عودة صغيرة إلى الماضي.



السلام عليكم 🌝🌸
شلونكم؟ بإذن الله كلكم بخير، ومشتاقتلكم هواي 🥺💖. اعذروني على التقصير بس الدوام 😩🤦🏽‍♀️ المهم ح أكون دائماً حريصة على التنزيل السريع بس أريد تشجعوني🌚🔥🔥شكد متكدرون واريد تتفاعلون زين 👀💗. صح أني بكل الأحوال راح أكمل الرواية لأن كلش أحبها بس يسعدني تشجيعكم وكلامكم هواي، فاتمنى ما تبخلون بتعليق حلو او تصويت🥺✨. اذا عندكم اصدقاء يقرأون روايات أرسلولهم الرواية بلكت تعجبهم ✨
واعذروني على الأطالة 🌚✨



- عذراً لو تواجد أي خطأ في البارت، قراءة مُمتعة للجميع- 💙


------------------


كــريـس:


كُنا نجتمع عند الباب المؤدي للخارج، وعلى جانبي تقفُ ديلا محاولة كبت أبتسامتها التي رأيتها تظهر على وجهها بسعادة بين الحين والآخر عندما تحدق بجان.. أشحتُ عنها في الوقت الحالي وأعطيتُ تركيزي لجان الواقف عند عُتبة الباب، مُتأهباً للخروج مع سوزي. رسمتُ أبتسامةً واسعة له وأنا أمدُ يدي لأصافحه قبلما يُغاد: كانت سهرةً جميلة، جان.


- شُكراً لكم جميعاً على حُسنِ ضيافتِكم لنا.
أوما لنا جميعاً، مُردداً عبارات الشُكر والأمتنان. سحبتُ يدي فتقدم آرسلاند ليُصافحه.. لكن شعرت أن يد آرسلاند قبضت على يد جان بقوة بعض الشيء؟ من تعابير جان التي حاولت ألا يتملكها التبلُد، إلا أن آرسلاند أرخى قبضته قليلاً قبلما يسحب يده وأبتسم أبتسامةً شُبه جانبية، بينما عيناه على وشكِ أن يثقُبا جان المسكين.. تمتم له بنبرة مُبتهجة تحملُ بعض اللُطف.. وأخيراً: أعتقد أن لقاءاتنا ستزيد مع مرور الأيام.. أتمنى بقائك بصحة جيدة حتى ذلك الوقت.


بادله جان الأبتسامة بثقة.. وهذا ما اثار اعجابي بشخصيته. رغم علمهِ بمُراقبتنا له وغايتنا الأ إنهُ تحمل وأستقبل كُل ذلك بهدوء وحكمة، أجاب في النهاية: أتمنى ذلك أيضاً.. سيُسعدني حقاً.


هُنا راقبتُ نظراته، كُنت أعلم أنه سينظر لديلا في نهاية حديثه وبالفعل قام بذلك~ وبالطبع هي أبتسمت، فوكزتُها بمرفقي كي لا تتصرف بدرامية هكذا أمامنا. ودعنا جان جميعاً هو وصديقته سوزي التي منحت ديلا عناقا قبلما تذهب، وهكذا ذهب الأثنان وبقينا نحن نحدق ببعضنا.


رمقنا آرسلاند بطرف عينه بإزدراء ثم تركنا وذهب مُتجهاً لغُرفةِ المعيشة، لويت شفتي وأنا أنظر له بنفس الطريقة المُزدرية.. بينما الفتيات حدقن بنا بملل وذهبن نحو الغُرفة أيضاً، في حين هز جود يده بسُخرية وتركني وحدي عند الباب فلحقتُ به. حتى دخلنا غُرفة المعيشة حيث كان الجميع يجلس على الآرائك بتعب. ضربت كتف جود مُمازحاً أياه: ما رأيك بحبيب ديلا؟


لم يُجب بالبداية حتى، أتخذ جلسةً مُريحة على الأريكة ليضع قدماً فوق الأُخرى، ثم يثني ظهره للأمام، ويده تحت ذقنه بينما يُحدق نحو ديلا التي أرتبكت واحتقن وجهه بنظراتٍ ضيقة: هل تُحبينه لأنه جميل؟


