردن على أبي  :  بالنسبة لكريس و يوجين لا يزالون أطفال لكن أنتَ الكبير رئيس الشركة سيد ليمان هاربر كيف تُفكر هكذا !  .


عقد أبي حاجبيهِ  : ومَنْ قالَ إنني كُنت أنتظِرُ الصورة  .


أومأت له : أجل صحيح، وكدتُ انسى، أبي أحتاجُ بعض المال لأخذ سيارة أجرة حتى أُحضر بعض الأشياء لليزا و الطفل مِنْ المنزِل  .


( لا داعي لذلك عمي، سأذهب أنا معها. )
تحدثَ كريس قبل أن يُخرج أبي محفظتهُ.


- لكنكَ مُتعب !.


-  مِنْ قال إني مُتعب؟  لِنذهب بسرعة ونعود  .


قالَ ثُمَّ سحبني خلفهُ مِنْ معصمي، يا إلهي مِنْ هذا الكريس المُندفع في تصرُفاتهِ، أكتفيتُ بتلويحة لهُم في الهواء، يوجين كان يبدو مُنزعج نوعاً ما.


وقفنا أمام الشارع ننتظرُ مرور سيارة أجرة، دقائق حتى أستطاع كريس أيقاف سيارة تقلُنا لمنزِل جوليان.
جلسنا على المقعد الخلفي معاً  ،  لينطلق السائق بعد أن أعطيتهُ العنوان.


ناداني كريس بنبرةٍ متوجسة  : كارمن 


-  نعم ؟


- هذا يوجين  .


ألتفتُ له  : نعم، مابهِ ؟


- لا أعلم، فقط لم يُعجبني


قال بوجهٍ مُشمئِز فقبلتُ عيناي  : و ما شأني ؟


نظرَ لي بطرف عينهِ الزرقاء  : فقط أُخبركِ  .


وصلنا أمام منزِل جوليان، ترجلنا مِنْ السيارة، وقفَ كريس قليلاً يتأملُ تصميم منزِل جوليان ذو اللون البُرتقالي وليس لهُ حديقة، بابهُ مُطل على الشارع مباشرةً.


تسائل كريس  : كيف سندخُل دونَ مِفتاح ؟ 


- هُناك نُسخة لمفتح المنزِل تحت هذهِ المَزهَرية  .


قلتُ مُشيرةً للمزهرية الموجودةَ بجانِب الباب، تقدمتُ أرفع المزهرية قليلاً لأخذ المفتاحَ، التقطهُ فألتفتُ لِكريس  : ها هو.


أدخلتُ المِفتاح بالقُفِل ليُفتَح الباب و نَدخُل،  لا أنكُر إنني أشتقتُ لِزوايا هذا البيت و رائِحته و كل الذِكريات التي أمضيتُها بهِ، ضغطتُ على مفاتيح الكهرباء لتُضيء الأنوار.


( سأذهب للغُرفة حتى أحضر الملابس لليزا و الطفل  )
أخبرتُ كريس الذي أومأ لي.


دخلتُ لغُرفة ليزا أولاً فتحتُ خِزانة الملابِس وجدتُ بعض الثياب الفضفاضة التي قد جهزتها ليزا مُسبقاً تهيُئاً لولادتِها مع فوط صحية لأن المرأة قد تنزف دماً بعد ولَدتِها ، وضعتهُن في الحقيبة ، الآن يجب أن أُحضر ملابِسُ الطِفل منذُ حمِل ليزا وهي تشتري ملابِس و ألعاب للطفِل  .


خرَجتُ مِنْ الغُرفة لأدخل غُرفة الطفل التي بجانِب غُرفةِ نومِهُما،  لونُها أخضر و أبيض في العادة تكون غُرَف الأطفال أما باللونِ الزهري إذا كانتْ فتاة و أزرَق إذا كان المولود فَتى لَكن جوليان و ليزا كسرا هذهِ القاعِدة حينَ جهزوا غُرفةِ طِفلِهم باللونِ الأخضر الفاتِح معَ الأبيض، رُبما لأنهما الأثنان يمتلِكان عيون خضراء لكِن لون عيون جوليان لونهُما أشدُ خضاراً ..
الغُرفة لطيفة حقاً تبعثُ شعوراً قوياً يدفعُك أن تتزوج و تُنجب طِفلاً.


