أُستاذ مِثالي ♡"

أحم أحم، هلو شلونكم،شخباركم  ؟🌚💛
سوري على التأخير بس تعرفون الظروف هل ايام
هذا البارت تعبت بي هواي يعني انتهى ٨٠٩٠ كلمة
أتمنى أن تفاعلكم يكون بكد تعبي ☹️💚.
اني للصراحة ما راضية عنه حيل بس يلاا غلسوا
تبقى هاي تجربتي الأولى الي أعتز بيها 💛🌸.


و أتمنى هم تدعمون صديقتي أيتآنا   llshahad
أطلعوا على أول رواياتها اكيد ح تعجبكم 💖.


أعذروني علىٰ الأخطاء الغير مقصودة   ..
لا تنسو التصويت أيضًا  ، قراءة مُمتعة 💜.


شيء رطب أستقرَ على عُنقي تحركتُ بإنزعاج لكنهُ لم يبتعد ، هواءٌ دافئ داعب بشرتي مع بعض الدغدغة .. ما هذا الإزعاج؟


حركتُ رأسي بأنزعاج أحاول التخلُص مِنْ هذا الشيء العالق على عنقي، لكن بلا جدوى ..


النُعاس كان يغلبُني لذا بصعوبةٍ شديدة فتحتُ عيناي و أدركت الواقع فأختفى ذلك الشعور المُقرف ، كان يبدو مثل .. مثل قُبلة عنق !.


لمستُ عُنقي ودلكتهُ بقوة .. ما هذا القرَف ؟!


فكرتُ إنني لن أستطيع الدراسة مع هذا النعاس لذا قررتُ العودة لغُرفتي فحملتُ كُتبي و صعدتُ للأعلى .
ضبطتُ المُنبة على الساعة السابِعة صباحاً ثُم لفتتُ أللِحاف حولَ جسدي لأغطُ في نومٍ عميق منذُئذ وضعتُ رأسي على الوِسادة.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


- كارمن هيا أستيقظي .


صوت ديلا ترددَ في غُرفتي و هي تُكرر ندائِها لي و يدُها هزت كتفي لأستيقظ ، كُنت أستطيعُ سماعِها لكن النوم يغلبُ عليّ لا أريدُ الأستيقاظ .


تحركتُ بأنزعاج في فراشي دون أن أرُد و ألتفتُ للجهةِ الأُخرى ، سمعتُ صوت آخر داخل غرفتي و أقترب مصدرهُ مني فسأل : هل هي ميتة ؟


- لا هي نائمة فقط .


- هل تأكدتِ مِنْ إنها تتنفس ؟


- بحقِ الإله كريس، إنها نائمة فقط.


صوت ديلا الصاخِب أخترق أذنيّ ، لقد حاولت حقاً تجاهُلِ نقاشِهم الصاخب لكن النقاش تحولَ لمعركة فوقَ سريري.


« سيطري على نفسكِ كارمن، لا تصرُخي »


حاولتُ أن أهدأ كي لا أنفجرُ بوجههما . أكثر أمر يزعجني حين أكون نائمة هو تواجد صوت قُرب أُذني أو ضجيج حين أكون قد أستيقظتُ للتو .


كان الأمرُ رائع حين تزوج جوليان و أنتقل لمنزل خاص بهِ، أستطعنا حينها أنا و يولاند أن ننعم بنومٍ هانئ ، أختصاراً لكل الكلام بعدَ زواجهِ عرفنا كيف نعيش كفتيات.


شعرتُ بيد تسحبُ جسدي مِنْ فوق السرير :
أستيقظي أو قولي إنكِ لا تُريدين الذهاب للجامِعة .



هذا التصرُف يُعيد لي ذكرياتي مع جوليان حين كان يُسقطني من فوق السريرة الآن يفعلُها هذا الشيطان الأشقر .. كريس.


صككتُ أسناني بغضب فقد وصلت لأقصى مراحلِ عصبيتي بعد محاولتهِ لسحبي بالإضافة لصوتهِ المُزعج .


الغضب تغلغلَ في جسدي فشعرتُ بقوة في جميع اعضاء جسدي ... قوة تدفعُني لتخريب وجهِ كريس .


- كفى !.


كانت كلمة واحدة خرجَت من بين شفتَيّ لكنها خرجت بأعلى نبرة يُمكن لحُنجرتي أطلاقُها .


صدري يعلو ويهبُط و شعري غطى مُعظم وجهي،أسناني مصكوكةً بغضب.


نظرتُ لوجهيهما كانا مُنصدمين أو مذعورين من ردة فعلي، بهدوء دفعت كريس عني و قالت بنبرة مُنحفضة : لا تُبالغ معها هكذا .


- أنتِ أحضرتهِ أولاً و الآن أخرجا لأغير ملابسي و نذهب للجحيم .
صرختُ بوجهِ ديلا بما تبقى من غضبي.


هُما فتحا أعينهُما الزرقاء ينظُران لي بصدمة ثُم ينظُران نحو بعضهِما، كأنهُما لم يتوقعا أن أصرُخ هكذا لكن يستحقان هذا حتى لا يُزعجانني بعد اليوم .


لاحظتُ أنهُما لا يزالان مُتسمِران على أرضيةِ غرفتي فضربتُ الأرض بقدمي وصرختُ للمرةِ الثالثة : أُخرجا !.


تحركتْ ديلا و سحبتْ كريس الذي تصنم من الصدمة .
أغلقت الباب و ذهبتُ للحمام غسلتُ وجهي و نظفتُ أسناني.
أختراُ ملابسًا بعشوائية و حملتُ هاتفي مع كُتبيّ و نزلت للطابق السُفلي حيثُ تجتمعُ العائِلة في غرفة الطعام.


كان الجميع موجودًا على المائِدة حتى الدُب المُتعجرف آرسلاند، قلتُ « صباح الخير » و جلستُ بجانبِ خالتي على الكرُسي الفارغ .. رفعَ كريس زرقاويتيهِ نحوي يتفحصُ ملامحي كيف تبدو بعد ما حدث قبل قليل لكنهُ لم يجد أي تعبير فقد كُنت لا أشعُر بشيء حقًا عدا التعب و النُعاس.



أخذت خالتي تضع أنواعًا كثيرة من الطعام أمامي.
ليس لدي شهيةً حتى : هذا يكفي خالتي شُكرًا لكِ لكني لن أستطيع تناولهُ كله .