الكلمات خرجت منها مُتبعثرة الحروف، تعلثمت وهي تقول: مـ.. مـ.. ـاذ؟


دفعتُ جوان بيدي من جانب ديلا لأجلس انا، رغم أنني تلقيت ضربة خسفت ظهري لكن لا بأس ساحفظ على كبريائي كرجل ولن أنظر نحو هذه المتوحشة.
طوقتُ عُنق ديلا بذراعي وأبتسمت بخُبث: لا بأس، الجميع يعلم على كُل حال.. فقط جود المسكين لولا ذكاءه لما أكتشف.


نظرت لي بعيون الجراء المتوترة، أعتقد إنها تخافُ من رفضِنا لجان. تنهدتُ لأُهمهم قليلاً: في الحقيقة كان شاباً لطيفاً، أعتقد علينا أن نُدبر له لقاءًا مع والدينا بما أنه يُخطط لعرض الزواج؟


وجهتُ حديثي لآرسلاند، لكن ألتزم الصمت وراح يشردُ في الطاولة التي بجانب الأريكة كأنه يُفكر بعمق قبل أن يُجيب: لنُفكر قليلاً بعد.


حينها ألتزمتُ أنا الصمت، وخطفت نظرة خاطفة نحو ديلا.. كانت تضم يديها بحجرها وتقضم شفتيها. ربتُ على كتفها بخفة كي تطمئن، همستُ لها بصوتٍ مُنخفض: لا تقلقي.


أبتسمت لي بهدوء ثم هزت رأسها بأيماءة صغيرة، فبعثرت شعرها بلُطف كي أُمازحها. أستوقفنا طلب آرسلاند المُفاجئ حين قال: لنحدث، ديلا.


فهمتُ أنه يُريد التحدث معها عن جان وعن قرارها بشأن علاقتهما، لذا أبتسمت لها وأشرت بعيناي لها كي لا ترتبك. واثقٌ أن آرسلاند سيتصرف بشكلٍ جيدٍ معها؛ فلم أشعر بالقلق حيال الأمر.


تذكرتُ أنني مُتعبٌ من العمل والأندماج مع الضيوف اليوم، حتى أن عظامي تصرخ في جسدي من التعب~
وبدأتُ أشعُر بالنُعاس، بعدما باغتني التثاؤب. أستأذنتُ وأنسحبتُ مُتجهاً لغُرفتي وكذلك فعل الآخرين واحداً تلو الآخر؛ ليبقى آرسلاند وديلا بمفردهما فقط.


______________________________


يـولـانـد:


أخذ الجميع بالأنسحاب من الغُرفة، فقمتُ أنا مُتجهةً للمطبخ قبل أن أصعد.. فمن عاداتي وضع قنينة مياه قُربي قبل النوم؛ لأشرب منها عندما أستيقظُ عطشة في مُنتصف الليل. كان جود الشخص الأخير الذي بقى مع ديلا وآرسلاند، ناظرتهُ بإنزعاج عندما تذكرت كيف تعرضتُ للحصر النفسي من قبل كارمن بسببه. لاحظ هو نظراتي فرفع لي حاجباً بإستفهام وتجاهلتهُ لأدخل المَطبخ.


أخرجتُ عُلبة المياه وعندما كنتُ على وشكِ الخروج من الباب، يدُ أمتدت أمامي لتقطع عليَّ الطريق.
تشنجتُ في مكاني وأبعدتُ رأسي للوراء، إلى إن ألتَفتُ نحو صاحبها وكما توقعت عندما وقعت عيني عليها أول مرة.. ذراع سمراء وعروق بارزة تُزينها، ذراع جود.


أحتدتْ نظراتي وأصتكت أسناني بغضب، كنتُ أخبره من خلال تعابيري أن يبتعد لكنه أفلت يده ووقف أمامي مُباشرةً من مسافة قصيرة، كأنه جبلٌ يحجب عني رؤية ما خلفه.


