شريطُ الحُب.


السلام عليكم، شلونكم شخباركم؟ مشتاقة هواي تدرون! طبعاً صار شهرين.. واعرف هواي وهم صارلي كثير ظروف صعبة بس الحمدلله الله معاي دوم ونعم بالله، لاحظت خلال هل فترة تفاعلكم زايد وهلشي جدا فرحني ورغم كلشي شجعني ارجع أكتب.
متصدكون شكد يعنيلي تعليق كل وحده منكم، ممتنة لتشجيعكم ومحبتكم للأبد 💕✨.

البارت كتبته وما نقحته صراحه لذا ممكن تلكون بي أخطاء، بس لأني اريد انزل باسرع وقت، فارجو المعذرة منكم.. محبتي ومودتي لكم 💙.

__________________

كـارمـن:

الجميع مشغول بالتحضير لحفلة الخطوبة الصغيرة التي ستُقام بين العائلتين الليلة، بعدما وافق العم جوردن على جان سيأتي هو وأمه وأبيه لخُطبة ديلا بشكلٍ رسمي.

وهذا يصبُ السعادة في خواطِرنا جميعاً..
بالطبع يولا ستضع لها مستحضرات التجميل وتجهز لها فستاناً بسيطاً وأنيقاً يليق بهذهِ المُناسبة، فكما أسلفت سابقاً هُن يتفقن جيداً مع بعضهن خاصة في أمور التجميل والملابس الأنيقة، لديهن نفس الذوق تقريباً.

أما أنا فأخترت فستانًا زهرياً فاتح اللون وقِماشهُ حريرياً، بأكمامٍ طويلة وطول يصل لما تحت ركبتيّ، صدره محفورٌ بشكلٍ مُربع يكشفُ عظمتي تروقتي، مع أكسسواراتٍ فضية بسيطة عبارة عن عقدٍ صغير بشكل زهرة وخاتمٌ صُنع معه، أضافة لحذاءٍ بنفس لون الفستان.. ورفعت شعري الكستنائي بكعكة صغيرة مُرتبة وأسدلت خصلتين من الأمام.

كُنت أول من انتهت من بين الفتيات، لذا قررتُ النزول للأسفل كي أساعد خالتي والعمة يوليا بترتيب المكان.
أثناء خروجي من بابِ غُرفتي كُنت أفكر أذا آرسلاند جهز نفسه أم لا، في تلك اللحظة فُتِح باب غُرفته!

توتر نبضُ قلبي بينما أبتسم وجهه وهو يخطو ببنطالهِ العسلي ذو اللون الخافت ويطوي كميّ قميصه الأبيض الذي يفتح اول زرين منه..

ويده الأخرى ترتفع لتتخلل خُصلاته التي يبدو أنه جففها بمجفف الشعر الكهربائي، فصارت ناعمة تتطاير بين أصابعه مثل فرو قطٍ بُنيٍ عسلي.

أنها المرة الأولى التي يرتدي بها ملابسًا بألوانٍ هادِئة هكذا، فهذا ما جعلني أحدق به بعيونٍ تكاد تنفضُ نجوماً لامعة، حتى وقف بجانبي ينظر لي بعيونٍ عسلية مقوسة أثر ابتسامته: كُنت أنتظركِ لننزل معاً.

أومأت له ببسمة صغيرة وأنا اجمع كفي مع بعضهن: يليقُ عليك اللون الأبيض كثيراً.

- سأردتيه إلى الأبد إذن~

قال مُمازِحاً فضحكت حينها هدأت تعابيره وحدق بي مطولاً يتفحصُ مظهري بعينيه: أما أنتِ..
فلا أجدُ تعبيراً مناسبًا لوصفكِ، أقل ما أقول، زهرةُ روزٍ صغيرة.

أبتلعت ريقي واصابعي عبثت بالخصلتين النازلتين من الأمام وأنا اتمتم: شكراً لك.

- إذن لننزل معاً، ولا تقلقي لن يشك أحد.
سارع آرسلاند بقول كلماتِها قبلما أعترض، لأنني كنت حقاً على وشكِ الإعتراض لأنني أخشى أن يشك أحدٌ بِنا.. حتى الوقت الحالي لا أريد ان يُكشف أمرنا ~
لكن حقاً من سيشك مثلاً؟ نحن نعيش بمنزلٍ واحد، كما هو الحال لو نزلتُ مع كريس او جود.. بماذا يختلف آرسلاند ليشكوا به.

