أقـتـحـام ..


« تم اعادة نشر البارت بسبب بعض الإجراءات الخاطئة عندما نشرته للمرة الأولى»


أحم أحم،مرحبا يا حلوين شلونكم  ؟🥺✨
طبعاً اول شي كل أعتذاري و أسفي ألكم لأن تأخرت حيل، لكن بإذن الله آخر مرة 🌚🤍
هسه اقرو البارت وتفاعلو زين لأن هو صح قصير بس انتو سلكوولي 🐸💔


قراءة مُمتعة 💙.


__________________________


كـارمـن  :


لسببٍ ما  نجهلهُ جميعا ، نحنُ نجتمع الآن في غُرفة كريس الذي خرج و تركنا نتبادلُ نظراتُ التساؤل الصامِتة !.


لقد قام كريس بسحبِنا مِنْ غُرفِنا قُسراً لهُنا فالساعة الآن الحادية عشرَ ليلاً، و جميعنا كُنا قد دخلنا غُرفنا لنرتاح بعد اليوم الحافل بالتعب الذي قضيناهُ.


لكن أين هو  ؟
الصمت هُنا بات يُزعجني خاصةً أن الأجواء تبدو مشحونة لسببٍ اجهلهُ  !


يولاند واقفة عند الباب و لم ترسُم تعبيراً مُحدداً على وجهِها وهذا لا يعني سِوى إنها مُنزعجة !.


جوان كانت تسيرُ في الغُرفة ذهاباً و أياباً و تطلقُ تنهيداتٌ مسموعة تُعبر عن ضجرِها و تُردد معَ نفسِها جُملة واحدة بعد كُلِّ تنهيدة تُطلقها  : أين ذهب كريس هذا المجنون ؟ هل هو عاقل حتى ليسبحنا من غُرفِنا بينما نحنُ نُريد أن ننام ؟!


و قد زهقا جود و ديلا من تهدأتها لذا ألتزما الصمت في النهاية ولم يُعيراها اي اهتمام فديلا كانت تعبثُ بهاتِفها كالعادة و تبتسم له أو لمن يتحدثُ إليها بهِ و بالتأكيد لن يكُن
أحداً غير « جان »، أستطيعُ معرفة هذا من إبتسامتِها الواسِعة  .. هي فعلًا لم تكُن في مُحطينا خلال هذهِ الأثناء.


أما جود فهو الشخص الوحيد الذي بدا مُسترخيًا جدًا إذ ألقى بجسدهِ على سريرِ كريس مُنذئِد دخل و راح يُغمض عيناه لكن بالطبع لم يكُن نائماً فلقد أستجاب لشقيقتهِ التي تذمرتْ كثيراً و رمى عليها كلماتٌ قليلة يحاولُ أصماتها بِها  : جوان أهدأي قليلاً ، سيعود كريس و نفهم ما سببُ هذا الأجتماع  .


أما أنا فلم أكُن أُعاني مِنْ أي شعورٍ غير النُعاس الذي لم ينفك عن جعلي أتثائب و دموع قليلة تجمعت في عينيّ على أثرهُ  .


ركنتُ جسدي على الحائط بعد أن أنزلقتُ ببُط و أغمضتُ عيناي قليلاً لأُخفف مِنْ الحُرقة التي أصابهُن بسبب مقاومتي للنوم.


لكن صوت صرير مقبض الباب جعلني أحاول أستعادة رؤيتي  ،  ظهرت هيئة العمة يوليا و التي سُرعان ما رأتنا ملامُحها أخذت تتسائل دون أن تنطُق ، جاء ردُ جوان التي على ما يبدو أنها فهمت سؤال والدتِها الذي لم تنطق بهِ سوى ملامحُها  : نحنُ أيضًا مُستغربين و ليس لدينا جواب لسبب هذا التجمُع.


كان بنبرتِها بعضُ الحيرة التي طغى عليها الغضب،
لا أعلمُ ما أمرها تبدو دائماً و كأن لا شيئًا يروقها !.


- حسناً إذًا لا مُشكلة لننتظر حتى نعلم لماذا يُخطط كريس.


أرفقتْ العمة يوليا جُملتها بإبتسامة لم تُفرط بفرصةِ إظهارِها عند كُلِّ حديث رغمَ إنها تحمل بعض ملامح آرسلاند إلا أن روحها حيوية و مرحة كروح كريس.


أتخذتْ مكاناً مِنْ السرير بالقرب مِنْ جود مجلِسٍ لها.


أستمر الصمت مُسيطراً على الغُرفة حتى دُفِعَ الباب و ظهر صوت كريس قبل جسده  : هيا أدخُل لقد قطعتَ أنفاسي  .