وضعتْ يدها على خدي و نظرت لي بعطفٍ لامس قلبي : صغيرتي أنتِ بحاجة للغذاء ، تبدين شاحبة.


- لا تقلقي خالتي فقط هذهِ الفترة فكما تعلمين إن نهاية العام الدراسي أقتربتْ لذا يجب أن أجتهد أكثر.


وضعَ عمي جوردن كوب الشاي جانباً و قال بنبرة هادئة و متزنة كالعادة : لا تضغطي على نفسكِ كثيراً فأنتِ مُجتهدة طوال العام لذا ستنهين الإختبارات بسهولة ، لذا أدرسي بهدوء .


أحتضنتُ كوب الحليب بين راحةِ يديَّ و أومأتُ له .
شردت عيناي بينما أُفكر بما فاتني من مُحاضرةٍ
التفكيرُ بهذا الأمر مُزعح حقًا ، رُبما يعتقدُ البعض أن تفكيري بالأمر كثيراً يبدو مُبالغة لكن الأمر يخرجُ عن سيطرتي فعقلي يعمل بمُفردهِ و لا أستطيعُ أيقافهُ .. أتمنى أن اتخلص من تفكيري المُبالغ في العمل و الدراسة .


- آرسلاند هل يُمكنك مساعدة كارمن في فهمِ بعضِ المواضيع ؟


ماذا ؟!
عمي طلب منهُ للتو أن يُساعدني !
يا إلٰهي لا أُريد.. يكفيني جنونهُ في الأمس ، لا أُريد التعامُل مع مريض نفسي مثلهُ.


صليتُ بداخلي أن يرفُض و تدخلتُ بسرعة لأُنخي الأمر أيضًا :


لا عمي أستطيع تبدر الأمر بنفسي أو بمُساعدة مِنْ الطُلاب ثم أنني لم يفتني الكثير .


لكن العم جوردن لم يكُن ينتظرُ رأي بل رأيُ الآخر الذي رفع رأسهُ فسقطت خُصلة مُتمردة على جبهتهِ، أعادها بأصابعهِ السمراء للتماسك مع خُصلاتِ شعرهِ السوداء التي أنصبغ بعض لونِها بالأشقر الذهبي ، سأل بصوتٍ رخمٍ و ثقيل :
بماذا أُساعدها ؟


- آه ،يتظاهرُ بإنهُ لم يسمع كُفَ عن لعبِ دور الغامض عزيزي آرس.


تدخلَ كريس قائِلًا كلماتهِ التي بالكادِ فهمنا جُزءًا منها بسبب الطعام المحشور في فمهِ.


جعدَ آرسلاند وجههِ و أعتلى التقزُز وجههُ وهو ينظرُ نحو كريس   : لا تتحدث و الطعام في فمِكَ .


متى سيتوقف كريس عن التحدُث و الطعام في فمه و متى سيملُ آرسلاند من تعليمهِ فعل هذا الأمر.


أبتسمَ كريس أبتسامة عريضة بعدَ أن أبتلع لُقمتهِ  ،يبدو كقطٍ ماكر ينظرُ لسمكٍ مشوية  ، قال بنبرةٍ خبيثة  :
أحبُ رؤية علامات التقزز على وجهكَ الوسيم.


لم يكَد آرسلاند يرُد حتى تحدثت خالتي تالين بعد صمتٍ طويلٍ ترقبت بهِ شجارُ الأخوين بنظراتٍ غاضبة  : كريس، آرسلاند لو سمحتُما هل يُمكنكُما منح والدكُما بعض الوقت ليتحدث  ؟
بما إنكُما الأكبر هُنا  !.


أوه،هذا ما هو يُسمى بالتوبيجاتِ الباردة.
كريس حرك عينيهِ يمينًا و يسارًا كالقطِ الخائف،حسنًا أنهُ قطٌ في الأصلِ أما آرسلاند عض على شفتيه بينما ينظُر بتوعُدٍ لكريس الذي أصبح أبكمًا بعد تلك التوبيخة ،فقال بصوتٍ مُنخفض بعض الشيء يدل على أسفهِ و أحترامهِ :
آسف لمُقاطعتِك ابي، أكمل ما كُنت ستقولهُ رجاءًا.


رغم أنهُ وغد في كثير مِنْ الأحيان لكن يُعجبني أحترامهُ لوالديهِ ، فهو لا يتكبر عن الإعتذارِ لهُما حتى لو لم يكُن مُخطئًا.


- أُريدك أن تُساعد كارمن في بعض الدروسِ التي فاتتها عندما كانت في منزِلها.


شعرتُ أن عمي حاول كبت أنزعاجهِ من تصرُفِ آرسلاند و كريس و تلافى الأمر.


رفعَ الآخر عيناه ينظُر للسقف كما لو أنه يُفكر، أعلم جيداً إنهُ سيرفُض لكن كم مرة سأرفُض لذا قررتُ أعفاءَ نفسي من عناءِ الرَفِض و تركهُ لهُ و إرتشافُ بعضُ رشفاتِ الحليب من قدَحي.


- موافق .
قالها بهدوء و حملتْ نبرتهُ الكثير مِنْ الحماس لفعلِ هذا الأمر.


أختنقتُ بالحليب حين طرقت موافقتهُ أُذنيَّ  !.
ما هذا  ؟ هل وافق حقًا  ؟


كُنت أضع أمآلًا على أن يرفُض لكن كيف هذا  !
هو رفض أن يُبرر أمرًا بسيطًا لأبي لكن الآن يوافقُ أن يُساعُدني في أمرِ دراستي  !، ماهذا الرجُل المُتناقض  ؟!


- حسناً أبنتي لا تقلقي ما دام آرسلاند سيهتم بالأمر
قالَ عمي قبل أن يقفُ هاماً بالذهاب للعمل فلحقتْ بهِ خالتي.


كريس كان مُنشغلًا بتناولِ طعامهِ و ديلا تعبثُ بهاتِفها لذا أستغليتُ الفُرصة لأنظُر له بحنق و إنزعاج فرفع عسليتيهِ
نحوي لكنهُ بادلني نظرةً فارِغة لم تحمل أي تعبير  .


لحظةً فقط لماذا لا أستغلهُ فقط و بعدها لن أهتم لهُ، المُهم الآن أن أفهم ما فاتني من دروس و بعد ذلك ليذهب للجحيم.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


- ماذا دهاكِ  ؟ تبدين شاحبة  !.