حاولت بهذهِ الطريقة طردِ كُل الشكوك والمخاوف من رأسي، ونظرت له باسمة الثغر قبلما أخطو بجانبهِ نحو الدرج، حتى وصلنا غُرفة الضيوف.

حيثُ يجتمع الكِبار كُلهم ومعهم جود وجوليان اللذان انتهيا من الأستحمام والتبديل مبكراً، كانت أمي تحملُ آرون بينما ليزا تجهز نفسها.

جوان ليست موجودة أيضًا، كريس كذلك..
بالنسبة لكريس فهو حتماً سيأخذ وقتًا أكثر من ديلا؛ لأنه يُحب الإعتناء بنفسهِ ومظهره كثيراً.

ما أن صرنا داخل المكان أنا وآرس حتى توجهت نحونا أغلب الأنظار، مما جعلني أبتلع ريقي بتوترٍ أكبر.. حينها كانت العمة يوليا تجلس بين أمي وخالتي تالين.. فنظرت لنا ببسمةٍ عابثة ثم همست لهن شيئاً.

جود أشار لآرسلاند بعينيه حتى يتحرك من خلفي، فراح يخطو نحو جود بكل ثقة وبدون أي قلقٍ أو توترٍ واضحٍ على وجهه.. تبًا، كيف يمكنه الصمود هكذا؟!

بينما انا تحركت بخطواتٍ صغيرة نحو الخالة تالين لأسألها: هل هُناك شيءٌ بحاجة للترتيب أو التجهيز؟

- كلا أبنتي، كل شيء جاهز فقط ننتظر ديلا لتنتهي من تجهيز نفسها.

أومات لها بهدوء وأخذت عيناي تُطالع المكان بدقة؛ احاول التأكد من تمامِ كل شيء بنفسي ابتداءً من الطاولة الصغيرة التي زيناها بشرشفٍ من الدانتيل الأبيض ثم وضعنا سلة من أزهار الأوركيد البيضاء عليها، حتى ترتيب الأرآئك.. وكل شيء كان مثالي، لكن صدفةً وقعت عيناي على جوليان فرأيته ينظر لي ببسمةٍ صغيرة، تلقائياً أبتسمت فقال هو: هذا الفستان يناسبكِ كثيراً.

قبل أن أرد تدخلت الغمة يوليا لتقول: أنها جميلة، كل أنواع الملابس تليق بها.

أتسعت أبتسامتي بخجل وتمتمت بصوتٍ منخفض: شكراً لكم.

حينها رفعت عيني نحو آرسلاند بتلقائية..
أردت رؤية وجهه بتلك اللحظة، لأنني بشكلٍ مباشر وغير مباشر عندما أشعر بشيءٍ مهما كانت ماهيته..
حُزنٌ أو فرح أو أنزعاج أو بهجة.. في كل الحالات أجد عيناي تُفتش عن عيناه، لأن شيئًا دافئاً يترقرق مع عسليتيه الواسعتين.. شيءٌ يعطيني شعورًا بالأمان، بأمتداد الوقت المليء بنسماتٍ وردية اللون.
لهذا روحي تألفُ عناق روحه بكُل وقتٍ، تألفُ رؤيته يركز معي، وينظر لي بعمق.. بهذه الطريقة الهادئة المُحببة، حينها نشعر وكأن لا أحدًا معنا.. وكأننا وحدنا في هذا المكان والزمان.
لكن في النهاية أشحتُ عنه بخجلٍ عندما أطال هو النظر لي بينما الجميع متواجدٌ حولنا.

_____________

جـوان:

كنتُ أعتقد أن الأمر مجرد لقاء بين العائلتين لكن لأن عائلة جان ستسافر، قرروا أقامة حفلة خطوبة صغيرة مع عائلة خالي.

لذا جهزتُ نفسي بشكلٍ بسيطٍ جداً، وأصرت أمي عليّ كي أرتدي شيئاً من فساتيني بدلاً من البنطال والقميص.. كانت مُلحةً جداً بطلبها، ولكي لا أستمر بالنقاش اكثر وافقت وأخترت فستاناً ذو لونٍ نيلي داكن بأكمامٍ طويلة وكلاسيكة عريضة من عند المرفق، بينما هو ضيقٌ بالكامل ويصل تحت ركبتي قليلاً، لكن عيبه الوحيد أن سحابه من الخلف..