أندفع جسد آرسلاند لداخلِ الغُرفة، شعرهُ مُبعثر و ملابسهُ فوضوية ، عيناهُ الواسِعتان بالكاد يفتحهُما.


تقدم ببُطء يجرُ جسدهُ الطويل نحو السرير فأرتمى بجانب جود.
دخل كريس من بعده و صرخَ فور أن أصدر سريره صوتٌ يدل على وشكِ تحطمهُ بسبب أرتماء الآخر عليهِ  : لقد حطمتَ سريري أيُها الـ ..


قطع كلمتهُ الأخيرة ما أن جول نظرهُ علينا و أكتفى بالعضِ على شفتهِ السُفلى.


- رجاءًا تكرَم و أخبرنا سبب تواجدنا في غُرفتك سيد كريس.


تحدثتْ جوان بغضب حين أقتربت مِنْهُ، أبتسم و أمسك بكتفِها و سحبها لتجلِس على طرف سريره بجانبِ والدتِها : فقط أهدأي صغيرتي .


و أخيراً صمتت جوان و أعرنا جميعاً أهتمامنا لكريس إلا جود و آرسلاند الذان بديا نائمان ، أقتربَ كريس مِنْها ليُعطي كُلِّ واحدٍ مِنْهُما ركلةً تُقظهُ.


على أثرِ ركلةُ كريس صرخ جود بينما يعتدلُ بجلستهِ : كُنت أُريحُ عيناي فقط  .


أما آرسلاند فأكتفى بفتحِ عسليتيهِ و رفع جسده ليسنده على تاجُ السرير.


- حسنًا يا رفاق بما أنكم جميعًا هُنا أُريد أن أُخبرَكُم أمرًا  .


تحدثَ كريس فأومأنا لهُ بمعنى هاتِ ما عِندك  .


فأسترسلَ مُكملاً  : لقد أخبرتُ ديلا مُسبقاً بالأمر.
بقى لدينا يومٌ واحدٌ على ذكرى زواج أمي و أبي  أي صباح اليوم فقط  ! ، أعتقد أن بعضكُم يعلم ما مرّا بهِ مِنْ  ظروف في السنوات السابقة ، لذا أُريد أن أصنع مُفاجأةً لَهُما وقد أحتاجُ مُساعدتِكُم.


أرتخت ملامحُ الجميع بعد أن أستمعوا لفكرة كريس ،
فكرة جميلةَ فَـعمي جوردن و خالتي تالين يستحقان هذا .


وقفت العمة يوليا دون سابق أنذار وصفت بكفيها بينما تقترب مِنْ كريس، أحاطت عُنقه بذراعها  :
  فكرة لطيفة مِنْ أبنٍ لطيف مثلُك يا كريس .


تُعجبني حيوية العمة يوليا فهي تبدو مُفعمة بالنشاط و الحماس دومًا ، شخصيتُها ودوة و مرحة لا تُفارق البسمة شفتيها مُنذئِد رأيتُها .. مزاجُها يبدو وردياً علة عكسِ إبنيها جود و جوان فهُما هادئين و قليلا الكلام  ... لكن جود يتفاعل معَ آرسلاند حين يجلسان معًا أو يقموما بإغاضةِ كريس
و جوان تتفاعلُ معَ آرسلاند بلُطف أما معَ كريس فلا أعلم ماهية علاقتهُما للحظة شِجار و للحظةٍ أُخرى أهتِمام !.


أبتسمَ كريس على أطراء عمتهِ فقامت بشدِ وجنتهِ بقوة كأنها تُلاعب طفلًا صغيرًا : أحسِدُ جوردن عليك ، لو أن الرب رزقني أبنًا مثلك.


أنا و يولاند فقط مِنْ أبتسمنا على كلامِ العمة أما الآخرين قاموا بقلب أعيُنِهم حينًا و أعطاءِ كريس نظراتٍ مُتقززة حينًا آخر.


في النهاية قاطعتْ جوان مديحَ والدتِها لكريس بسؤالِها  :
لكن كيف ستكون مُفاجأة  ؟
أعني إنهُما دائماً في المنزِل كيف ستُرتِب لهُما المُفاجأة  ؟
أم تُخطِط لترتيبها في مطعم  ؟


حكَ كريس رأسهُ و بدا كأنهُ يفكرُ بإجابةٍ لسؤالِها  :
أنا أيضًا لا أعلم لهذا جمعتكُم هُنا و أريد ان تطرحوا أفكاركم  .