سمعتُ صوتَ كريس يقترب وهو يُنادي  : ألم تنتهي ؟


وقفَ عند الباب فاغِراً فمهُ، ثُم تحولتْ ملامِحهُ تُمثل البُكاء  : كارمن أريد طفلاً أصنعُ له غرفة كهذهِ  .


أملتُ رأسي لكتِفي بينما أضع الملابس في الحقيبة  : أنا أيضاً فكرتُ مثلك.


( إذاً هيا بِنا  ) قال مُتئهباً للخروج  .


عقدتُ حاجبيّ بعدم فهم  : إلى أين ؟


أعاد رأسهُ للخلف   :  أبحثُ عن زوجة لي و تبحثينَ عَنْ زوج لَكِ  .


نظرتُ له بطرف عيني  :  يكفي سخافة.


أشعر أني نسيتُ شيئاً!، لكن ماهو؟  اللعنة على ذاكرتي، حقاً أشعر إني نسيتُ شيئاً أوصتني أمي بهِ.


أجل تذكرت، يولاند !  ، كيف نسيت أمراً كهذا، أخرجت الهاتِف بسرعة و رميتهُ لِـ كريس الذي فتح عيناه بتفاجؤ و أستفهام سيتصل هو و أتحدث معها أنا بينما أجمع الملابس حتى لا اتأخرُ على ليزا ، فقلت موضحةً لهُ  : أتصل بِولا و أفتح سماعة الهاتِف الخارجية   .


-  حسناً، ماذا تسجلين أسمها ؟


- يولا، هيا أسرع.


قام كريس بالأتصال وفتِح السماعةِ الخارجية، يا إللهي كيف سأُخبرها ، قد تنصدم أو تصرخ، لا يهُم لن أُخبرها إني نسيت.


( مرحباً  ) قالت يولاند


-  أهلاً، يولاند فقط أريد أن أخبركِ ليزا أنجبت و جوليان أستيقظ  .


صمتت قليلاً فهمس كريس  : هدوء ما قبلَ العاصِفة  .


تحدثت يولاند بصوت متشوق  : حقاً، متى حدث هذا ؟ 


ابتلعتُ ريقي بخوف ، إذا أخبرتُها إنه حدث منذُ ساعات و انا قد نسيتُ أخبرِها سأسمع كلمات تغتصب حتى براءة كريس، لهذا قلتُ  : قبل قليل فقط، أين أنتِ؟ 


- لقد جائني أتصال مِنْ الشركة، تعلمين أبي و جوليان لم يتواجدا في الشركة  .


-  حسناً، أذهبي للمُستشفى الآن  .


- أنا في طريقي بالفِعل .


( أراكِ لاحِقاً   ) قلت ليغلق كريس الهاتِف و  كنتُ قد إنتهيتُ مِنْ  جمعِ الملابس  :  هيا كريس، لقد أنتهيت  .


-  كارمن، أختكِ يولاند  .


- اجل ماذا بِها ؟


( كانت مُثيرة في آخر مرة رأيتُها بها و الآن لقد ثملتُ لمجرد سماعِ صوتِها، متشوق لرؤيتها حقاً ) تحدث كشخصٍ حالِم


( أخشى أنك قد تضع نفسك في موقف مُحرج )  قلتُ له ونحن نخرج مِنْ المنزِل  .


مشينا نحو الشارِع العام ليسأل هو  : لِماذا ؟


- يولاند لا تُلقي بالاً للرِجال و ذوقها صعب جداً و أنتَ لستَ ذوقها  .


رفع حاجبهُ الأيسر ، قائِلاً بِغرور  :  حتى في أحلامِها لن تجد شاباً مثلي  .


************************************


ترَجلنا مِنْ  سيارةِ الأُجرة حينَ وصلنا للمُستشفى، دخلنا نبحثُ عَنْ أهلِنا  فأخبرني قبل أن يتوجه لغُرفة جوليان  : سأذهب لأرى جوليان الآن، أنتِ أذهبي لزوجتهِ  .


أومأت لهُ  :  حسناً خُذ وقتك  .


أخرجتُ هاتفي لأتصل بيولاند لأسألها : أين أنتِ؟


-أنا في المُستشفى، نحنُ ننتظرُكِ  .


- في أي غُرفة؟


-الغُرفة ٣٠.


-انا قادِمة.


أغلقتُ الخَط وذهبتُ إليهُن، أمي و يولاند و خالتي تالين يجلسن معَ ليزا في الغُرفة  ، أعلنتُ عن وجودي بعد أن دخلت  : مرحباً  .