لكن ليس لدي شيئًا أرتاح به غيره، لذا أرتديته بعدما وضعت القليل من مستحضرات التجميل البسيطة جداً، فأنا لست العروس في النهاية~

وها أنا ذا قد علقت مع سحابه، كما يبدو أن وزني قد زاد هذه الأيام لذا حتى وأنا أمد يدي خلف لظهري لأسحب السحاب، أفشلُ فشلاً ذريعا..

آخر مرة ارتديته لم أضطر لفتح سحابه بالكامل كي لا يرهقني أغلاقه، أما الآن فدخوله بجسدي صعبٌ إذا لم أفتحه بالكامل، تقريباً تصلُ فتحتة السحاب لمنتصفِ ظهري.

ديلا تتجهز حالياً ويولاند معها، وهاتفي قد تركته في الأسفل لا يمكنني حتى الإتصال بأمي! اصابني الأمر بحيرةٍ كبيرة وصرتُ آخذ الغرفة مشياً نحو اليمين ونحو الشِمال بتوتر وأنا أنفثُ أنفاسي الثقيلة بإنزعاج.

فجأة خطر لي رُبما كارمن في غُرفتها!
إذا ناديتُ عليها من فتحةٍ صغيرة من خلال الباب رُبما تسمعني وتأتي، وبالفعل توجهت نحو الباب لأفتحه قليلاً ولا أخرجُ منه سوى رأسي وناديت بصوتٍ مسموع بأسمِ كارمن علها تسمع وتأتي..

لكن وبعد عدة نداءات لم تخرج! ربما قد نزلت للطابق السُفلي.. تباً.
إلا أن من خرج من غرفته كان كريس! ويبدو أنه الوحيد من الشباب في الطابق العلوي، بلا شك فهو أكثر شخصٍ يستغرق وقتاً للعناية بمظهره~
حينها نظر نحوي بتساؤول بينما أصابعه ارتفعت عن مقبض باب غرفته بعدئذ أغلقه، وقام يقترب مني..

حينها جمدت تعابيري وصارت فارغة تماماً وأنا أحاول ألا أبد بمظهر الفاغرة فاهها ببلاهة على مظهره المثالي، لكنه سأل رافعا حاجبيه بأستغراب: ما بك؟ لما تُنادين كارمن من هنا؟ أذهبي وأطرقي الباب ببساطة!

يتحدثُ ببساطة شديدة~
لا يعلم أنني في مأزق يجعلني متوترة وغاضبة بذات الوقت، فتنهد بإنزعاجٍ أتضح على تعابيري سريعاً: أحتاجها كي تغلق لي سحاب فُستاني، لأنني لم أستطع أغلاقه بنفسي.

عبرتُ بضجرٍ دونما أنظر نحوه لأنني مُحرجة منه في هذه اللحظة، ثم رفعت عيني نحوه لأطلب منه: فهلا طرقت بابها لتأتي وتساعدني.

مد شفتيه يحدق نحو باب غرفة كارمن ثم نحو شاشة هاتفه: لا أعتقد أنها في غُرفتها لأنها سريعة بتجهيز نفسها~

نفخت وجهي ثم نفثت أنفاسي بيأس: حسناً.

أوشكت أن أغلق الباب وأدخل لأغير الفستان لكن باغتتني يده التي أمسكت بالباب سريعاً: دعيني أساعدكِ بأغلاقه.