سألتني روز بينما تتفحصُ وجهي بعينيها الصغيرتَين


فعتُ رأسي مِنْ فوق الطاوِلة و وضعتهُ بين كفيَّ لأضغط عليهِ بقوة محاولةً تخفيف الصُداع الذي يضجُ في رأسي  :
لَم أنَم جيدًا في الأمسِ.


مدتْ لي عُلبةِ القهوة و سألت  : لماذا  ؟


أرتشفتُ مِنْ القهوة الساخنة قليلاً  بينما أستعيدُ ذكرياتُ الأمس حين أقتربَ مني آرسلاند و ألتصقَ بي بقوة ، شعرتُ بعضلاتِ صدرهِ تنطبقُ على صدري حينها ، و شعرتُ بحرارتهِ و حركاتهِ البطيئة و حتى أنفاسهُ الدافِئة التي ضربتْ وجهي حين تحدث لمن في النهاية كان يُريد أن يسأل عني يدي التي يُكبلُها بيدهِ، هل هذا منطقي ؟!  . أشكُ حقًا أن عقلهُ سليمًا.


ضربةً ما أتت من حيثُ لا أدري تزامنت معها صرخة روز أمام وجهي : هل أنتِ صماء أم ماذا ؟ أين شردتِ  ؟


آه يبدو أنني أصبحتُ أشرد كثيرًا هذهِ الأيام، كلُ هذا بسبب ذاك الدُب الوغد ، أتمنى لو أن كرة حديدية تكسر قدمكَ يا آرسلاند .


تكلفتُ بعض الكلمات  : لا شيء روز، لا تقلقي لقد سهرت أدرس لوقت متأخر لهذا لم أنَم جيداً و الآن أشعرُ بالنُعاس.


عقدت حاحبيها بأستغراب لم أفهم سببهُ إلا بعد إن قالت  : لكنني لم أسألكِ لمَ لم تنامي !، لأنني أعلم أنكِ سهرتِ لتدرُسي.


مددتُ شفتيّ و أغمضتُ عيناي بحزن على ما وصلَ اليهِ حالي:


إذًا عن ماذا كُنتِ تسألين ؟


وضعتْ قهوتها جانباً وقالت بإنزعاجٍ بانَ على وجهِها  :
لا يَهُم  .. إنسي الأمر . 


- أسفة  روز أنا مشتتةً هذهِ الأيام.
أعتذرتُ بِصدق فأنا حقًا لا أشعُر بالتوازنِ في أي شيءٍ في حياتي، لا أعلمُ ما السبب بالتحديد.


- لماذا ؟ أخبريني رُبما أستطيعُ مساعدتكِ.
سألت بقلق بعد أن كانت مُنزعجةً قبلَ قليل.
هي كما قلتُ سابقًا  .. شفافة جدًا.


- ليس بالشيء المُهم، فقط لنُركز على ستيفيان هذهِ الفترة قبل حلول الامتحانات النهائية.


- كيف سنُقنعه؟ ستيفيان صعب جداً  !.


تحدَثت هي بشيءٍ مِنْ اليأس بينما تنظُر نحوه، حولت نظري نحوهُ أيضًا، كان جالِسًا على أحدى طاوِلات الكافتريا و يبدو مُنهمكًا بالنظرِ لِ هاتفهِ.


وقفتُ و أشرتُ لها بحركة صغيرة برأسي  : لنذهَب إليهِ.


مشينا نحوهُ حتى أصبحنا أمامهُ فأرتفع صدر روز وهبط حين أخذت نفسًا عميقًا، فقالت بأبتسامة لطيفة  : مرحباً ستيفيان.


- أهـلًا.


قالها دون أن يرفع عينيهُ نحونا بل بقى يصبُ أهتمامهُ بهاتفهُ،  أزعجني تصرفهُ  ..  يبدو تصرُفًا و قِحًا فـ على الإنسان أن يتعامل بمبدأ الإحترام مع الناس حتى لو كانت ظروفهُ صعبة، لأن الناس غيرُ مسؤولين عن ما حدَث لهُ و أغلبهم لا يعرفون ما حدث حتى لذا أرى من غيرِ المُناسب أن يرمي شخصٌ غضبهُ على الآخرين  .


لكن يبدو إن روز قد أعتادتْ على تصرُفاتهِ هذهِ فأردفتْ بنفسِ النبرة اللطيفة  :  هذهِ صديقتي كارمن ، هل يُمكننا الجلوس معك ؟ 


أشارتْ لي حين عرفتهُ عليّ لكنهُ لم ينتبه فقط هزَ رأسهُ بالإيجاب أي الموافقة على جلوسِنا معهُ  .. فجلسنا.
أستغربتُ بعض الشيء مِنْ موافقتهِ رغم أنزعاجي من تصرُفهِ لكني قررتُ مُساعدتهُ في النهاية لا يُمكنني رؤية شخص يُعاني و بائس هكذا.


لستُ مِنْ الناس الذين يقحمون أنفُسهم في أمورِ الآخرين لكن لا ضرر في مُساعدةِ شخصٌ مِثلَهُ  ، أردتُ التعريف عن نفسي عسى أن أجدَ مِنْهُ أستِجابة، فقلت ُ: مرحباً ستيفيان أنا كارمن، أتمنى أن لا يُزعجك وجودي.


أومأ لي بمعنى  " لا بأس  " دون أن يتخلى عن صمتهُ، فَنظرتْ روز لي كأنها تسألُني عن أن تدخُل في صُلبِ الموضوع ، فهززتُ رأسي موافقةً لها .


- ستيفيان لقد أقتربتْ نهاية العام الدراسي و أنتَ لم تجتاز أي أمتحان طولَ العام، ما رأيك أن تُساعدك كارمن ف كما تعلم أنها متفوقة.


تحدَثتْ بسُرعة و إرتباك و ما إن أكملتْ، نظرتْ لَهُ بتوجس كأنها خائِفة مِنْ  ردةِ فعلَهُ لو كُنت كما أنا في الثانوية لشعرتُ بالخوفِ أيضًا  ،  لكن بعدَ أن سكنتُ في منزلِ عمي جوردن و مُشاجراتي مع آرسلاند و كريس أصبح الأمرُ عاديًا و روتينيًا بالنسبةِ لي  .