أبدى جود رأيهُ : حفلةٌ عائليةٌ كهذهِ لا أرى أنه مِنْ المُناسب أن تُقام في مطعم أمام الناس ، أما إذا أقمتها في المنزِل سيكون الأمرُ أبسط و أجمل.


أعتقد إن كلام جود صحيح فأمور عائلية كهذهِ يجب أن تكون داخل حدود العائلة فقط و هذا الرأي أيدهُ الجميع  .


- و أنا دعوني أهتم بأمرِ جوردن و تالين ، فـ غـدًا سأجعلهما يخرُجان مِنْ المنزل ريثَ ما تنتهون من تجهيز الحفلة.


تحدثت العمة بحماس و أردفت مُكملة بينما  تنظرُ لآرسلاند  :
قد أحتاجُ مُساعدتك يا جميلي .


أبتسم آرسلاند أبتسامة صغيرة على كلمتِها الأخيرة و أومأ بحسنًا.


- شُكرًا لإستماعِكُم بما إنكم موافقون على مُساعدتي إذهبوا لتناموا الآن و في الصَباحِ سنبدأ بالتحضير  .


تحدثَ كريس بسعادة ثُم أردَف مُحذرًِا  : تذكروا أن لا تفشوا الأمر أمام أمي أو أبي فحينها لن تبقى مُفاجأة، إتفقنا  ؟


أومأنا جميعاً له بمعنى نعم ، فصفق بيدهِ  :
إذًا الآن إلى أسرتِكم شُكرًا و سهلًا على الأستِماع .


خرج جود و آرسلاند بصعوبة بعد إن سحبهُما كريس من على سريرهِ حتى أوصلهما الباب فأكملا هما طريقهُما نحو غُرفتِهما أما ديلا و العمة يوليا خرجن يتهامسنْ ضاحكات ، و جوان خرجت مُسرعةً ترسمُ على وجهِها ملامِحُ الإنزِعاج تمامًا مثل يولاند التي خرجت هي الآخرى بسُرعة كأنها كانت تنتظرُ أن ينتهي الأمر بسُرعة و تعود لِغُرفتِها لا أعلم لما هي مُنزعجة مُنذئِذ جاءت قبل يومين  .. أنا كُنت مُنشغلةً بمساعدة خالتي تالين و ديلا بالأعمالِ و المطبخ فلم تسنح لي فُرصة لمُحادثتِها.


كُنت قد أنتظرتُ خروجهم جميعهم حتى أخرج أنا في النهاية لكن قبل أن أخرج قبض كريس على ذراعي مُمسكًا بِها، من شدةِ النُعاسِ لم أشعُر أن لديَ طاقةً للعبثِ معهُ، سألتهُ بصوتٍ مُنخفِض بالكادِ إستطعتُ أخراجهُ  : ماذا تُريد ؟


يدهُ أفلتت معصمي و أتجهت نحو الباب الذي بجانبي لتُغلقهُ.
ماذا يُريد هذا الآن  ؟.  بحلقتُ بهِ بهدوء بين ما هو كان يرفعُ أحد حاجبيهِ و ينظرُ لي نظرةٍ مُستفِزة  : أخبريني أنتِ ماذا أصابكِ  ؟


لا أعلمُ بماذا يهذي هذا الآن ما الذي يتحدثُ عنه  !.
- ماذا تقصد؟ بماذا تهذي أنت!


عقدَ حاجبيهِ و مدَ شفتيهِ  : أنا أصبحتُ أهذي الآن ؟


أنا حقًا لا أعلمُ عَنْ ماذا يتحدثُ هذا المجنون، قلبتُ عيناي بضَجَر  : كريس، أنا حقًا أشعُر بالنُعاس، أما أن تخبرُني ماذا تُريد أو تدعني أذهب .


لوى شفتيهِ و نظر نحوي  : تتصرفين و كأنكِ قد نسيتِ إنكِ لم تَقولي لي  ( طابت ليلتك  )  !.


جمَعتُ الهواء في صدري بغضب ثُم نفثتهُ بنفسِ الغضب بينما رفعتُ قدمي لأرفُسَ بِها قدم كريس بقوة  ، دَفعتهُ بعيدًا عن الباب و صرختُ في وجههِ  : أنتَ رَجلٌ تافه  !.


سرقتُ نظرةً خاطِفة لوجهِهِ الذي رُسِمت عليهِ علاماتُ الألم و الإنزعاج قبل أن أخرج و اضرُب الباب مِنْ خلفي.