عرض علي بنبرة حملت كل البساطة واللُطف، لكن نبض قلبي صار في حُنجرتي ويدي أرتجفت للحظة.. حاولت قول كلمة ممانعة لكن فكي تشنج والكلمات علقت في حلقي، فحين لم يسمع ممانعتي ولم يرى مقاومتي دفع الباب بلُطفٍ ودخل ليُقابلني بوجهه الأبيض، الذي تزين بذقنٍ أشقرٍ خفيف..
عيناي علقتا في بحورِ الزُرقة السماوية في عينيه، بينما هو كان بكامل عفويته وسيطرته عندما أمسك بكتفي ليلُف جسدي حتى يصيرُ ظهري مُقابلاً له، في تلك اللحظة صرتُ تمثالاً جامداً وكأنني نسيت كيف أتصرف أو اتحرك حتى شعرتُ بأصابعه الباردة تلمسُ بشرة ظهري الدافئة، فسرتْ قشعريرةً سريعة على كامل ظهري.. حينها أنتفضت بشرتي بخفةٍ تحت لمساتهِ وقلبي تسارع بدق نبضاته، وأنا أشعرُ به يقفُ خلفي من هذا القُرب الكبير! لو تراجعت بكتفي للخلفِ قليلاً للامستُ صدره المُلتحفُ بقميصٍ سماويٍ مُنعشُ اللونِ كحُدقتيه.

كان يجمعُ طرفيّ الفُستان بتركيز لاحظتهُ عندما سمعتُ صوت أنفاسهُ المُنتظمة بجانب أذني وهي تلفحني بطريقة هادئة تجعلُ كياني يسيطر على تماسكهُ بصعوبةٍ..

فمرتْ تلك الدقيقة وكأنها دهرٌ طويلٌ على كُلٍ من خافقي وجسدي الذي أوشك أن يَرتخي بأستسلامٍ تحت لمساته.. وما أربكني أكثر هو سكونهُ خلفي..
الهدوء الغريب له عندما أنتهى من أغلاق السحاب، وكنتُ أنا مُخدرة بالكامل لولا أذ أسعفني وعيّ لأبتعد بسرعة وألتفتُ له، حتى تتشابكُ نظرتي المُرتبكة بنظراتٍ هادِئة وساكنة كسماءٍ صيفية من عينيه.

رسمتُ أبتسامة سريعة أخفي بها توتري وأزدرد ريقي، أحاول كسر الهدوء الغريب بينما أدور حول نفسي واسأله: والآن كيف أبدو؟

تفحصني بنظراتهِ كمُصممٍ مُحترف وهو يبتسم بجانبية ثم يغمز عابثاً ويشير بأصبعه لي: مثالية~

لا أنكرُ السعادة التي تفاقمت بداخلي أثر هذهِ الكلمة ولم أستطع أخفاء البسمة الصغيرة التي ظهرت على مُحياي، بعدها بادر هو بالسؤال: ماذا عني؟

أشار لنفسه، مُحدقاً نحوي بأبتسامةٍ واثقة يعلم أنه يبدو جميلا ويريدني أن امدحه لكنني لويت شفتي وقلت لأعبث معه قليلاً: نوعاً ما.. جيد~

رمش ببلاهة بالبداية على كلامي، وبالكاد تمسكتُ بتعابيري الباردة كي لا أضحك بينما اسمعه يتذمر بجدية: جيد؟! وماذا كنت أتوقع من محاسبة بائسة لا تعرفُ شيئاً عن الاناقة والجمال!

عدل خُصلاته الشقراء العسلية بلُطف وتنهد: لا يهم، أعرف كم أنا رائع، أخشى أن يقع جان بحُبي ويتخلى عن ديلا الليلة.

قلبت مُقلتي بضجر وضربت كتفي بكتفه: كفاك أحلاماً سخيفة، هيا لننزل.

- تحاول قتل ثقتي بنفسي بيأس.
تمتم بسخرية وتجاوزني؛ ليمشي أمامي نحو الدرج.

_________________

جـــــود:

الجميع مُتحمسون لرؤية ديلا عندما ستنزل، وأنا الوحيد المُتحمس بصمت لرؤية يولاند..
منذُ أن غبتُ عنها وقلبي مُتلهفٌ لضمِها في كُلِ مرة، فالفرُص التي أوتيحت لي للأنفراد بها كانت ضيقة جداً حتى أنني أستطع اخبارها بكل شيء.. وكم كانت هي حاضرة في جميع لحظاتي، وكم مرة تمسكتُ بالحياة لأجلِها.

وبينما انا جالسٌ مع الشباب، وسط ضجيج جوليان وكريس ونظرات آرسلاند الضجرة بينهما، ومناقشات الكبار وصوت آرون وأجواء أمي الصاخبة.. أطلت هي!