نظرَ ستيفيان نحوها ببرود ثُمَّ  وقفَ هاماً بالمغادرة دون أن يرُد بكلمة واحِدة  !. حتى آرسلاند ليس مثلهُ،صحيح أنهُ مجنون لكن ليس باردًا مثل ستيفيان هذا  !


شعرتُ إن الأجواء أصبحتْ مشحونة وحين حولت نظري لـ روز وجدتُها تصُك على أسنانِها و وجهُها أحتقَنْ بالدِماء، فسُرعان ما وقفتْ بعدهُ و ضرَبتْ الطاوِلة بكفِها  : ستيفيان أنا أتحدثُ إليك!.


وضعَ يديهِ في جيوب بنطالهِ الأسود و قال دون أكتراث تجلى في صوتهِ الهادئ  :  هذا الحديث لا يهمُني  .


أمسكتُ بذراعِها كي أسحبها لتهدأ لكني شعرتُ بأرتعاشِ جسدِها تحت يدي و الغضب قد أشتعل في عينيهل.


أما هو فقد تحركَ مِنْ أمامِنا بلا مُبالاة، يا إلٰهي ما هذا البرود؟ هل سُكان هذهِ المدينة جميعهم هكذا؟ رُبما أصابتهم لعنة مِنْ الجليد فكل واحد مِنْهم يلتصقُ البرود في شخصيتهِ أتجاه أمرٍ ما !.


ركضتْ روز خلفهُ بعد ان أبعدتْ يدي عن ذراعِها لتُمسِك بهِ، أستادرَ لها فصرختْ بوجههِ دون سابقِ إنذار  :  ستيفيان لمرة واحدة فقط حين أتحدث إليك أعرني بعض الإهتمام!، لماذا تشعرني كأني لا شيء أمامك، أنا فقط أحاول مساعدتك أنا لستُ و الدك، هل الألعاب و الهاتف أفضل مني لتتجنب النظر لوجهي بينما تنهمك باللعب بالهاتف؟!


صُدمت مِنْ قوتِها أمامه، كلِماتُها كانت صارمة بعض الشيء لكنني شعرتُ بالحزن المُكلل في كلماتِها الموبِخة.


عقدَ حاجبيهِ و أحتدتْ عيناه بغضب ليصرخ بنبرة أعلى مِنْ نبرتِها  :  حسناً شكراً لمحاولاتكِ، انا لا أحتاج مُساعدتكِ فقط دعيني و شأني.


هزتْ رأسها ثم نظرتْ له وهي تبتسم  ، بدَتْ أبتسامة مُتألمة،فقلت بصوتٍ مُنخفض أستطعتُ سماعهُ حين أقتربتُ مِنْها  : حسناً، حسناً  ..  سأبتعد عنك و أفعل ما يحلو لك، لن تسمع كلمة مِنْي بعد الآن، لم أكن أعلم أن وجودي يزعجك لهذا الحد.
 


أشاحَ بعينيهِ بعيداً بينما ركضتْ هي للخارج فـ لاحَ لي رؤية بعض الدموع في عينيها عندما ركضت من جانبي  .


كُلّ هذا حدثَ أمام أنظارِ الطلبة وسط كافتيريا الجامِعة.
نظرتُ له نظرةً حادة  ثم قلتُ كلماتي بحنق في وجههِ  :
تستحقُ ذلِك  .


فَـ لم يُبدي ردة فعل غير الصمت و تعابير التضايق و الغضب.
لأنهُ أستحق هذا فعلًا فطريقتهُ بالتعامُلِ مع روز وقحة جداً.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


- إذاً ديلا ستتخرجين هذا العام.
قال كريس بحماسٍ بينما يقود السيارةُ بِنا نحو المنزِل.



- كلا سأشتري عشرُ بقرات و أبيعُ الحليب في شوارع المدينة. 
ردَتْ هي بستهزاء على كلامهِ.


- لدينا ثور و بقرة فقط تحتاجين لثمانِ بقرات.
قالَ بجدية مُبطنة بالسخافة


تسائلتُ أنا بشك من جُملتهِ هذهِ: مَنْ تقصد  ؟


هزَ رأسهُ بدرامية و أبتسم  : أعتقد أن الفكرة قد طرقت عقلكِ.


أبتسمَ بخُبثٍ مُكملًا  :  لثور آرسلاند و البقرة أنتِ، هل الأمر غير واضِح لهذهِ الدرجة ؟!


ضحكتْ ديلا بصوتٍ عالي و ضربتْ كتفه  : أنتبه أثناء القيادة ثم تجرأ أن تنعتْ آرسلاند بالثور أمامه وليس أمامنا.


هذا الأحمق  !.
يعتقدُ إنهُ الشخصُ الأفضل فقط و يظنُ أن لا بشر حصل على جمالٍ كجمالهِ، ليرحمني الرب من نرجسيتهِ  .


- أنتَ أسخف ما شاهدتُ في حياتي.
رميتُ كلماتي عليهِ بغضب فكان ردهُ أبتسامة أمتنان  :
شكراً لهذا المديح آنسة كارمن.


غيرَ الموضوع بسرعة و عاد لموضوعِ تخرُجِ ديلا  :
لكن حقاً أنا سعيد لكون ديلا ستتخرج هذا العام و سنأكل الكثير مِنْ الطعام اللذيذ في حفلةِ التخرُج.


" أخشى أن يحدُث لك نفس ما حدث في حفلةِ تخرُجكَ العام الماضي " قالت ديلا بخيبة أمل


- ماذا حدث له؟
  سألتُها


لكزه نظرَ لها نظرة مُحذرة  : أياكِ  .


أغمضت عيناها بأستسلام  : حسنًا، حسنًا لن أتحدث.


أمسَكتُ بكتفِ ديلا و هززتُ جسدها  : ديلا،أخبريني،أخبريني  !.


- لكن كريس لا يسمحُ لي.


نظرتُ لها بتوسل  : أرجوكِ  .


- لن تعرفي و أن حاولت ديلا أخباركِ ستندم.
قال هو بنبرةٍ مُستفزة و نظرة مُحذرة نظر بِها لـ ديلا
عقدتُ يدي إلى صدري أتصنعُ الإنزعاج  :
حسناً لا تُخبراني أي شيء فأنا مجرد دخيلة.


أطلق تنهيدة عميقة و صرَخ  : 
و أخيراً شعرت كارمن بثقلها علينا.