لا أعلم اي مزاجٍ يملكُ هذا المجنون في مُنتصفِ الليل.
دخلتُ لغُرفتي و أرتميتُ على سريري بسُرعة، فلم ألبث سِوى دقائِق حتى غطَطتُ بنومٍ عميق .


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


كـريـس  :


في الصباحِ الباكر تناولتُ فطوري قبل الجميع لأذهب للشركة حتى أُنهي عملي مُبكرًا  ، أخذتُ مفاتيح سيارتي لأُخرجها مِنْ المرأب، صباحُ صيف اليوم كان مُنعشًا لا باردًا جداً و لا حارًا جداً لكنهُ طقسٌ مُحببٌ لي، أنعكس ضوءُ الشمسِ على عُشبِ الحديقة الأخضر فبدا كأنهُ مرآةً لها، وصوتُ العصافير متع مسامعي ، فالعصافير هُم أصدقائي لكنهم يهربون إذا حاولتُ إمساكهم  !، هذه مُعاناتي في الطفولة  ..
عدمُ تقبُل العصافير لمحاولاتي بالتقرُب مِنهُم  .


لكن فجأة فاجأني صوتُ آرسلاند الذي ظهر مِنْ خلفي حين نطق بكلماتٍ ليست مِنْ قاموسهِ  : صباحُ الخير  .


ألتفتُ جاحظًا عيناي بتفاجؤ  و قلتُ بأستنكارٍ  : عفوًا  !.


بصراحةٍ لم أتوقع لُطفًا كهذا مِنْهُ، كأن يأتي فجأة و يرمي كلمتان هكذا، يا إلـٰهي أعتقدُ إنني أحلُم  !.


مرَ من جانبي و تخطاني كشبحٍ هادئ دون أن يُلقي بالًا لأستنكاري، ركضتُ عدة خطوات لأُصبح بجانبهِ،ثم رفعت كفي الأيسر بخوف لألمس جبهتهُ  الدافئو ، لكنه سرعان ما دفعها للأسفل ورمقني بنظرةٍ مُملة  من عينيهِ الحادتين : ما هذه الطاقة مُنذ الصباح؟ ألا تتعبُ مِنْ أزعاجي!.


تفحصتُ ملامحهُ الهادِئة مُضيقًا عيناي، ما هذا التطور اللطيف  ؟ لكن أعتقد أنها خطوة جيدة بالنسبةِ له وهذا يُسعدني،  لم أشأ أن أزعجهُ بما أن يبدو بحالٍ جيد لذا تجاهلتُ سؤالهُ لكن لن أنسى أن أُجيبه عليه حين ينزعج، غيرتُ الموضوع فسألتهُ بينما نسيرُ نحو مرأب السيارات  : إلى أين ستذهَبُ في هذا الصباح الباكر ؟


راقبتُ وجههُ بينما أنتظرُ أجابتهِ فبدا كأنهُ يُفكر قبل أن يُجيب  : لدي عمل خارج المدينة  .


عضضتُ على شفتي السُفلى و رفعتُ حاجبي الأيسر حينما قاطعتُ طريقهُ فتنهد بقلة حيلة و كفيهِ أستقرتا على خصرهِ ليسأل بضجرٍ كالعادة  : ماذا أيضًا  ؟


أعتقدُ إنهُ يحاول إخفاء شيءٍ عني، حاولت جعل الأمور تبدو طبيعية و أبتسمتُ أبتسامةً عريضة أمام وجههُ المُتهكم  : فقط أريدك أن تتنعَم بجمالِ وجهي ليكون يومك رائعًا مِثلهُ  .


ما أن أكملتُ عبارتي حتى هربتُ راكضاً نحو المرأب ، قبل أن ينطق او يفعل أي شيء لإني لا أُريد تعكير صباحي بمحاضراتهِ الطويلة و المُملة.


سيارتي كانت في المُقدمةِ  لذا أسرعت نحوها لأصعد قبل أن يلحق بي، وضعتُ المفتاح الفضي في مكانهِ وحركتهُ لينطلق صوتُ المُحرك وتبعهُ صوت المكابح حتىخرجت من الباب الكبير المُخصص للسيارات دون أن ألتفت لهُ كي لا تزهق روحي بنظراتهِ الحارقة  .


علي أن أنتهي من عملي بسرعة كي أعود مُبكرًا لأُنسق ليومِ غدٍ، من الجيد أن الحفلة ستحدث بحضورِ عائلة كارمن و عائلة ألياس، هذا سيُضيف شيئًا مِنْ المرحِ.