بفُستانٍ أخضرٍ قاتم يلفُ جسدها الأنثوي بكُلِ أناقة عندما تمشي نحو الأمام بخطواتٍ رزنة بكعبها الفضي، تُقبل نحونا باسمة الوجه يُحيط بها رونق الجمال من كل صوبٍ وهي تُرتب خصُلاتٌ داكنة من البُن تنسدل على كتفيها، بينما تقود ديلا من ذِراعها.

لكن تركيزي كُله صُبَ عليها، فناظرتني بطرفِ عينها وتبسمت بثقةٍ ثم أشاحت نحو الجالسين الذين بدأوا بمدحِ مظهر ديلا التي حقاً كانت جميلة بفستانٍ أحمرٍ قصير وتسريحةٌ بسيطة بشعرها الذهبي، كان هذا كله من عمل يولا.. ابتداءً من اختيار الفستان إلى المكياج وتصفيف الشعر، وفوق جمال ديلا لمساتُ يولا زادتها جمالاً.. فخورٌ بهذهِ الحبيبة المُبدعة.

لكن للأسف لم يدمُ تأملي لها طويلا إذ أعلن جرس الباب عن وصول جان وعائلته، فكان يجب على ديلا وعائلتها أستقبالهم عند الباب، لذا خرجت كُل من خالي وزوجته وأبناءه لإستقبالهم بينما وقفنا نحن بتأهبٍ في غُرفة الضيوف للترحيب بهم.

بالطبع لم أفوت فرصة التصرف بعفوية كي اقف بجانب يولاند، والتي أستطاع عطرُها الانثوي التسرب نحوي برقة جعلت قلبي يتلهفُ لها أكثر من ذي قبل، فأستغليت اللحظة التي دخل بها جان مع والديه ومن خلفه عائلة خالي، لأهمس لها بعدما تأكدت من أنشغال الجميع: كُل هذا الحُسن تملكين؟! رفقاً بقلبي.

بنصفِ التفاتةٍ صغيرة ادارت رأسها نحوي وشعرت حينها بتصلب كتفيها أمامي، لكنها أقتربت لينبض قلبي لقربها وعطرها وهمست لي بينما تحني رأسها للوراء قليلاً: وهل تراه وقتاً مُناسبًا لجعلي أتوتر الآن؟

كبتُ ضحكتي مُتجاهلاً الأصوات المُحيطة لأرد لها: إذن أخرجي وسألحقك.

أردتُ رؤيتها بتفاصيلها الرقيقة عن قُربٍ أكثر، بمكانٍ ذو مساحةٍ أكبر.. يخلو من الجميع.. عدا نحن الأثنين؛ ليتسنى لي الغرق في البركةِ الزُمردية الداكنة لعينيها، لكنها وبختني قائلة: لا تكن مجنوناً، نحن في خطوبة ديلا الآن.. أبنة خالك وصديقتي!

نبرتها كانت جادة وهي تذكرني بعدئذ نسيتُ تماماً كُل ما حولي، فابتلعت ريقي وبللت شفتي لأقف باعتدالٍ وأحاول سحب عقلي من يولا بصعوبة كي أركز بما يتحدث به الآخرين.

____________________

يـولانـد:

ديلا بدَت مثل دُمية فرنسية أنيقة بفستانِها الأحمر القصير الذي يضيقُ من عند خصرها ويتسعُ من الأسفل مثل قبةٍ صغيرة، كما أنه يكشفُ نحرها بوضوح مع عنقها، فظنتتُ أن تسريحة بسيطة أرفعُ بها شعرها ستبدو مُناسبة أكثر مع الفستان ومناسبته~

كما أنها جميلة حقاً وملامحُها رقيقة ونقية، لا تحتاجُ إلى الكثير من مستحضرات التجميل، فقط القليل أضاف لرونقها رونقاً لامعاً أكثر.

لاحظتُ نظرات جان عليها تكاد تأكُلها وكُلٌ من والديه يبدوان سعيدين بها، فأمه لم تنفك عن الأبتسام وهي تنظر لديلا بسعادة.. وبصراحة من حقها ذلك، فديلا مكسبٌ عظيم~

وعندما جلست بجانبه وهو يرتدي بذلته السوداء الأنيقة وربطة عنقه الاحمراء بدا تناسقهما جميلاً ورائعاً حقاً، يليقان ببعضهما كثيرا.