أنهُ يحاول أن يمزح معي لكني سأقلب المُزحة عليهِ،سأجعلهُ يندم.


أكملنا الطريق صامِتين حتى وصلنا لم نجد عمي و خالتي في المنزِل رُبما قد ذهبا لزيارة أحد أصدقائُهما أما آرسلاند كان يلعب الكرة في الحديقة وهو يرتدي ملابسه الرياضية الضيقة التي تكشفُ عضلاتُ ذراعيهِ و تلتصقُ على صدرهِ الصلِب، تقدمَ يركضُ خلف الكُرة التي أنحرفتْ بأتجاهِنا، قطرات العرق منثورة على وجههِ و عنقه الذي تكسوه سُمرة خفيفة، ركلَ كريس الكُرة له ليضربها هو برأسهِ ثُم أعادَ شعره الأسود الذي تتخللهُ بعض الخُصلات الشقراء بأصابعهِ الطويلة، رؤيتهُ بهذا المنظر تُشعر أي شخصٍ بالإثارة حتى لو كان رجُل قد تجاوز الستين مِنْ عُمرهِ  .



أطلقَ كريس صفيرًا مِنْ بينِ شفتيهِ و صفق  :
أحسنتَ يا رجُل.


تقدم نحونا يلهثُ الهواء، عيناهُ العسلية أخترقت جسدي، يا أللهي مابهِ!  لم أقتُل لهُ قريبًا أو عزيزًا حتى ينظُر لي هكذا. لم أنسى ما حدثَ في الأمس حتى الآن.
هممتُ بالرحيل خلف ديلا التي ألقت عليهِ التحية و دخلت، لكنه أمسكَ بمرفق يدي أمام كريس ليستوقفَني.


حاولتُ الأفلات مِنْ قبضتهِ لكن دون جدى
عقدت حاجبيّ أنظر له بغضب، مقابل نظراتهُ الفارغة.


حولتُ نظري لِ كريس لكنه أبتسم و مضى للداخل، حقاً كريس!


( جيد، الآن كارمن أنتِ معه لوحدكما.) همستُ بداخلي بإنزِعاج.


أرخيت جسدي حين علمت أن لا جدوى مِنْ محاولاتي بالإفلات إذا لم يسمح لي هو   : ماذا تُريد ؟



سألتهُ بنفاذِ صبرٍ فأجاب و كأنهُ يأمُرني أكثر مما لو كان يُعلمَني  : اليوم في الساعة التاسعة سيبدأ الدرس.


نفضتُ يدي مِنْ قبضتهِ بعد أن شعرت بإنهُ أرخاها قليلًا  : لا أُريد.


أفلتَ يدي و راح يركضُ خلف الكرة و قال بكُلِ هدوءٍ  :
أنا قُلتُ فقَط 


لم أهتم بالإجابة، ركضتُ للداخل، اقدامي تكادُ تحطم الدرج، ضربت باب غرفة كريس بقدمي حين مررتُ بجانبهِ.
دخلتُ لغرفتي، رميتُ الكُتب و السترة فوق الرف الخشبي.
و مددتُ جسدي على السرير  .


- ماذا أصابني؟ لماذا أغضبُ هكذا منه؟ لقد كنتُ هنا لثمانية شهور لم أصتدم بهِ سِوى مراتٍ قليلة لكن منذُ أن تشاجرنا و كسرَ سُماعة الموسيقى الخاصة بس  أصبحت الاحداث تتدفقُ بيننا، أصبحت ألاحظه أكثر، عيناه ، شعره .. عطرهُ ، كاللعنة يلتصق بي !.


تحدثتُ بغضب كأني أبوخُ نفسي،لكن حقًا لماذا يحدُث كل هذا!
كُلُّ ما أريدهُ هو أنهاء دراسة الهندسة في "جامِعة الستايل"
لا أُريد أي نوعٍ مِنْ المشاعر معهُ هو خاصةً.


- لا بأس لقد بقى شهرٌ واحد.
هكذا هدأتُ نفسي و فكرتُ أنني بحاجة للنومِ بعد حمامٍ دافئ.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


فتحت الهاتف كانت الساعة الثامنة و النصف مساءاً ، رغم أني لم أخذ كفايتي مِنْ النومِ لكني نمتُ جيداً.
نزلتُ للطابق السُفلي، في غرفةِ المعيشة كان عمي و كريس يُراجعان بعض الملفات و ديلا و خالتي في المطبخ، الدُب الأسد يجلسُ أمام المدفئة يعبثُ بهاتفهِ، لا أعلمُ لماذا يليقُ بهِ لقب الدُب الأسد، رُبما لأنهُ يشبه الأسد و الدب كما يراهُ جوليان.
جلستُ أمام المدفئة أيضاً، تفصلني عنه مسافة قصيرة.
هو رفع عينيهُ لي ثم عاد ينظر لهاتفهِ، لم أهتم.


- هيا يا أولاد تعالوا للتتناولوا الطعام
نادتنا خالتي تالين على العشاء،  وقفتُ لأرى ماذا طبخوا فكانت المُفاجأة قطع بيتزا موزعة على المائِدة.


-


بيترا.


صفقت بيدي بحماس بينما أخذتُ كُرسيًا بجانبِ كريس.


- نحن تناولنا العشاء في الخارج لذا قررنا أن نحضر لكم البيتزا.


قال عمي جوردن فأبتسم كريس أبتسامة عريضة كالقرِد  :
أنه أجمل قرار يتخذه أبي في حياتهِ.


رفع عمي حاجبه بإستنكار  : حقًا  ؟


ضيقَ كريس عيناه كأنهُ يُفكر ثُمَّ  قال  :
أجل أنه الأجمل بعد قرارك في أنجابي تلك الليلة.


حرارة صعدت بوجنتيّ مِنْ كلام كريس، أنزلتُ رأسي للصحن أتأمل قطعة البيتزا التي تُغطيها الجبنة مع قطع الزيتون السوداء المتثورة و الخضراوات المُقطعة بترتيب.
تأمُل البيتزا أفضل مِنْ النظر للجالسين بعد ما قالهُ كريس.


- هي كلمة واحدة فقط قولي لها تزوجيني و انتظري موافقتها.