عُقدةً صغيرة بين حاجبيه وعينان داكنتان بالسواد تُحدِقان نحوي بهدوء، رفعتُ حاجبي له لأسأل بإستنكار: ماذا؟


- هل سألتكِ كارمن عنا؟
سأل بأهتمام وهو يُضيق عينيه، مُترقباً الأجابة. تنهدتُ بقلة حيلة حين تذكرتُ أستجوابها لي، فأومأت له وعلى وجهي علامات لوم وحقد: أجل، بسببك طبعاً!


- وما الذي فعلتهُ أنا؟ كان الوضع يروق لكِ أيضاً لهذا لم تدفعيني!
قالها بكُل ثقة جعلتني أرفع كلتا حاجبي بتعجُب من أمره، بعدها صككتُ أسناني ودفعتُ صدره بقوة حتى ترنح فركضتُ لأصبح خلفه. أبتسمت بخُبث ونظرة مليئة بالغرور: شُكراً على الفكر، تُصبح على خير~


تحت صدمته وتعابيره الغير مُفسرة أبتعدت عنه ولوحت بأصابعي له من الخلف، لا أعلم لماذا لكن رادوتني ضحكة حمقاء وأنا أصعدُ الدَرج.


سرتُ بخطواتٍ سريعة أكثر نحو غُرفتي كي لا يستطيع جود اللحاق بي.. كُنت أتلَفت حولي لأتأكد مم عدم وجوده، لكن ما إن أستدرتُ بإبتسامة أنتصار عظيمة. فتحتُ الباب بنفس التعابير ودخلتُ أُدندن بمرح. إلا إنني تصمنت في مكاني بصدمة! فما قابل ناظريّ لم يكُن في توقعاتي أبداً! تلعثمت كلماتي ورحت أزدرد ريقي بصعوبة: كـارمن، ماذا تفعلين هنا؟


كانت تجلس على طرفِ السرير بنفس ملابسها وتسريحة شعرها بينما تعبثُ بهاتفها.. رفعت كستنائيتيها نحوي ما إن دَخلت، وبدت كأنها تنتظرُني لأعود. نظراتها حملت شيئا من الصرامة والغضب. أقتربتُ منها أكثر لأسأل بقلق كأنني لا أعرف ماذا تُريد: هل من خطبٍ ما؟


- تعلمين.. لدينا موضوعًا لنُناقشه؟
تركت هاتفها جانبت وركزت معي، كفاي أخذن يُمسدن لقنينة المياه التي أمسكها. لم يكن لنظراتي هدفٌ مُعين بل بقيتُ أجولها على كُل مكان.. الأمر ليس مُريحاً أبداً، خاصةً أن كارمن لن تستسلم أبداً حتى أتحدث.. لكنني لا أُريد ذلك حقاً!


- كارمن، لا تشغلي عقلك كثيراً بما رأيتيه فكُل ما حدث مُجرد صدفة، رجاءً انسي ما حدث ودعينا لا نتحدث عن ذلك أكثر.
طَلبتُ منها بكُل رجاءٍ حملهُ صوتي، لاحظتُ التضايق الذي بدا على ملامحها وهي تُحدق بي بصمت.