لكن الفقرة الأجمل والتي تحمستُ لها كثيراً هي عندما حان موعد تقديم القهوة من يد العروس للعريس~

خرجت ديلا وتبعناها نحن، أنا وكارمن وجوان.
كنت أشدهن حماساً لوضع الملح في قهوته، فتقدمتُ بجانبها لأقول بحماس: أتوق لرؤية تعابيره وهو يتجرعُ القهوة المالحة~

حدقت نحوي بصمت ثم أطرقت بنظرها لتقول بنبرة حزينة: لكن.. أخشى أن يشعر بالغثيان!

تكتفت وأنا أقلبُ عيناي بضجر: آه، هل بدأنا باللطف الزائد منذُ الآن؟

- ليس كذلك، لكن..
كادت تُبرر لكن قاطعها سؤال جوان: وهل وضع الملح بدل السُكر شيءٌ ضروري؟

أقتربت منها أعدل خصلاتها القصيرة لأُجيب بثقة: طبعاً عزيزتي، الرجال لا يجب أن يشعروا بالأمان دائما، أنقلابٌ صغير منذُ البداية لا ضير به~

دفعتني كارمن من كتفي: دعي هذهِ الترهات على جنب، لا داعي لقلب معدة الرجل بقهوة مالحة، هو يحبها كثيراً فلا تحتاجُ إلى أي انقلاب.

دفعت يدها عني واعدت شعري للوراء: نعم ولأنه يحبها سيشربها ~

في ذلك الوقت جهزت القهوة ولم يبقى سوى وضعها في الفناجين التي جهزناهن مُسبقا، حينها شددت على يد ديلا مُأكدةً عليها: دعكِ من كارمن، وضعي الملح في قهوته.

- حسناً، حسناً سأضعه.
قالت ديلا بنفاذ صبرٍ بينما رمقتني كارمن بضجر وجوان لم تبدي أي ردة فعل، اما أنا فتشوقت كثيراً حتى أنتهت من سكب القهوة في الفناجين وحملتهُن في صينيةٍ  ذهبيةُ الزخرفة.

تبعناها نحن حتى وصلنا غرفة الضيوف، فبدأت تنحني هي لتقدم القهوة لجان أولاً ثم والديه ثم باقي الكبار.

كنتُ أجلسُ مع الفتيات على أريكة تسعنا نحن الثلاثة، بينما ديلا جلست بجانبِ جان بإبتسامة متوترة، وجوان وكارمن ترقبن فنجان القهوة وهو يرتفع باصابع جان، أما أنا فتبسمتُ بخُبثٍ لحظتها حتى رأيته يرتشف أول رشفة تحت أنظارنا الممزوجة بين حماسٍ وتوتر، لكنه أبتلعها مُجعداً تعابيره.

حينها لم أستطع كبت أبتسامة الشر التي برزت برؤيته وهو يطالع ديلا بنظرات عتابٍ لطيفة، يبدو أن الكبار لاحظوا تعابيره فأخذوا يضحكون بينما هو بالكاد تجرع رشفتين آخريتين حتى اوقفته ديلا وهي تنبسُ له ببسمة: لا بأس.

فسُرعان ما أخذ كأس الماء ليشربه ويتنهد براحة بعدما صار وجهه محتقنناً بالدماء أثر أجباره لنفسه على شرب هذه القهوة المروعة، حينها صدفة تلاقت انظاري مع جود الذي حدق بي بنظراتٍ ضيقة يجوبها الشك.. كأنه اكتشف أنها فكرتي، كبتُ ضحكتي وأشحتُ عنه بأبتسامة مُجاكرة وعابثة بينما أعدل شعري للوراء.

وانقضى وقت شُربِ القهوة سريعاً بين الأحاديث والضحك، لنصل للمرحلة الأخيرة وهي تلبيسُ الخواتم.

حينها أخرجت أم جان عُلبة حمراء داكنة لتضعها على الطاولة المزينة بعدما فتحتها، لتكشف عن خاتمين للعريسين مَربطوين بشريطٍ أحمر..

هذا الشريط يُعبر لونه عن الحُب ويُعتقد أن ربط الخواتم به سيجعل رابط العريس وعروسته أقوى ويتكلل أرتباطهم بالحُب المديد.