أتمنى أن أستطيع أسعاد أبي و أمي بهذهِ الحفلة الصغيرة.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


كـــارمــن  :


أصبحَ الأمرُ عادةً مُنذ أن جاءوا عائلة ألياس و عائلتي قبل ثلاثة أيام ، فأغلب الوجبات تكون من أعدادِ جود الذي يُصر هو على طبخِها و تساعدهُ ديلا، بينما أنا أتكفل بغسلِ الصحون وتساعدني ديلا أيضًا، يولاند لا تفعلُ شيء و كل ما طلبت منها تُعطيني نظرة غاضبة تُخبرني بها بإنها لن تُشارك في مُساعدتِنا بشيء لذا أتركها و شأنها كي لا تغضب إضافةً إلى سوءِ مزاجِها مُنذئذ جاءت لهُنا و تلحُ كثيراً بأمرِ العودة لكن عمي جوردن مُتمسك ببقاءِ والديّ، فبالطبع أبي لن يسمح لها بالعودة وحدها، هي ليست صغيرة لكنهُ حريصٌ علينا و يتخوفُ مِنْ حوادِث السير، ونحنُ نحترمُ مشاعرهُ لأنهُ والِدنا في النهاية ويفعلُ ذلك لمصلحتِنا  .


أما جوان فكانت قليلةُ الكلام ولا تتحدث سِوى لآرسلاند الذي بالطبع يُعاملها بلُطفٍ لم أشهدهُ مِنْ قبل، لكنها تنطلقُ بالحديث كثيراً فقط حين يعود كريس مِنْ العمل، رغم إن أغلب كلامِها شِجار  !.


أحيانًا أشكُ بكونِهما بالغين. كُنت أعلم في السابِق إن كريس أحمق و طفولي لكن ليس لتلك الدرجة  !، كأن يركضان خلف بعضِهما وتحدُث مُصارعة في الحديقة أو المطبخ، هذا طفولي جداً  ..


في حينِ إن آرسلاند لم يُكثر الخروج للملعب في الأيام الماضية، رأيتهُ يخرج مع جود مرتين و أحياناً كثيرة يقضي نصف يومهِ بالنوم، لم أعلم كيف كان لقاءهُ مع أبي لأني أنشغلتُ بالبُكاء بسببهِ حينها.


ومنذُ ذلك اليوم أنا أتجنبهُ و أتجنبُ التفكير بهِ، حين نجتمعُ ونجلس معًا كعوائِل، أشعرُ بنظراتهِ نحوي لكني أخشى أن أنظر له، كي لا أتأثر بِعُمقِهما، إلا إن شيئًا يجثمُ على صدري مُنذ تلك اللحظة، كلما أغمضتُ عيني تظهرُ صورتهُ أمامي بكُلِ وضوح، سمارهُ الخافت و شعرهُ الأسود الذي يبدو و كأن ذراتٍ مِنْ اللمعِ قد ألتصقتْ بهِ، و عينيه  ..


المُصيبةُ الأكبر التي لا أستطيعُ نسيانها  !
لونهُن العسلي يتحركُ أمامي كبركٍ مِنْ العسل و نظراتُهن الواثقة و القوية حين يعقدُ حاجبيهِ  ..


حين يُغمضهن و يفتحهُن بعد أن ينفذ صبرهُ و حين يُركز بهن على المسألة، نظراتهُ الغامضة و الباردة و في كثير مِنْ الأحيان تكون مُبهمة، بِهن مُسحة من الحزن و السكون  .


لكن رُبما حين أعود لمنزلي و أبتعد عنهُ لشهور، سيصبح الأمرُ عاديًا بالنسبةِ لي، قد تكون ضجة مشاعري المُتخبطة هو إنني لم أعتد على أجواءٍ كهذهِ مِنْ قبل  .


أستغرقتْ الوقت أُفكر بما سلف بينما أجمع صحون الفطور فوق المغسلة لأغسلهُن، بعد إن جعلتُ ديلا تذهب مع يولاند ليحظين بجلسة عناية، عسى أن يغير هذا مِنْ مزاج يولاند، كريس و آرسلاند خرجا منذُ الصباح وجود ذهب مع عمي جوردن إلى الشركة بعد أنتهاءهُما من تناولِ فطورِهما  . العم ألياس و أبي خرجا معًا ولا أعرف شيئًا عن خُططِهما، اما أمي و خالتي و العمة يوليا فهُن يجلسن بالحديقة ويتبادلن الأحاديث.


شرعتُ بغسلِ الأكواب أولاً و مِنْ بعدِهن صحون الفاكهة، و فجأة سمعتُ صوت تحرك مقبض الباب مِنْ خلفي، فألتفتُ بتلقائيةٍ، توقعتُ أن تكون العمة يوليا أو خالتي تالين، لكني رأيتُ هيئة أخرى جعلتني أقطب حاجبيّ بأستغراب قليلاً ..