جميعُهن مُنشغلات باليزا و المولد ، أشعر بالحزن لكون جوليان لا يعلم بولادة أبنهِ وهو الذي تحمس لهذهِ اللحظاتُ كثيراً ، لكن الجانب الجميل أيضاً أنهُ أخيراً أستيقظ سالِماً  وليزا بخير و الطفلُ كذلِك.


أشرتُ للحقيبة التي بين يديّ  : هذهِ الملابس لقد أحضرتُها.


( جيد، إذاً يولاند خُذي ليزا للحمام وساعديها بتغير ملابِسها و تنظيف جسدها ) خاطبت أمي يولا  .


( ماذا عن الطفلِ أُمي ؟  )  سألت ليزا أمي فهي أيضاً تُناديها بـِ أمي، لأنها كانت يتيمة الأُم منذُ طفولتِها  .


تدخلتْ خالتي تالين  : سنعتني بهِ أني و جوليت ، لا تقلقي أبنتي، فقط غيري ملابسَكِ ونَظِفي جسدكِ و تعالي  .


( فقط ساعدوني لأقف  )  قالت لتُساعدها أمي و يولاند حتى تقِف بِصعوبة، أنها تعضُ شفتيها حتى لا تبكي مِنْ الألم، أدخلتها يولاند للحمام بحذر فَهُن مُقربات جِداً مُنذ الطفولة و كانت يولاند أحد أسباب حُب ليزا و جوليان ..


قاطع تفكري صوتُ أمي وهي تقول  :  كارمِن ناوليني ملابس الطفِل.


وقفتُ بجانِبها و أعطيتُها ملابسه لتُفلت المنشفة عن جسدهُ الصغير وأخذت تمسحُ جسدهُ بأوراق مُبللة خاصة للأطفال.


شعرهُ بُنياً خفيفاً لونهُ كلونِ شعر جوليان و يولاند ، أما بشرتهُ بيضاء جداً ك ليزا، فقط عيناهُ لم أراها حتى الآن.


أُمي وخالتي تالين نظفنْ جسدهُ و ألبسنهُ ملابِس دافِئة بالأضافة إلى دفءِ الغُرفة كان الحماسُ واضِحاً في عيونِهُن .. كأن ما بين أيديهُن كَنز ، أبتسمتُ للطافةِ منظرهُن ، بما أن الطِفل سليم سيبقى بجانِب أمهُ لتُرضعهُ.


نِصفُ ساعة حتى عادتْ يولاند تقود ليزا التي قد غيرت ملابِسُها لفُستان أحمر فضفاض و طويل يحتوي على أزرار مِنْ الأعلى ليُسهل عملية الرضاعة معَ طوق أحمر مِنْ القِماش يُعيد شعرها  ذو اللون الخشبي للخَلف.. ساعدتُها معَ يولاند لتمد جسدها على السرير.


وضعتُ أمي الطِفل بين يديّ ليزا  : " خُذي صغيركِ، أبنتي.


أبتسمت ليزا لتظهر غَمازة خدها، تبدو سعيدة جداً .. يا إللهي لو يعلمُ جوليان.


( ذاً ماذا سيكون أسمُ الصغير ؟ )  سألت خالتي تالين.


إجابتها ليزا بأبتسامة وهي تنظرُ لطِفلِها   : آرون.


أردفتْ يولا  :  منذُ أن كُنا في الثانوية أخبرني جوليان أنه سيُسمي أبنهُ في المُستقبل آرون  .


( ماذا يعني أسم آرون ؟ ) سألتهُن  .


-  يعني قوة الجبَل .


( هيا نخرُج لترتاح ليزا و تُرصع آرون )


قالت أمي لتوافقَها الرأي خالتي تالين، رغمَ إني أُريد أن أبقى أُشاهد أبن أخي و مَنظر ليزا الأمومي اللطيف لكن سأذهب لأرى جوليان .


***********************************


دخلتُ لغُرفة جوليان معَ أمي و خالتي تالين و يولاند كان كريس يجلسُ بجانِب سرير جوليان الذي يفتحُ عييناه، قد أوصانا الطبيب بعدم أحداث ضجيج حتى لا يتأثر جوليان، دموع سعادة تخالطت مع أبتسامة سعادتِنا تقدمنا بخُطوات بطيئة نحوه، قام كريس لتجلس أُمي مكانهُ لَكنَها جلست تحت السرير تُمسك يدهُ التي يتصل بِها السيروم، لم تَستطع كبتْ شهقاتِها، حرك جوليان شفتهِ بصعوبة  : أمي أنا بخير فقط لا تبكي  .