صوتُ هذا القرد أخترق أُذني لكن ماذا يقصد،سألتهُ بأستِغراب  :  هل تتحدث معي  ؟



- كان واضحاً إنكِ تعيشين قصة حب معَ قطعة البيتزا، تناوليها الآن.
حشرَ قُطعةُ البيتزا في فمي حين قال كلماتهِ الأخيرة.
أبعدت يدهُ و اكملتُ تناولها .


- ديلا لماذا لا يوجد زيتون على المائِدة؟
سأل آرسلاند فورًا ما أن جلسَ على المائِدة.


يالهُ مِنْ مُتطلب،ألا يمكنه أحضار شيء لنفسهِ.
قامت ديلا لتذهب للمطبخ  : سأُحضرهُ الآن.


أستنكرَ كريس  :  لكن هناك زيتون على البيتزا .


فردَ آرسلاند بهدوء  : تناول طعامك بصمت و لا تتدخل في ما لا يعنيك.


- و أنتِ أيضاً.


أردفَ آرسلاند فأستغربت حين رفعت رأسي و رأيتهُ ينظُر نحوي، حين علمتُ أنني المقصودة بِلا شك شعرتُ إن  اللقمة قد توقفَتْ في بلعومي، فسَعلتُ أطلب الماء.


ضربَ كريس على ظهري و ناولني كأس الماء.


- أنا ماذا  ؟
سألته بعد أن دفعتُ اللقمة بالماء


- الدرس  .


أجاب دون ينظُر لي، أطلقتُ زفيرًا بإرتياح.
أنهّ مُجرد درس و ليس شيئًا آخر.


- ولماذا أنتِ خائفة منه هكذا؟ هو مجرد آرسلاند.
تحدث كريس وهو يأكل


- لستُ خائفة فقط كنت أعتقد، حسنا لا يهم.
تذكرت أنني قد  قررت ألا أتكلم معهُ !
فقلت بغضب  : لا أزالُ غاضبةً منك فلا تتحدث معي.


- نتناقش بالأمر حين أنتهي مِنْ العشاء الآن أنتم تحاولون جعلي أسهو عن البيتزا لتأكلوها و أبقى أنظر  .



- كريس يكفي ثرثرة  !.


و أخيراً تدخل عمي ليجعل كريس يصمت و نستطيع أن نتناولُ طعامنا بهناء.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


نظفتُ المائدة و جلستُ على الأريكة بعد أن أسقطتُ أقدام كريس الذي يصرخُ مِنْ بطنهِ الممتلئة.


وقفَ آرسلاند أمامي و أشارَ لي  : هيا.


تصنعتُ الإبتسام أمامهُم و قلتُ له  : لقد كُنت تتمرنُ طوال فترةِ العصر لذا أنت مُتعب،لا داعي لأن تُتعب نفسك معي.


أتمنى أن يفهم أني أُريد التخلُص مِنْهُ و لستُ خائفةً عليهِ
لكن للأسف لم يتراجع بل تقدم ليقف عند الدرج وقال  :
لستُ مُتعبًا، دعيني أختبرُ ذاكرتي قليلًا.


يبدو أن طريقتي للتخلص مِنْه ليست مُجدية،الجميع كان ينظُر لي بترقُب لا أُريدهم أن يشكوا بشيء لذا وقفتُ لأذهب معه  : شُكرًا على العشاء،سأذهب لأدرس الآن.


حين سمِعَ كلِمات رأيتهُ يصعد الدرج قبلي فلحقتُ بهِ،توقف عند بابِ غُرفتي فتقدمتُ نحوه و سألت  : هل سندرُس في غُرفتي  ؟


مررَ أصابعه على جبهتهِ و يدهِ الأخرى مُستقرة على خصرهِ الرياضي  : كلا، سندرس في جيبي ما رأيكِ ؟


لم أستطع كبحَ الضحكة التي أنفلتَتْ مِنْ فمي، أحياناً أكتشفُ أن لديهِ جانبٌ لطيف ، كان ينظرُ لي بطرفِ عينيهِ لذا كتمتُ ضحكتي و فتحتُ باب الغُرفة ثُمَّ أفسحتُ له المجال ليدخُل.


مسحَ الغُرفة بِعينيه بعد صار بداخِلها ِ، وقفتُ بجانبهِ و أشرتُ له أن يجلس على الكُرسي أمام مكتب دراستي.


نظرَ لهُ مطولًا ثم أقترب مِنْهُ وسحبهُ عن الحائط  ،  ركضت أمسكُ بالمكتب لأصرُخ  : ماذا تفعل  ؟


- حين يكون في وسط الغرفة سنستطيع وضع كُرسيان و تجلسي أمامي لأستطيع الشرح بشكل أفضل.
وضحَ الأمر لي لكن طريقتهُ في التوضيح كان يشوبها بعض قلة الصبر، نظرتُ لهُ بطرفِ عيني وقلتُ الحقيقة رُغم عني  :
معكَ حق.


جلسَ على الكرسي و أنا ذهبتُ لأحضر الكُتب و الدفاتِر.


وضعت الكُتب على المكتب و جلست أمامهِ، فتحت دفتر روز على المحاضرات التي دونتها هي حين كُنت أنا غائِبة
هذهِ هي المُحاضرات التي لم أحضرها.


أمسك الدفتر بين أناملهِ السمراء الطويلة و أعاد ظهرهُ للوراء، تفحصَ الصفَحاتُ بعينيهِ العسلية، أخذَ يُتمتم بكلمات غير مسموعة كأنه يشرح لنفسهِ ما يراه مِنْ المسائِل و القوانين.


أسندتُ وجهي بكفيّ أنظرُ نحوه، يبدو أُستاذ مثالي بطريقة جلوسهِ الحالية حين يُريح كتفيهِ على الكرسي و يُباعد بين ساقيهِ الطويلان، هالة مِنْ الكاريزما تلتفُ حولهِ فالنظر لهُ ليس مُملاً هو جميل حين يتكلم أو يتصرف .


قاطعَ تفكيري واضعاً الدفتر أمامي، وقال بعد همهمة صغيرة أطلقها مِنْ بين شفتيهِ  : حسناًحسناً جميعها مواضيع جيدة ليست بتلك الصعوبة، لنبدأ.


اومأت له و أعطيتهُ كاملَ تركيزي لكن بعد مرور عشر دقائق قال مُشيراً للمكان الذي بجانبهِ  : أحضري كُرسيكِ هنا أفضل.


أعتقد أن هذا أفضل مِنْ كوني أمامه فالأمر غيرُ مُريح و الكتاب لا يعتدل أمامنا أي يجب أن يكون أمام شخص واحد بالأتجاه الصحيح.