وقفنا جميعا مع ديلا وجان الذي بدت السعادة تنهمرُ من خضراويتيه الباهتتين بينما ديلا تبتسم بأتساعٍ يفضحُ مدى سعادتها، لاحظتُ كيف أرتجفت يد جان وهو يضع الخاتم بأصبعها وكيف حصرت هي دموع تأثرها من السقوط عندما وضعت خاتمه في أصبعه.

في مشهدٍ مؤثر، مليءٌ بالصمت والتأمل والحُل للحظاتٍ أعقبها صوتُ التصفيق والمُباركات، حينها تقدم والد جان ليحمل المقص الصغير ويقطع به الخيط الأحمر.. فانحيا ليقبلا يده وهو يتمتم لهما بالمباركات، بعدها قبلوا أيادي أبائهم وامهاتهم واخذوا المُباركات والتهنئة من الكبار.

ونحن كنا نقفُ على جنبٍ تغمرُنا سعادة عظيمة لرؤية ديلا سعيدة مع الرجل الذي تحبهُ، وهذا الموقف جعلني أُفكر، هل سيأتي اليوم الذي سأعيش به هذا الشعور مع جان؟

اطرقت بانظاري دون وجهة محددة وقد أستغرقتُ في شرودي وسط ضجيج العائلة وأنشغالهم، لم أستفق حتى شعرتُ بلمسةٍ صغيرة على أصابعي لأرفع عيني وأرى جود يحملُ صينية الفناجين الفارغة، فتمتم لي: أجمعي صحون الحلوى والحقي بي، سأكون في المطبخ.

خرج هو، وفعلت أنا ما طلبه مني إذ جمعتُ الصحون ولحقتُ به، كانت فرصة جيدة لخوض حديثٍ وجهاً لوجه بما إن الجميع مشغولون بديلا وجان.

دخلتُ المطبخ وعيناي تبحثُ عنه، تلقائياً رأيته يستندُ على حافة الميز المُلحق برف الصحون، فتوجهت نحوه ووضعت الصحون جانبًا.. لكنه ابتسم مباشرة بلباقةٍ تُزين وجهه الأسمر ذو الذقن الخفيف.

بادلتهُ الأبتسام بدون سبب.. وهل احتاجُ سببًا أصلاً اكثر من رؤيته بخير امامي؟ هذا يعني لي الكثير فعلاً..

عودتهُ لي سالمًا بنفس القلب المُحب، بل وأشد حُبا وصدقاً! فأنا مُمتنة لوجوده حقاً.

لكن يده التي جذبتني من يدي قاطعت تأملي له، وقربتني نحوه أكثر حتى صار جسدي بين ساقيه الذان يفرقهما بعفوية وفخامة بينما يستند.

شعرتُ بأصابعه تعدلُ خُصلات من الخلف ثم تتسلل بنعومةٍ على ظهري حتى تحتضن يده خصري، وأقتربُ له أكثر.. عيناه الداكنتان بظلمةٍ هادئة جذببني لأنظر بهن بابتسامة شاردة..

يداه حاوطتا جسدي بالكامل، ليحبسني بين ذراعيه قاضياً على وجود كل شيءٍ حولي إلا إياه..

فصار عطرهُ هو الهواء الذي يتخلخل انفاسي، ولمساته تُذيب قوتي حتى أرتخيت بين يديه فرفعت يدي لأحيطهن بعنقه اتلمسُ أطراف شعره الذي يتموج بين يدي بنعومة، بقى يُطالعني مطولا بتأمل فضحكت وأنزلت عيني بخجل: لا تحدق هكذا.

قلتها باحراجٍ وأنا اضحك، فشد هو على خصري أكثر وهمهم يميلُ برأسه: القطة المتوحشة صارت تخجلُ مني بدلا من أن تجرحني بخرمشاتِها.

ملت بجسدي بدلالٍ عليه واصابعي عبثت بياقته: يمكنني أن اكون الأثنين متى شئت~

- لا أشكُ بقُدرات حبيبتي.
قالها بثقة وهو يدنو بوجهه من وجهي، فتسري بي قشعريرة ريثما لامس ذقنهُ خدي وانفاسه ضربت أذني قبل أن يأخذ أنفاسه من جانب عنقي وخصلاتي المُنسدلة على كتفي.