عاتبتهُ أمي بينما لم تكُف عن البكاء  : لقد خفتُ كثيراً عليك، لماذا لا تنتبه ؟ لقد أصبحت رجُلاً و أباً لكنك ما زلتَ تجعلُني أقلق.


تدخلَ كريس  : خالتي قرأتُ مقولة نثرية يقول الكاتبُ فيها إن الشخص الذي يجلبُ العار لأهلهِ لن يُصيبهُ مكروه، فلا تقلقي على جوليان.


ضربتهُ خالتي تالين على رأسهِ  : أتمنى أن تتحدث بشيءٍ جيدٍ لمرةٍ واحدةٍ في حياتِك  .


ركلتُ قدمهُ   : و هل توجد مقولة نثرية كهذهِ  ؟


أعاد الركلة لي  و أجاب بتفاخر دون سبب كعادته  : أجل لكنكِ لن تفهمي هذا لأنكِ ببساطة أنسانة جاهلة لا تقرأ كُتباً نثرية.


قرصتُ يدهُ بقوة فصك على أسنانه محاولاً كتم ألمهُ  ، قاطع شجارنا جوليان   :  كيف حالُ ليزا و آرون ؟


طمئنتهُ أمي  :  هم بخير بُني لا تقلق فقط أطمئِن.


صمتَ قليلاً ليسأل مرةً أُخرى  :  أُريد أن أراهم  .


( ليس الآن جوليان ، لأن ليزا لا تستطيعُ أن تمشي )
قالت يولاند بحُزنٍ على حالهم  .


لا نستطيع أن نتحدث معهُ أكثر حتى لا يتعب، جاء الطبيب و أخرجنا حتى ندَعهُ يرتاح.


************************************


أخذتُ دراجتي مِنْ الموقف الخاص بالدراجات لأعود للمنزل  ، مررتُ بمحل المواد الغذائية ، أخذتُ بعص الأطعمة للطبخ و أشتريت بعض الخُضار مِنْ البقال ، مِنْ الجيد أنني أخذت بطاقة أبي ، في طريقي رأيت سوق الملابس ، لم أستطع كبحَ فكرتي، أتجهتُ نحو الملابس الرجالية ، تُرى كيف سأعلم ما يناسبهُ ! ، تقدم أحد الرجال العاملين ليُساعدَني في الأختيار حينَ رأني في حيرة    :  ما هو نوع الملابِس التي يُفصلُها حبيبكِ يا آنسة ؟


حبيبي  !  ، ما هذه اللعنة  ؟  ، قلبتُ الملابس المنزلية   : أنا أريد لهُ ملابس مُريحة للمنزل.


أومأ لي ليتقدم ويظهر طقُم من بجامة و قميص بلون أسود و أحمر :  ما رأيُكِ بهذا ؟


- هذا صغير جداً  !.


- هل تعرفينَ مقاسهُ  ؟


انا لا أعرف قياسهُ، كيف سأشتري لهُ، خطرت ببالي فكرة ذكية فقلت للرجل  :  جسدهُ كجسد اللاعب آرسلاند هنري.


تحركَ الرجال بسرعة و أخرج لي بيجامة و تيشيرت بلون رمادي  على قياس آرسلاند بالضبط   : اجل هذا مُناسب، شُكراً على المساعدة.


- على الرُحب يا آنسة  .


اخذتهُ بعدَ أن دفعتُ الحِساب، أشعر بالسعادة و لا أعلم لِماذا.


علقت الكيس الذي يحتوي على ملابسهِ في المقود وقدتُ بسرعة حتى وصلتُ للمنزِل، دخلت للمطبخ حتى أضع ما تسوقته في الثلاجة ثم دخلتُ لغرفة الضيوف حيثُ لا يزالُ آرسلاند نائِماً بعمق وضعت الكيس تحت الأريكة التي ينامُ عليها وتوجهتُ للأعلى  ...


عندما أقتربتُ مِنْ بابِ غُرفتي سمعتُ صوت ديلا  تتحدَث معَ أحدٍ ما.


فتحتُ بابَ الغُرفة و ولجت  ..  آه يبدو إن ديلا تتحدث على الهاتِف، لم أهتَم فقط رميتُ جسَدي بجانِبها، أخذت يدها تعبثُ بشَعري وهي تتحدثُ ضاحِكة ، أنهتْ مُكالمَتها   :  حسناً سأُغلِق الآن أراك قريباً  .