حولتُ كُرسيّ بجانبهِ، رائحةُ عطرهِ تسربت لأنفي يألٰـهي ليس الوقت المُناسب لأتشتت، أريد أن أدرس فحسب.
وبالفعل تناسيتُ الأمر حين عاد ليشرح  : أنظُري لهذهِ المسألة، فقط يجب أن نجد المساحة أولاً، ثم تُحددي طول القطعة و عُرضها وبعدها طبقي القانون الخاص بهذا الموضوع.


انهمكَ هو بالشرح و أنا أنهمكتُ بالأستماع .. تناقشنا حول النقطة التي لم أفهمها، هو كان بالشرح مِنْ الجيد أنني فكرتُ جيدًا و قبلتُ عرضهُ، كما أنهُ سريعٌ بضرب الأعداد الكبيرة
فبينما أُفكر أنا برقمٍ واحد يكون هو قد حل المسألة .


لكن قاطع شرحُ آرسلاند صوت هازِء أنبعث مِنْ ناحيةِ بابِ غُرفتي المفتوح  : حقاً تبدوان كأستاذ مظهرهُ يوحي بإنهُ حقير و طالبة مظهرها يوحي بإنها حمقاء.


نظر آرسلاند نحو كريس الذي يقف عند الباب فرفعَ حاجبهُ الأيسر و نظرتهُ كانت هادئةٌ جداً و أشكُ بإستِمرارِ هدوئِها ، بعدها ترك الكتاب و القلم على المكتب  ليُسند ظهرهُ للوراء واضعاً قدمه اليمنى فوق اليُسرى، ثم نطق بنبرةٍ هادئة و مسموعة كالعادة كأنهُ لا يُريد أرهاق نفسهُ بالتحدث  :
أما أنت فتبدو كحمار ينهقُ طلباً للطعام.


تقدمَ كريس غيرُ مبالٍ بما قالهُ آرسلاند،كان يحمل بيدهِ كوبين وضع أحدهُما أمامي و الآخر أمام آرسلاند:
لقد أرسلت أمي لكُما القهوة  .


أرتشفَ آرسلاند قليلاً مِنْ قهوتهِ و قال موجهاً كلامهُ لكريس  : جيد الآن يُمكنك الذهاب.


لم يهتم كريس بل قفز بجسدهِ ليجلس فوق المكتب.


فتحتُ فاهي و عينيّ بصدمة بسببِ تصرُفهِ الطفولي  ، قمت أسحب جسدهُ لينزل  : كريس سينكسر المكتب رجاءاً أنزل.


لكنه مُصر على جلوسهِ  ..  يتصرف بطفولية  !.
آرسلاند كان يرتشف قهوتهِ بهدوء و ينظر لكريس بنظرات نارية هادئة تبدو عيناه كغابة أستوائية أشتعل بها حريق في ليلة تخلو مِنْ الرياح لكن النار تمشي بهدوء داخلها و تأكُل الأشجار.


- ألم تكوني غاضبة مِنْي؟
ذكرني كريس أنني لا أتحدث معهُ بعد أن نسيتُ الأمر ، فزمجرتُ بوجههِ بغضب  : شكراً على تذكري و الآن بما إنك تعلم أنهُ غير مُرحب بكَ هما فأخرج.


رفع كتفيهِ بلامُبالاة كالأطفال  : الباب كانَ مفتوحاً و دخلت لو كان مُغلقاً لم أكن لأدخل.


أزعجني أصرارهُ الطفولي فأغمضتُ عيناي لأتمالك أعصابي لكنها،داهمني بسؤالٍ آخر  : صحيح  !، لماذا لم تُغلقا الباب؟


أخذتُ نفساً عميقاً كي لا أصرُخ أمام آرسلاند الذي بالفعل حمل عني عناء أخراج كُتلة الإزعاج الجالس فوق المكتب  :
كريس أُخرج  .


- أخي لن أفعل شيء أنتُما أكمِلا ما تفعلان و أذا أضظر الأمر سأغلق عيناي و لن أرى  .


قال جُملتهُ بطفولية لكن في المقطع الأخير مِنْها تحولت نبرتهُ لأُخرى خبيثة أرفقها بغمزةٍ سريعة.


الهواء أصبحَ ثقيلًا جداً يدخُل لرئتيّ بصعوبة و يخرُج بصعوبة
هذا مُحرجٌ جداً  !.


رفعت أصبع السبابة أمام وجههُ و قلتُ مُحذرةً أياه  :


كريس يكفي سخافة أو أقسمُ أني سأتصرف بطريقة لن تعجبك.


حينها وقفَ آرسلاند دون سابق أنذار فنظرنا لهُ حتى أقترب مِنْ كريس الذي سُرعان ما أعطاهُ أبتسامةً عريضة كالقرد لكن ما فعله آرسلاند جعل  كل معالم السعادة تنقلب لمعالم أنزعاج.


أمسك بياقة كريش و بحركة بسيطة رمى جسده مِنْ فوق المكتب ثم أعاد أمساكه مِنْ ياقته و سحبه نحو الباب ثم ركل مؤخرته ليسقط على الأرض لاعناً آرسلاند، أغلق الباب و عاد لم نسمع سوى صراخ كريس المُتذمر و لعنه.


- طفولي.
بصق آرسلاند كلمتهُ بنفاذِ صبرٍ.


أبتسمتُ لأُخفف من توتر الجو  : لا عليك لنُكمل.


أشار للكوب الموضوع أمامي بينما هو أمسك أحد الكُتب و بدأ بمُطالعتهِ  : أشربي قهوتكِ قبل أن تبرُد.


أحتضنتُ القدح الدافئ لأرتفش قليلاً مِنْه،
الحليب معَ القهوة .. همم لذيذ.


طلبتُ مِنْه أن يُكمل شرحهُ لأني أستطيع أن أنتبه معه بينما أشربُ من قهوتي.


و بالفعل قد باشرَ بأكمال الشرح، سألني سؤلاً فوضعتُ الكوب جانباً لأناقشهُ جوابي، أشرتُ بأصبعي نحو الأعداد التي نعوضها في القانون.