أشاحت عني وأخذت وقتاً للصمت إلى إن رفعت عيناها نحوي مُجدداً لتتحدث بهدوء وكلمات دقيقة جداً: يـولا، أنا لا أُريد التدخُل في شؤونكِ لكنني لستُ غبية كي لا أُلاحظ شيئاً؛ فأنتِ لستِ طبيعيةً منذُ أن جئتِ أول يوم لهذا المنزل، وعندما أعود بذاكرتي لتلك اللحظات أرى أنك بانَ عليكِ التضايُق أقتراناً بظهور جود.. ناهيكِ عن اللحظات التي كُنت تنزعجين وتصمتين بها لمجرد رؤيته، ورغبتك المُلحة بالعودة للمنزل.. بالإضافة إلى تصرفات جود معكِ، حين أرسل لكِ الكعك في يوم حفلة عمي جوردن وخالتي تالين، ويستمرُ بالتحديق نحوك ويخلقُ الفرص للبقاء معكِ! أنتما تعرفان بعضكما من الماضي.. ربما أنا لم ألتقي بهم منذُ أن كنت طفلة صغيرة جداً لهذا لا اتذكر تفاصيل الماضي كثيراً كما تعلمين لكنك كُنت تأتين مع أبي لمنزل عمي جوردن وهو يعرف اسمك دونما تُعرفيه به. علاقة والدينا بوالديه جيدة أيضا، حتى علاقته بجوليان! هذا يعني أنكما تعرفان بعضكما جيداً أيضاً.. وبالتالي أجدكما قريبان من بعضكما كثيراً لدرجة كُنتما على وشكِ - قطعت كلماتها لتُكمل- المُهم، يبدو الأمر واضحاً جداً بالنسبة لي لذا رجاءً يولا شاركيني ما يحدث معكِ، نحن أخوات في النهاية. أنظري لديلا لأنها لا تملكُ أختاً تتحدث لنا، فلما نحن لا نفعل مع بعضنا؟


أستمعتُ بهدوءٍ تام لكُل ما قالته كارمن، ففي الحقيقية هي لم تُخطئ بحرف.. كُل تصرفاتي وتصرفات جود كانت واضحة. بهتت الأشياء في عيني لولهة وشعرت بثقل جسدي، تحركت نحو السرير لأجلس على طرفه بصمتٍ عميق وعيون تُحدق بالأرض. الآن كارمن تضعني أمام الحقيقية.. ولم يعد بإمكاني أختلاق اي وسيلة للكذب، أعتقدتُ أن الأمر سيُنسى ذات يوم وإنني لن أراه ذات يوم لأتحدث عن أمره لكن لا أعلم كيف جمعنا القدر مرة أخرى؟


كُنت شاردة في أفكاري وكأنني مفصولةٌ عن الزمان والمكان، إلى إن امسكت كارمن بيداي لتقول لي وهي تنظر لعيناي بنظرة مُطمئنة: رُبما لو أخبرتيني ما حصل سيُخفف هذا ثقلكِ، فأنتِ تبدين مُثقلة بهذا الكُتمان والتستر.. يمكنكِ الوثوق بي يولا.


تنهدت بعمق بعدما كان الهواء حبيساً لصدري المُثقل بالكلمات: ليس الأمر إنني لا أثق بكِ، لكن لا أعرف من أين أبدأ.


أتخذتُ قراري بالبوح لكارمن، فما حدث قد حدث وهي لاحظت تصرفاتنا أيضاً بكل وضوح وفي النهاية هي أختي ايضاً وبما إنها ناضجة الآن يُمكنني أخبرها ما حصل.


أعتدلت بجلستها أمامي فوق السرير، ثانيةً ركبتيها لصدرها: خُذي وقتكِ وأبدأي من حيثُ شئتي، المُهم ألا تحاولين خداعي.


ضربتها بخفة على ذراعها: ليس لدي الوقت للخداع يا مشاغبة.


أبتسم بهدوء وبقت تنتظرني بكل صبر بينما أنا أخذتُ أُرتب المواقف في رأسي أولاً وأعود لذلك اليوم بذاكرتي..


- عودة إلى الماضي -



كان يوماً صيفياً حاراً وأراد أبي الذهاب لمنزل السيد جوردن من أجل بعض الأعمال، كنتُ حينها في الخامسة عشر من عمري وأصريتُ على مُرافقته لأنني أشعُر بالضجر من المنزل. وافق على ذلك وذهبنا بالفعل، لم يكونوا يقطنون في نفس هذا المنزل الكبير، بل كان منزلهم عادياً على قدر ثروتهم في تلك السنين.