نظرت لي ببرود و ملل دون أن تُكلف نفسها عناء رسم أبتسامة صغيرة .. تمامًا مثلهُ  .


لا أعلم ما موقفِها إتجاهي لترمقني بتلك النظرات لكني أتجاهلُ الأمر في كُلِ مرة، إبتسمتُ لها حين تقدمت نحوي و سألتُها بلُطف  : هل تحتاجين لشيء جوان  ؟


نفَتْ برأسِها بهدوء و ردت بصوتٍ هادئٍ أيضًا و راحت عيناها تتنقلان في المكان   : كلا، فقط جِئتُ لأُساعدَكِ بغسل الصحون  .


هذا جعلني أُصدم قليلاً، هي تعرضُ عليّ المساعدة الآن  ؟، تمالكتُ نفسي قبل تظهر ردةِ فعلي على وجهي، فأبتسمتُ لها بأمتنان و لُطف  : شُكرًا لكِ، لكن أنهن قليلات سأُنهيهن بمفردي يمكنكِ أن ترتاحي  .


لكنها رفضت و قالت بإصرار  : لا بأس لنتساعد  .


أستغربتُ أكثر حين بقت مُصرة، إلا إني وافقتُ وطلبت منها ان تشطُف الصحون بعد أن أغسلها وهي وافقت و شرعت بفعلِ ذلك. مرت اللحظات بصمتٍ بليغ، هي لم تتحدَث و أنا لم أُبادر بفتحِ حديثٍ أيضًا.


أنتهينا من غسل الصحون، فلم أشأ إثقالها أكثر لإنها ضيفٌ عِندنا و بأعتباري أسكُن مع عائلة العم جوردن فأكرام ضيوفهم يقعُ على عاتقي،  أمسكت بقطعة القماش لأُجفف الصحون و قلتُ لها بأمتنان  : شُكرًا علة المُساعدة، يُمكنني تجفيفهُن و إعادتهُن لمكانِهن المُخصص بمُفردي  .


رسمت أبتسامةً صغيرة على شفتِها بالكادِ تُرى و أجابت  : لا بأس، ليس لدي شيءٌ لأفعله سأساعدكِ حتى ننتهي مِنْهُن  .


لم أعارضها هذه المرة فقط قدمتُ لها قطعة القماش لتُجففهُن و أنا أضعهن في الرفوف المُخصصة لَهُن  بما إني أعلم مكان كل شيء  .


تنحنت جوان قليلًا من بين صمتنا ثم نظرت لـعيني بينما تضع الصحن المُجفف بيدي  : كـارمن، هل لي بسؤال  ؟


حدقت نحوها بغرابة و ريبة، منذُ البداية أعتقدتُ إنها تحاول قول شيءٍ ما  ، لكن أومأت لها بأبتسامة صغيرة عسى ان تكون هذهِ المحادثة بداية جيدة لكلتانا بعد النظرات الغير مُريحة في السابق  .


وضعتْ قطعة القماش جانبًا و أسندت ظهرها على مغسلةِ الصحون و أخذت تعبثُ بأصابعها الرفيعة دون أن تنظُر لعيني قليلاً، ثم رفعت عينيها نحو و سألت بجدية، ما لم أكن أتوقعهُ  ! : ألستِ نفس الفتاة التي أنتشرت لكِ صورًا مع آرسلاند في الصحيفة قبل شهرين تقريباً  ؟


رمشتُ عدةِ رمشاتٍ بصدمة دون أن أنظر لأي شيء غير وجهِها المُترقب للجواب، لم يسألني أحدٌ عن ذلك قط  !، حتى عائلتي و عائلة آرسلاند أغلقوا الحديث حول الأمر في ساعته  ..


مالذي يجعلُها تسأل سؤالًا كهذا، تسمرت قدماي و تحركت شفتاي بتوتر دون أن أنطق شيئًا، حين لاحظت هي صمتي، عادت لتجفيف آخر صحنين و قالت بلامُبالاة  : لا تُجيبي إذا لم يُعجبكِ السؤال  .


بعد كلماتها حركت رأسي و أستوعبت صدمتي، تحاشيتُ النظر إليها لكني أجبتُها فهو أمرٌ لا يستحقُ الأخفاء حتى : أجل كُنت أنا ، لكن ليس كما تعتقدين فهُناك سوءِ فهمٍ كبير .