أدرفَتْ  :  إذاً ليزا أنجبَتْ و جوليان أستيقظ و أنا نائِمة  .


رفعتُ رأسي و أعتدلتُ بجلسَتي، تسائلتُ بإستفهام  : كيف عَرفتي ؟


مدت شفتيها  :  كريس أخبَرني  .


همهمتُ لَها دون أن أُعلق فهذا متوقع، لكن تذكرتُ ان اسألها عَنْ ما كان يحدُث قبلَ قليل   :  صحيح ديلا  !  .


لم ترفع عينيها عَنْ شاشة الهاتِف فقط قالتْ  : نعم  .


ضيقتُ عيناي بشك  :  معَ مَنْ كُنتِ تتحدثينْ على الهاتِف   .


ردتْ بلا مُبالاة  : لا أحد  .


أخذتُ الهاتِف مِنْ بينِ يديها،لتتوسع زرقاويتيها بتفاجؤ  ،  فنبهتُها  :  فقط أنتبهي لما أقول  .


- نعم ماذا ؟ 


- معَ مَنْ كُنتِ تتحدثين ْ؟


- جان،صديقي الذي عرفتُكِ عليهِ هو و جودي  .


رسمتُ أبتسامةً عريضةً على وَجهي  : حقاً، لكنكِ كُنتِ سعيدة  .


قلبَتْ عيناها لتضرُب رأسي بِخفة   :  نحنُ فقَط أصدقاء، أمسكي خيالَكِ الواسِع قبلَ أن أمسكهُ بطريقتي  .


مدَتْ يدها لأُعيد هاتِفها لها، أعدتُ الهاتِف و مددتُ جسدي على السرير مرةً أُخرى، يجب ان أستفزُها لا يبد الأمر كـ مُجرد أصدقاء   : إذاً لماذا غضبتي؟ لقد كُنت أمزح فقَط، لكن يبدو إنكِ حقا ً..  .


لم أُكمل جُملتي حتى شعرتُ بخُصلاتِ شعري تُشد قليلاً، عبسَ وجهي   :  ليس شعري ، رجاءاً  .


أفلتَتْ شعري،ثم وقفَت  ، فسألتُها  : إلى أين ؟ "


-  سأعد العشاء، رُبما قد يأتي كريس  و العائِلة، آرسلاند و أنا و أنتِ لم نتناول شيء مُنذ الليلة الماضية، الساعة الآن الخامسة مساءاً سيحلُ الليل قريباً  .


أطلقتُ تنهيدة  :  حسناً، أنا حقاً جائِعة، وبعد أستيقاظ جوليان و وِلادةُ ليزا بسلام و طفلُهم بخير ، شعرتُ براحة كبيرة تغمُرني، أستطيع الإسترخاء الآن  .


أبتسمت ديلا  : هذا جيد، إذن يُمكنكِ أن ترتاحي حتى يحين موعد العشاء  .


بعدَ إن خرجتْ ديلا احتضنتُ الوِسادة، وسادتي و سريري موطِني الأول  .. أشتقتُ لها و لتفاصيلها، أُريد أن أبقى هُنا و أتناول كعك أُمي الذي أُخفيهِ في خزانتي حتى لا يسرقهُ جوليان، آه يالهُ مِنْ طفولي جداً !.


وضعتُ السُماعات  بِأُذنيّ، ضغطتُ على أحد أغاني سيا حتى أستطيع النوم فصوتها كَجُرعة مِنْ الإسترخاء بالنسبةِ لي.


لم أشعُر بالوقت حين أستيقظتُ كانَت الساعة السابِعة مساءاً، أنا لم أُغير ملابسي عندما عُدت لِلمنزِل لهذا أخرجتُ مِنْ ملابسي الشِتائية التي تركتُها في خزانتي عندما ذهبتُ للعيش في منزِل عمي جوردن،  أخترتُ يجامة سوداء فضفاضةً بعضَ الشيء و كِنزة صوفية بلون زهري ،  ربطتُ شعري من فوق لكن كان الرباطُ راخياً حتى لا يُشعرني بتشنج، أرتديت خُفَ الخروف الزهري في قدميّ ثُم نزلتُ للطابق السُفلي، لقطت أُذني صوت أحاديث تصدُر مِنْ المطبَخ .. !