عائلة ألياس أيضاً كانوا يقطنون بالقُرب منهم لكنهم سافروا لبلادهم العربية لاحقاً. أعتاد جود أن يقضي أغلب أوقاته في منزل خالهُ السيد جوردن؛ ليلعب مع آرسلاند. رغم إننا كُنا نلتقي كثيرا بهم وكانت علاقتي مع جود طبيعية جداً وعندما كُنا أصغر قليلاً لعبنا معا في كُل فرصة سنحت لنا. فهو دوماً كان لطيفاً معي ويعاملني بأدب.. ليس مثل الآن  -تقلب عينيها-


لكن في ذلك اليوم حدث ما لم اتوقع.. أتذكرُ أنني شعرتُ بالملل من أحاديث الكبار، وكانت ديلا مع كريس في منزل عمتهما، لا يوجد في من الأولاد غير آرسلاند وجود.. وهما بنفس العُمر تقريباً، أتذكر انهما كانا في السابعة عشر من عمرهما.


خَرجتُ للحديقة الخلفية، كانت جميلة جداً وصغيرة.. تحتوي الكثير من أنواع الورود العطرة وأنا من مُحبين المناظر الخلابة كتلك. جلستُ أمام كُل وردة أتأملها وأشمها.. لم ترغبا عيناي أن يضجرا من المشهد الجميل امامهما.


أثناء ذلك سمعتُ صوتٌ لدعساتِ أقدامٍ على العُشب، ألتفت خلفي؛ فرأيت جود يقترب من المكان حتى يجلس بجانبي. كان مظهرهُ ألطف من الآن لكن ما لم يتغير هو نظرة عينيه العميقة والداكنة.. أذكر أنه نظر لي بتلك النظرة لأول مرة بينما يسأل بفضول: هل تُحبين الزهور؟


أومأت له حينها بإبتسامة وأنا أتامل الزهرة البنفسجية التي أمامي: وأسمي يحملُ معناها أيضاً  -أشرت بأصبعي نحو الزهرة التي احدق بها- معنى أسمي "زهرة البنفسج".


حدق بها بهدوء ونظراتٍ شغوفة بإستكشافها ثم التفت لي قائلاً بنبرة أسمعها لأول مرة منه..نبرة مليئة بالأعجاب والهيام: هل ترين كُل هذه الزهور الجميلة في الحديقة؟ لكن أشعر أن زهرة البنفسج هي الوحيدة التي سرقت اهتمامي.


لاحظتُ إنه حقاً أعجبته زهرة البنفسج منذ أن نظر لها أول مرة بتلك النظرات، ضحكت ورميت شعري للخلف بغرور: أجل لقد اخذت جمالها مني.


ضحكتُ بعد ما قُلت عبارتي تلقائياً، فضحك هو بخفة ثم صمتَ ولم يقل شيئا. كان هادئاً أكثر من المُعتاد.. فشعرت ببعض الغرابة من رؤيته هكذا، دائماً ما بدا شخصاً حماسياً ومُندفعاً للحياة، على عكس هيئته الآن.


- هل تشاجرت مع أبن خالك؟
سألتهُ بإهتمام؛ لأن هذا الاحتمال الوحيد الذي قفزَ لرأسي أولاً. فرفع حدقتيه الفاحمتين نحوي بسكون.. ضممتُ شفتيَّ بقلق، شعرتُ ببعض التوتر، رُبما قد قُلت شيئاً خاطئًا؟


- عذراً، لم أقصد التدخل.
قلتها بسرعة وأشحت عنه أنظُر للعشب الذي أخذت أصابعي تنتفهُ من الحديقة، لم يوقفني سوى لمسة صغيرة من أصابعه على ذقني، جعلتني أتصنمُ في مكاني ولم أقوى أن احرك أنشاً من جسدي حتى رفع رأسي تلقائياً نحوه.


فتلاقى خضارُ عينيَّ بسواد عينيه المُظلمتين، كأنهما ليلٌ لا حدُ لمدى عُمقه ~ بنظرة مُتأملة جال ملامحي القابعة تحت تأثير الصدمة. الآن عندما أتذكر هذهِ التفصيلة وأنا أسردها لكارمن، لاول مرة تتضحُ تعابيره البريئة في ذلك الوقت بذاكراتي اليوم!