لم أستطع رؤية تعابيرها حين أجابت إذا كنت أنظر لرف الصحون وهي تُجفف بالصحن الذي بقى آخر شيء  : و مَنْ قال إنني أعتقدتُ شيئًا، لكن هل حقًا لا تملكين أيُّ مشاعرٍ نحوه  ؟


أرتعش قلبي قليلاً على أثرِ سؤالها، شعرتُ برجفةٍ صغيرة تسيرُ بذراعي و شيءٌ ما ضربَ معدَتي.
مشاعرٌ نحوه ؟، هل حقًا لا أملك ؟ ..


بللتُ شفتي بلساني ثم وقفتُ بإعتدال ونظرتُ نحوها ببعضِ الإنزعاج بسببِ سؤالِها الفضولي، لإني لا أحب أن يتدخل أحدًا في أموري  : أجل لا أملك، لكن لما يهمُكِ الأمر لهذا الحد  ؟


إلتفتتْ لي وهي ترفعُ حاجبها و تبتسم بجانبية بعدما تجاهلت سؤالي و أردفت تسألُ سؤالًا آخر  : إذًا هل كريس هو الذي تحبينهُ مِنْ بين الإثنين  ؟


هُنا شعرتُ بإنها صفعتني كفًا على وجهي بهذا السؤال، فغرتُ فاهي و قطبت بحاجبي بغضب أختلط بدهشةٍ أكبر مِنْ سابِقها  : مِنْ أين خرجتِ بهذا الأستنتاج  ؟


أضطربت ملامحها و بدأت تقرضُ شفتِها و تفرقع أصابعها، أستمريتُ بأعطاءِها ردةُ الفعل تلك و أردفت لها  : لا تستنجي شيئًا دون أن تفهميهِ جيدًا .


بصعوبةٍ حاولتُ أن أُسيطر على نبرتي كي لا تعلو في وجهِها لإنني لا أُريد أن أختلق مشكلةً معها قبل أن أعود لمنزلي و أتخلص من كُلِ هذهِ الضغوط التي يسلطونها عليَّ.


ردةُ فعلها كانت هادِئة جداً، مدتْ شفتها و أومأت دونما كلمة  . أستأذنتُ و خرجتُ مِنْ المطيخ فكنا قد أنهينا تنظيفهُ  .


صعدتُ لغُرفتي و أنا أفكر بما خطبِ هذهِ الفتاة، تقفز الأستنتاجات في رأسها و تُحلل كما يحلو لها، و بأي حقٍ تسألني أسئلةً شخصية كهذهِ !.


دلفتُ للداخل و أخرجتُ ملابسًا مِنْ الخِزانة لأستحم : وراءنا تحضيرٌ طويلٌ ليومِ غد  .


حدثتُ نفسي و أنا فكر حول كيفية التحضير محاولةً تجاهُل تلك المحادثة المُزعجة  .


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


لـيـزا  :


مرَتْ ثلاثةُ أيامٍ مُنذ زيارة أمي و أبي و يولاند لعائلة السيد جوردن، قالوا أنهم حين ينهون أسبوعًا عندهم سيعودون مع كارمن .


في الأمس فك جوليان كُل جبيراتهِ و قال لهُ الطبيب أن بحالةٍ جيدة لكن يحتاج لبعض التمارين الخفيفة ليستطيع المشي بسهولة في المستقبل و أخبره أن لا يتخلى عن حزام الظهر ليتعدل عامودهُ الفقر بعد إن تضرر قليلاً أثناء سقوطهُ  .


أوصاني أيضاً بإعداد بعض الأطعمة له كي تساعده على الشِفاء بسُرعة.


وقفتُ من على السرير ومددتُ ذراعيَّ في الهواء، جوليان كان نائمًا براحة بعد إن فك جبيرتهُ، لم أستطع مقاومة مظهرهُ اللطيف فمددتُ يدي لأُداعب شعرهُ البُني الكثيف، خُصلاتهُ المُموجة مُبعثرة على جبهتهِ، تحرك قليلاً في مكانهِ دون أن يفتح عينيه،
فملتُ بجسدي قليلاً نحوه و همستُ له بصوتٍ لا يُعكر صفو نومهِ  : سأخذ حماماً قبل أن أُعد لك الفطور و نبدأ بتمارينِك  .


لم يُجب لكن علمتُ أنه كان يسمعني لذا سحبتُ نفسي من أمامهِ لأحظى بحمامٍ منعش  ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


لـيـزا :


بعد أن أنهينا فطورنا أخذت جوليان للغُرفة التي خصصناها لعلاجهِ، جعلتهُ يستند علي بينما يحاول أن يمشي بعض الخطوات التي بدت مُتعبة بالنسبة له، ذراعهُ كان يطوقُ كتفي و ذراعي يطوق جذعه كي أسنده، بينما كفي الأيمن يدفع كتفه ليستطيع الأعتدال بوقفه.