حينَ دخلت رأيتُ ديلا و يولا يعدن العشاء ويتحدثنَ بشيءٍ ما.


-  يولا، متى عُدتي ؟ 


-  قبلَ ساعة  .


- مَنْ معَ ليزا و جوليان ؟


( أُمي و أبي ، و السيد و السيد هنري ) أجابَتْ يولا وهي تُقطع السلطة بينما ديلا تقلي شيئاً ما على النار و يبدو شهياً مِنْ الرائِحة المُنبعثة.


( هل أُساعدكُن ؟  ) عرضتُ عليهُن.


ردتْ يولا بسُخرية  :  لماذا أنتِ مُبكِرة هكذا ؟ لا يزالُ أمامنا الكثير مِنْ الوقت  .


ضحكتْ ديلا   :  لا تزالُ كارمن صغيرة على العمَل و هي مُتعبة جداً  .


( جميعنا مُتعبين !  ) أردفتْ يولا  .


أخرجتُ لِساني لها لأُغيضها ثُم ركضتُ خارِج المطبَخ، تُرى أين آرسلاند ؟، هل رأى الملابِس التي أشتريتُها لهُ، ماذا لو لم تُعجبه !


ما أن دخلتُ غُرفة المعيشة حتى رأيتهُ جالِساً على الكُرسي مُسنداً ظهرهُ عليه وفاتحاً ساقيهِ، عيناهُ العَسلية مُنهمكة بالنظر للهاتِف ، في الحقيقة أحياناً المرء يتمنى أن يكون هاتِفاً و اللعنة ..


كان يرتدي الملابس التي أشتريتُها لهُ !، لم أنتبه للأمر بسببِ ملامحهُ التي تُصيب أي فتاة باللعنة   ( لكن هذا لا يعني إني أُحبهُ فهو لا يُناسبني ..  ) تحدثتُ مع نفسي  .


التيشيرت الرمادي وجدَ مكانهُ على جسد آرسلاند بالفِعل، لم أشتري لهُ كنزة لإنه لا يبدو مِنْ النوع الذي يُحب الملابِس الثقيلة بالإضافة لكون منزِلنا مليء بالمدفئات فـ لَن يُصاب بالبرد. 


شعرهُ يُغطي جبهتهُ و جهات وجهه بتمُرد، لا أستطيع أن أنسى كيف عانقني حين عُدنا للمنزِل، لا أعلم لماذا يبدو مُتناقِصاً جداً، أحياناً أشكُ في كونهِ آرسلاند نفس الشخص، للحظةٍ يبدو حنوناً و للحظةٍ أُخرى يبدو قاسياً، لكنهُ في النهاية ليسَ سيئاً ..


( يا إللهي جسدي يصرُخ مِنْ التعَب  )  نُطِقتْ هذهِ الجُملة بصوت ليس غريباً   .


-  كريس !  .


سقطَ كريس على الأريكة التي تتوسط غُرفةِ المعيشة و رمى المنذفة التي كان يُجفف شعرهُ الأشقر العسلي المُبتل بِها، رفعَ رأسهُ ينظرُ نحوي فجلستُ بجانبهِ لتتسرب لأنفي رائِحة غسول الشعر الخاص بيولا مِنْ كريس !  ،  بادرتُ بالسؤال  :  هل عُدتَ معَ يولاند ؟


ردَ مُبتسماً و قال بنبرة مُتلذذة   : أجل معَ أُختكِ المُثيرة "


فتحتُ عيناي وقلتُ مُحذرةً أياه بصوت مُنخفِض  : كريس، أصمت و إلا سمعتك يولا !  .


في هذهِ الأثناء دخلت يولا   :  تعالوا على العشاء  .


نظرَ كريس نحوي بنظرة تُمثل الذوبان، فقرصتُ يده كي يصمت ولا تكرههُ يولاند، يا إللهي كم هو زيرُ نِساء.


أعطاني نظرة حاقِدة ليسير خلف يولا وأنا بعدهُم، لاحظتُ إن آرسلاند لم يأتي لهذا عُدت إليه  و وقفتُ بجانبهِ، فرفعَ عيناهُ نحوي  ،  شبكتُ أصابع السبابة معَ بعض لأسألهُ   : ألن تأتي لتتناول العشاء ؟


وضعَ هاتِفهُ جانِباً ليسأل أيضاً   : وهل هذا يهمُكِ ؟


( نعم،  أقصدُ لا، فقط أنتَ لم تتناول شيء مُنذ الأمس، كما أنك تبدو مُتعباً  ) كانت أجابتي مُتعلثمة بعض الشيء  .