كان يُحدق دون مللٍ وكلل، وأنا كأي فتاة ستُحب أن ينظر لها ولد بحنية هكذا وقتها نسيتُ مُحيطي ومن أكون.. فطال الأمر حتى أستعدتُ رُشدي وعقدت حاجبيّ بإنزعاج لأُتمتم بكلماتٍ مُتقطعة: مـ.. مـاذا تـفعَـل؟


- أنا واقعٌ في حُبكِ يولاند.
بصوتٍ هادئ ومُنخفض، تسللت تلك الكلمات من بين شفتيه لأسمع بعدها قلبي ينبضُ في أُذني. كان يبتسمُ لي بكُل لُطفٍ بعد ذلك الأعتراف وينظرُ نحوي بترقُبٍ وفضول بينما هو مُتربعاً على قدميه وذراعه تمتدُ نحو ذقني.


هذا ثاني أعتراف أحصلُ عليه في تلك المرحلة من حياتي، فالأول من زميل لي في الدراسة بالكاد أتذكر وجهه إلا إنه لم يكن عميقاً مثل إعتراف جود.


شعرتُ بانفاسي تضيق للحظات وصدري يعلو ويهبط بشكلٍ واضح تحت لمسته وقُربه، كأنني سأضعُف ويُغمي علي في أحضانه. إلا أن عيناي تجمدتا فوق وجهه لكن لم أكن مُرتاحة للأمر، لم أكن أفهم ماذا يهذي هذا الفتى! كُنت صغيرةً كُل اهتماماتي المُتعة، وكان هو بعيداً عن مدينتي.. هذه التفاصيل والمسائل قفزت في رأسي كلها في آنٍ واحد.


يده أنسحبت ببطئ لتستقر في أحضانه وأبتسامته خفتت قليلاً أمام ردة فعلي الصامتة، فهذا مُباغتٌ جداً !


مال برأسهِ نحو كتفه وبدا عليه بعض القلق لكنه أستمر قائلاً: يُمكنكِ تأجيل ردَكِ حتى تُفكري جيداً.


بعد تلك الكلمات صحوت تماماً فزحفت للخلف لأقف بعدها مُباشرة وقلتُ بكُل حدة وإنزعاج من ثقته بإنني قد أحتاج وقتاً للرد: لستُ بحاجة لهذا ولا أريد أن اكون معك، كيف أمكنك حتى أن تقول مثل هذهِ الكلمات لي؟؟


تفاجأ هو من ردة فعلي تلك، فوقف سريعا أمامي بتعابير مُضطربة، ليقول سريعاً كي يشرح موقفه: ليس كذلك لكن انا فقط أخبرتكِ ما أشعر بهِ نحوك!


- ولما تُخبرني أصلا؟ ماذا لو علمَّ أبي!
هل أنت مجنون أم ماذا؟


هُنا تلاشت كُل الأضطرابات ليبقى شعور الغضب فقط، فكرت لو سمع أبي كلامه هذا سيمنعني من العودة لمنزل السيد جوردن معه لاحقًا، فأردفت بتحذير: أياك أن تُعيد تكرار كلماتك تلك، فلو سمع ابي لن يدعني أعود لهذا المنزل أبداً.


بالفعل كان أبي يَقلق علينا بشأن علاقاتنا مع الآخرين، فقد حرص دوماً أن نهتم بانفسنا ومدرستنا حتى نَكبُر.
لاحظتُ ان وجه جود قد احتقن بالدماء وعيناه أحتدتا بشكلٍ مُخيف، صار وكأنه لا يمت لجود اللطيف بصلة أبداً. سأل مُشدداً على كلماته: هل هذا ما يهمُك لتقولي كل تلك الكلمات؟


- نعم.
أجبتُ دون تردد وبكل جفاءٍ حملته نبرتي، حينها لم أشعر به إلا وقد أقترب مني كثيراً لدرجة أن رائحة عطره ملأت رئتي وسحب جسدي بذراعه من خصري، ليجذبني نحوه بشكلٍ لا أستطيع مقاومته لشدة قوة قبضته.. اخذت أحاول ابعاده مع بعض الشتائم التي ألقيتها عليه. لكنني صمتُ وقتها عندما أطبق شفتيه على شفتي دون سابق إنذار. في تلك اللحظة عينايّ أتسعتا حتى شعرت أنهن سيتجمدن من شدة فتحي لهن، وقلبي أخذ يضرب بقوة تكاد تُمزق صدري.