أخذت قطراتُ العرق تظهرُ فوق جبينه الذي أصطبغ مع وجههِ باللون الأحمر بسبب الضغط الذي تولده حركة جسده بعد شهورٍ كان لا يمشي بها.


- أسترخي عزيزي.


همستُ له بهدوء كي يكُف عن الضغط على أسنانهِ و يحاول بهدوء، قطب جبينه بأنزعاج بعد أن تعب،فأشار على الكُرسي كي أجلسهُ عليه  ، بالفعل أخذت بيده و حرصت على عدم أفلات جسده حتى وضعتهُ على الكرسي،فأطلق من بين شفتيهِ تنهيدة طويلة ليُتمتم  : كان ذلك مُتعباً  .


رؤيته مُتعب هكذا لا تُريحني أبداً لكن عليّ أن أشجعهُ كي يتخطى هذهِ المرحلة بما أنها حدثت، فلا شيء  سيساعدهُ غير محاولاتهِ.


تأملتُ وجههُ المتهكم قليلاً و رسمتُ أبتسامة دافئة له حتى أنخفضتُ بجسدي لأصبح جالسةً أمام ساقيهِ، أخذت أصابعهُ بين كفي و شددُت عليه  : أعلمُ أن الأمر مُتعب لكن هذا ما يجبُ فعله، عليك أن تضغط على نفسكِ قليلاً الآن لأجل راحتها في المُستقبل، أعلم أنك تفكر أحياناً  بـ ( ماذا لو لم يحدُث هذا  ؟  ) 


رفع عيناه لينظر نحوي بصمتٍ و قد كانتا هادئتين كغابة خضراء في ليلةِ ربيعٍ دافئة، وسعتُ أبتسامتي و أردفتُ مُكملة  :  لكن هذا قد حدث فعلاً، لن تستطيع أعادة الزمن لمنعه ألا أنه بأمكانكَ أن تعالج الأمر الآن، من الجيد أن أنه كان كسرًا بليغًا و ليس شللاً، علينا أن نرى كم حالُنا أفضل دائماً  .
لذا أرجوك جوليان كن قوياً و حاول لأجلِ نفسك أولاً، أنا واثقة بك  .. أنت تستطيع  .


ما أن أنهيتُ حديثي حتى رفع يدي التي كان تمسكُ بيده، وضع قبلة صغيرة على ظهرِ كفي و أبتسم بعذوبةٍ مسحت كل التهكم الذي كان على وجههِ و همس بصوتٍ ثابت  : سأفعل، ثقي بي.


كنت على وشكِ الرد عليه بكلامٍ آخر لولا صوتُ جرس الباب الذي تعالى في البيت، رمشتُ بأستغراب كوننا لم نتوقع زيارة أحد، سحبت يدي من بين يديهِ لأقف وهو طالعني بأستغراب أيضاً قبل أن يسأل  : من سيزورنا اليوم  ؟


نفيتُ برأسي  : لا أحد، دعني أرى  ..


خرجتُ من الغرفة تاركةً جوليان خلفي، رن الجرس مرة أخرى فصحتُ من الداخل  : آتية  . 


فتحتُ الباب لأرى الزائر، فعقدت حاجبيّ بأستغرابٍ أكبر حين رأيتهُ كوني لم أتوقع رؤيته هنا، حدق هو بي بهدوء بينما يخرج كفيه من جيبه ليقول  : مرحباً.


صوت جوليان صدح من الداخل  : من هُناك  ؟


تمالكتُ نفسي و أبعدت ملامح الأستغراب لأبتسم أبتسامة متوترة  : آه، مرحباً آرسلاند، تفضل بالدخول لو سمحت  ؟


أفسحتُ المجال لهُ ليدخل، فأومأ هو بهدوء ليدخل بعد أن سمع صوت جوليان بالداخل ..


-------------------------------------------


رأيكم بعائلة ألياس  ؟


علاقتهم بعائلة آرسي  ؟


محادثة جوان و كارمن  ؟


تصرفات جوان  ؟


ليزا و جوليان  ؟


سبب مجيء آرسي لبيت جوليان  ؟


رأيكم بالبارت بشكل عام 🤭✨


أذا لم تنقذ نفسك بنفسك،
فجميعُ محاولات الآخرين ستُغرقك أكثر  ..

Comment