رأيتُ شبَح إبتسامة يلوح على جانِب شفتهِ   :  حسناً أذهبي أنتِ و سألحقُ بكِ   .


أستدرتُ لأتجه للمطبخ حيثُ وضعوا الطعام ، أمسكتُ وجنتي بسبب الحرارة التي شعرتُ بِها فجأة.


أخذتُ كُرسياً بجانِب يولا التي بجانِبها ديلا أمامها كريس مُباشرةً دخلَ آرسلاند ليأخذ الكُرسي الذي بجانِب كريس و أمامي مُباشرةً.


ديلا قد أعدت الكثير مِنْ الطعام حقاً و جميع الأطباق تبدو شهية.


أكلتُ بعض البطاطا المقلية و السلطة الحامِضة التي تصنعُها يولا،هي تُحب أن تضع لمسات فنية في كُلِّ شيء تصنعهُ.


( تناولي بعض الحساء الدافئ  ) قالت يولا وهي تسكُب لي.


تناولت ثلاث ملاعِق منهُ،لذيذ أيضا ً.. سأبكي مِنْ لذةِ الطعام


( كارمن ضعي لي بعض الحساء  )
طلبَ مِنْي كريس لأن الحساء كان أقربُ لي.


أخذتُ صحناً فارِغاً لأضع له لكِن بالخطأ أنسكب على يدي،  عضضتُ على شفتي السُفلى كي لا أصرخ لكن خرج مِنْ  بين شفتي صوت تأوه من الألم   فأنتبهوا لي جميعاً   .


قام كريس مِنْ مكانهِ ليأتي راكضاً بجانبي، سأل بقلق  :  هل تأذيتي ؟، أسف حقاً .


( هل هو حرق قوي، دعيني أرى  ) سألت يولا وهي تُمسك يدي


- لا عليكَ كريس ، .. 


لم أُنهي جُملتي حينَ تدخلَ آرسلاند قائِلاً بغضب  :  كُنت تستطيع أن تسكب لنفسك، لكنك أتكالي و لا تُحب أن تتعب نفسك، أنظر كيف حرقت يدها  .


بصق كلامهُ بوجهِ كريس الذي تصنم معنا نحنُ الثلاثة أمام آرسلاند ، فوقفتُ بوجههِ  : آرسلاند، لا تصرخ هكذا ، أنه حرق بسيط يحدث في أي وقت أن كنتُ سأسكب لكريس أو لنفسي !.


حاولت ديلا تهدئة الموقِف  : أهدأوا، لما كُل هذهِ الضجة، هكذا امور تحدث ، لا بأس  . 


وجهُ كريس تحول مِنْ منظر مُتعب بشوش إلى وجه متعب غاضب،  فخرجَ مِنْ المطبخ.


صرختْ ديلا خلفهُ  أن يعود لكنهُ لم يُجيب.


قالت يولا مُشيرةً إلي  : تعالي لأضع المرهم لكِ  .


أردف آرسلاند لها  : اكملي طعامكِ أنا سأضعهُ لها  .


ثم أشار لي أن ألحقه ،  ما اللعنة لماذا فجأة يبدو لطيفاً لكن حقاً شعرت بالأسى على كريس، أليس ما قالهُ له كثير ؟! 


عادت كل من ديلا و يولا لوضعية الجلوس بعد أن أطلقن تنهيدات ضجر .. أشارت لي ديلا بيدها أن ألحقهُ حتى لا تحدث كارِثة أخرى ، مشيتُ خلفهُ بجسدي الصغير مُقارنةً بجسده الطويل مفتول العضلات، توجه للحمام ثُم عادَ حاملاً عُلبة الأسعافات الأولية بين يديه ، جلس بجانبي على أريكة غُرفة المعيشة.


مدَ يدهُ لي لأعطيهِ يدي المُحمرة بسببِ الحساء، ما أن وضعتُها فوقَ يدهُ حتى شعرتُ بيدهِ البارِدة أرتجفت قليلا ً!  .


دهنَ يدي بمرهم الحروق ببطء، ثُم قامَ بلفِها بالضِماد، شعرهُ مسدول على وجههِ ويبدو أنه يزعجهُ قليلاً  .


( أنتهيت  ) قالَ حينَ رفع عسليتهُ التي ألتقت بكستنائيتي و فضحتْ تفحُصي له.