لأول مرة لامست شفتاه خاصتي، بدا الكون غير مرئيا ولا شعورٌ آخر سوى الخفة، الطيران، الطفو في الفراغ.. والأختناق الذي كاد يصيبني لولا إبتعاده الذي جعلني أشهق انفاسي التي فقدتها أثناء القبلة.


لكنه لم يبتعد وبقى ينظُر لتعابيري المشوشة وجنتاي اللتان تنبضان بالحرارة، وتنفسي المُتسارع.


ضيق عيناهُ لي وقال بصوتٍ هامس جعل أنفاسه الساخنة تلفح بشرتي التي على وشكِ الأحتراق: لو عُدتِ لهذا المنزل مُجدداً، سأعتبره طلباً لقُبلة أخرى.


حمل صوته الغضب والتحذير، مما جعلني أوجس في نفسي خيفةً وأنا ابتلع ريقي بخوف.


بعد ما تأكد إنني سمعتُ كلماتهُ جيداً أفلتني حتى كدتُ أسقط للوراء لولا توازني في آخر لحظة، لكنه ذهب دونما ينظر خلفه.. لم يترك لي صورة أخيرة لتعابيره بعدما التفت مُغادراً سوى ظهره.


ومنذُ ذلك اليوم لم أكُنَّ له سوى الكره؛ لأنه سرق قُبلتي الأولى ولم أعد لمنزل السيد جوردن بعدها، حتى بعدما سافر مع عائلته بعد شهور من تهديده لي. لكنني فضلتُ الأبتعاد عن أي شيء مُرتبط به، إلى أن جئت مع والدي وأكتشفتُ إنهُ هُنا أيضاً، فبعد مرور عشر سنوات "عُدنا مُجدداً" كما يقول هو~


_______________________


أستعدتُ كُل تلك الذكريات وأنا اتحدث لكارمن عن التفاصيل البارزة التي حدثت وقتها، مثل الأعتراف والقُبلة الأجبارية، لكن دون تعمق.. فقط تحدثت بسطحية عما حدث، وأنهيتُ كلامي قائلة: وهذا كُل ما حدث وما يستمرُ بالحدوث من طرفه.


صمتت هي مطولاً بعد إنتهاء القصة، كانت مُستمعة جيدة، لم تنبس بحرف وأنا أتكلم.. يبدو إنها درست التفاصيل جيداً كعادتها.


أردفت لها: والآن هل أنتِ سعيدة لمعرفة كُل هذا؟


- أعتقد إنكِ قسوتي عليهِ برفضكِ له بتلك الطريقة.
قالتها بتعابير بائسة وصوتٌ آسيٍ.


عباراتها هذهِ كنت أقولها لنفسي كلما تذكرت الموضوع، وبعدها أُبرر لنفسي ايضا. لكن الآن شخصٌ آخر يقولها لي، فهل كنتُ قاسية حقاً؟؟


_______________________


واخيرا كريس مقتنع بجان، بس شتتوقعون آرسلاند يفكر؟


جود ويولا انكشف المخبى👀
انصدمتوا بماضيهم؟


شنو رأيكم بشخصياتهم المُراهقة؟ 🥺


ردة فعل يولا؟


رد جود إلها على الرفض؟ 🌚


- بالنسبة لمشهد القبلة مجان عميق، ولحد يضوج لان الرواية اصلا تصنيفها رومانتك-


شكراً لكم جميعاً، محبتي ❤.



"ونسألك ألا يحول بيننا وبين راحتنا شيء، ألا تشوب خواطرنا شائبة، وألا تشوه قلوبنا فاجعة، وألا نفقد ضميرنا الحي، وألا نخوض فيما نجهله، وألا ندرك على غفلة ما يحولنا لآخرين تعساء، وألا نفقد السيطرة علينا في أكبر المواقف، وألا نمشي في الأرض دون أن نعرف إلى أين تقودنا خطواتنا" آمين 💛.

Comment