الحرارة التي بُثت بي ضغطت على صدري وأثقلت انفاسي حتى أمسكت بذراعه بتشبث كي لا أرتخي اكثر، لكنه كان كلما شعر بتثاقل جسدي يجذبني له اكثر ويسندني بيديه، رغم جنونية اللحظة واشتداد الشعور وجماله.. لكن به نوعٌ من الألم الذي يغزو الصدر وكأن لا دواء لهذا الألم ألا لو وضعته في قلبي بالكامل، للحظات غاب كل شيء عن عقلي وعالمي وفقدت قوتي بين ذراعيه بينما هو يستمر بدفن أنفه بين خُصلاتي.. ربما نسى أين نحن الآن إلا أنني ولحُسن الحظ أدركت الموقف فسحبتُ نفسي ببطءٍ أبعد جسدي عنه قليلاً لأقابله بوجهي: أريد ضمك في صدري كثيراً، لا أعلم كيف سأفارقك غدا.. حتى أنني لا أشعر بالأكتفاء من النظر لوجهك، ولا ازالُ أريد تعويضك عن كل الأذى الذي..

لم أكد اكمل عابرتي حتى وضع أصبعه على فمي ليوقفني: لم تسببي لي أي أذى، بالعكس تماماً أنتِ أملي الذي أردت عيش الحياة به.

اشحت بنظراتي نحو الأسفل  ببعض الأسى عندما تذكرت كيف صددتهُ في الماضي، لكنه عاد يرفع رأسي ليحدق عميقا في عيني: أنتِ حقاً كل شيء بالنسبة لي، رؤيتك الآن بهذا القُرب.. والقدرة على لمسكِ وأستنشاقِ عطرك والتدقيق في تعابيرك الرقيقة، والشعور بنبضاتك معي ونظراتك علي.. هذا فوزي العظيم الذي أفرح بتحقيقه في حياتي.

مع كل كلمة خرجت من فمه نبض قلبي أقوى، وأرتعشت شفتاي بمحاولة قول شيءٍ ما لكنني لم أقوى امام هذه الكلمات التي لم اتوقع سماعها بهذا الصدق يوماً! المُميز به دون غيره.. هو أنه يستطيع الوصول لقلبي بصدق كل ما يفعله، مهما كان.. يعرف كيف يضعُ قلبه في الأشياء التي يمنحها لمن يُحب، وهذا ما يجعلني أحبهُ أكثر! انه يستحقُ حُبي وكل عواطفي.. ولا أعتقد ولو أقل أعتقاد أنني سأندم على أختياره يوماً.

بعدما رأى تأثري في نظراتي ابتسم بهدوءٍ عذب وهو يرتب خصلاتي ويداعب وجناتي بأصابعه، ثم يقول هامساً: ولدي مفاجأة لكِ~

رفعت خضراويتي نحوه بتساؤول رغم أن عقلي لا يزال عند تلك الكلمات، فأردف مجيباً: أبنة خالة أمي وخالي تعيش في أحدى القُرى الريفية، فأتفقت مع خالي وأبي وأبيك بأن نذهب نحن الشباب في رحلة بمفردنا للريف.

فغرت فاهي بصدمة: وهل وافق أبي؟

أومأ ببسمة صغيرة، فشهقت بسعادة! هذا يعني أنني سأراه لوقتٍ أطول! لم أفكر بأي شي في هذه اللحظة سوى أن أعانقه.. أعانقه بقوة حتى يرتوي صدري بهذا العناق وأنا أشعرُ بجسده يلتحمُ مع جسدي، ونبضاته فوق نبضاتي وكل شيءٍ يختفي.. سوانا لأهمس له بكل ما حمل قلبي من الصدق والحُب: أُحبك جود.

____________________

اكثر مشهد حبيتو؟

أكثر كويل حبيتو؟

تطور العلاقات؟

لمنو تردون أكثر مشاهد؟

توقعاتكم للقادم بعلاقة كريس جوان؟

‏"يا ربّ وأرجو أن يظلّ هذا القلب مستشعراً فضلك، شاكراً لأنعمك، مبصراً توفيقك وحدك في كل انتصار وفلاح، وألّا تغيب عنه يومًا حقيقة ضعفه وحيداً دون معيتك" ❤.

Comment