- شكراً، لكن يبدو إنك بالغت قليلاً في توبيخ كريس، أنهُ ليس ذنبه أنا لم أنتبه، ثم أن هذا حرق بسيط جداً .


رمى جسدهُ على ظهر الاريكة  : حتى يتعلم أن يعتمد على نفسهِ،  ولا تتدخلي في شؤوني أنا و أخي  .
 


(  تشي ، يالك مِنْ مُتعجرف  ) قلتُها بصوت مُنخفض مسموع ، أريدهُ أن يسمع و لا أريدهُ ان يسمع .


وقفَ بسرعة أمامي  :  ماذا قُلتي ؟


قلبتُ عيناي  :  مُتعجرف  .


رفعَ حاجبهُ بتعجب   :  و تعترفينَ أيضا ً؟


-  هل أنتَ شرطي لأخاف مِنكَ مثلا ً؟


- أنا الأسوء مِنْ الشرطي حتى ..


بدأ يقتربُ مني و داخل عيناهُ نظرات لا يُمكن تفسيرها !
أخذتُ أتراجعُ للوراء مع كُل خجوةٍ يخطوها نحوي ، ماذا يُريد هذا بحق السماء ؟!، لم أنتبه للأريكة الصغير التي خلفي حتى سقطتُ عليها وهو ما يزالُ يقترب !  ، أزدرتُ ريقي بخوف حين نحنى نحوي ليُصبح قريباً مني جدا ً، تسارعتْ نبضاتي بسبب قُربه هكذا و نظراتهُ الغير مُفسرة، أنكمشتُ بجسدي على الكرسي ، تسلل أصبعهُ ليرفع ذقني ثُم يُمسكه بالطبع هو لن يُقبلني !  .


وجههُ امام وجهي حتى ان خُصلات شعره لامستْ وجنتي ،  أرتفع جانب شفته ليقول  : لا تعبثي معي  .


ثُم أبتعد و رحلَ نحو غُرفة الضيوف ، الآن أستطيع أن أتنفس .


لكن صُدمت بزوج مِنْ العيون الخضراء و الزرقاء تنظرُ نحوي بشك و تبدو مُتعطشة للتفسير ،  أللهي الرحمة سأبكي ..


************************************


في الجانِب الآخر كان البرد يصفقُ جسده و الرياح تُحرك شعرهُ العسلي المُشقر، فأحمرت أرنبية انفهُ بسبب برودة الطقس، نفثَ الهواء الدافئ مِنْ بين شفتيهِ ليظهر بشكل بُخار يتلاشى في الهواء. 


( لا لن أُدخن  ) قالَ مانعاً نفسهُ مِنْ الفكرة الغبية التي رنتْ في عقلهِ حينَ رأى دُخان أنفاسهُ  .


رنَ هاتفهُ للمرة الثالثة  ، فتهند بضجر  : يا إللهي، ليس وقتها !، لماذا لا تستسلم  ؟


فتحَ الخط ليظهر صوتها الصاخب من الهاتف  : لماذا لا ترُد على أتصالاتي أيها الأحمق ؟ 


- اولاً قولي مرحباً   .


- كُنت سأقول لو أنك أجبتَ مِنْ المرة الأولى !.


- أنا مُنزعج الآن ، أتصلي لاحقاً  .


تغيرتْ نبرتُها مِنْ الانزعاج للإهتمام  : لماذا؟ هل حدثَ شيء لصديِقك  .


أطلق تنهيدة مُتعبة  : لا شيء فقط مُنزعج، سأغلق الآن  .


- خذ وقتك، سأتصل لاحقاً


قالت ثُمَّ أغلقت الخط  ،  ليتلقى أتصالاً أخر، فصرخ بتذمُز بعد أن نفذ صبره  : اللعنة عليكم جميعاً.


ي


تبع ..


_____________________________________


مرحباً  ، أعتقد هل مرة جد هذا آخر بارت قبل الأمتحانات.


ولادة ليزا  و صحوة جوليان  ؟ 


آرون  ؟ 


خقة كريس على يولاند  ؟


تصرف كارمن اتجاه آرسلاند   ؟


عصبية آرسلاند على كريس  ؟ 


تقربه و تهديده لكارمن  ؟


الأتصال الي أجه لكريس  ؟ 


شنو توقعاتكم  ؟


كُل سُبل الأرض لا تقِف أمام خير أراده الله لك ✨💛.

Comment