حين أعدتُ يدي للوراء لم أنتبه للقدح، مما أدى إلى سقوطهِ عليّ، القهوة كانت ساخنة فلسعتني حرارتُها.
قفزتُ مِنْ مكاني لأصرخ بألم، ذُعر آرسلاند حين رآى ملامحي المُتألمة  : هل تتألمين؟، لماذا لم تنتبهي؟! 


تجمعتْ دموعي في عينيّ بسبب الألم  ، قام هو ليقترب، نظر لعينيّ و قال بهدوء  : أهدأي.


عضضتُ شفَتي السُفلى لأكتُم تأوهي، أخفض جسدهُ قليلًا و أمسك بطرفِ قميصي ليرفعهُ قليلًا حتى يظهرُ  مكان الحرق.


حين لامستْ أصابعهُ بشرتي، شعرتُ بقشعريرة جسدي و نارٌ تصاعدت لوجهي حتى أني نسيتُ أمرَ الحرق  ، أعطاني طرف القميص  : أمسكي بقميصكِ هكذا و أدخلي للحمام لتقومي بالإسعافات الأولية للحرق و لا تتجاهلي الأمر لأنهُ قد يترُك أثرًا على بشرتكِ.


لم أقوى على النظرِ لهُ لذا بقيتُ مُخفضةً رأسي و أومئُ لهُ  .


- غدًا سنُكمل الدرس، أرتاحي الآن.


تحدَث ثم مشى بخطواتٍ نحو الباب بينما كُنت مُتسمرةً في مكاني، فأسرعتُ لأقول  :  طابت ليلتُك.


ألتفتَ لي قبل أن يخرُج مِنْ الغرفة و قال  : طابتْ ليلتُكِ أيضًا.


ما أن خرج حتى خلعتُ قميصي بسُرعة و ركضتُ نحو الحمام لأضع مرهمًا على الحرق.


بعد أن أنتهيت، خرجتُ و أرتميتُ على سريري، رفعتُ درجة حرارة الغرفة كي لا أستعمل غطاء قد يُلامس الحرق.
لكن كُل ما أُغمض عينيّ يظهرُ آرسلاند أمامي.


- يا إلـٰهي لماذا  ؟ لا أُريد التفكير به  !


دفنتُ رأسي بوسادتي أحاولُ النوم لكن عيناه العسلية و حاجبيهِ المُنعقدين، نظراتهُ الهازئة و شعره الكثيف المموج، عروقهِ البارزة على يدهِ السمراء  ... كل تفاصيله أقتحمتني !
أعتدلتُ بجلستي بسرعة لكن شعرت بألم الحرق على بطني.
نفثتُ الهواء بقلةِ حيلة و عدتُ لوضعيتي السابقة.
أخذت الهاتِف و ضغطت على موسيقى هادئة تُساعدني على الأسترخاء و النوم.


حتى غططتُ في النوم دون أن أشعُر ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


سحبتُ جسدي مِنْ السرير، دخلت للحمام لأغسل وجهي الذي يبدو شاحباً و هالاتٌ سوداء تتوسد مجريَّ.


- يجب أن أحصُل على نومٍ كافي.
حدثتُ نفسي أمام المرآة.


أخرجتُ قميص صيفي خفيف و فضفاض بلون أزرق حتى لا يتلصق بالحرق مع بنطال جينز، لكن سأرتدي معطف طويل حتى لا أُصابُ بالبردِ، فهذه الفترة لدي ضغوطات كثيرة مِنْ الدراسة والأمتحانات التي لم يتبقى عليها سِوى شهر، لا أُريد أن أمرض.


بينما كُنت أنزل الدرج بخطوات ثقيلة،أستوقفني صوت كريس مِنْ خلفي   : كارمن توقفي.


وقفتُ بفي مُنتصفِ الدرج أنتظرهُ بينما توجهَ نحوي بخطوات سريعة ليُصبح بجانبي  ، سرتُ فسار بجانبي  :
تحدَث ماذا تُريد  ؟


بعثرَ شعري بيدهِ و أبتسم  : لا شيء فقط أردتُ أن ننزِل معاً.


أبعدتُ يده و نظرت له بطرفِ عيني : لا تتحدث معي، فلا زلتُ غاضبةً منك.


في الحقيقة أنا لست منزعجة مِنْه لكن أريد أن أزعجهُ قليلاً كما يفعلُ معنا دائماً لكن طريقتهُ لطيفة و طريقتي شريرة.


قرصَ وجنتيّ بأصابعهِ الرفيعة  :
لا تزالين صغيرة على الإنزعاج.


مددتُ شفتي بطفولية و أبتعدتُ عنه لأُكمل طريقي أما هو فقد كان يضحكُ كأنني قلتُ نُكتة .


تناولتُ فطوري بسرعة و خرجتُ للحديقة أتنفسُ بعض هواء ألنقي، حقاً أرغب بالذهاب للجامِعة مشياً لكن بالتأكيد عمي لن يسمح لي ، لذا لا جدوى مِنْ الكلام.


- هيا يا فتيات.


نادنا كريس وهو يضغط على بصمةِ سيارتهِ المركونة أمام المنزل لتُصدر صوتاً مع توهج مصابيحها.


دلفنا للسيارة أنا في المقعد الخلفي،
و ديلا بجانب كريس في المقعد الأمامي كالعادة.


أشتغل مذياع السيارة بأغنية صاخِبة ، شعرتُ بصداع يضرب رأسي بسببِها، فطلبتُ من كريس أن يُطفئها  :
كريس رجاءاً أطفئ هذهِ الأغنية.


نظرَ لي بعينيهِ الزرقاء مِنْ خلال المرآة  : لماذا  ؟


- لدي صُداع.


- حسنًا  .
قال ثم أطفئها.


لم نتكلم طوال الطريق فديلا هادئة دوماً لا تتحدث لأحد دون أن يُحدثها و أنا لم يكن مزاجي جيد للحديث ، لكن كريس كان ينظُر لي نظراتٍ مُتفحصة مِنْ خلال المرآة بين الحين و الآخر.
وصلنا للجامعة فترجلتْ ديلا و ترجلتُ انا بعدها.


أثناء ترجُلي،أستوقفني صوتُ كريس حين طلب مني التوقف.
ألتفتُ لهُ بأستغراب لماذا قد يطلبُ مني التوقف و نبرتهُ جدية جداً   .


- نعم؟


- هل أنتِ بخير  ؟
عيناهُ أفترستْ وجهي كأنني أذا كذبتُ عليهِ سأُكشَف حتمًا
فهو تمامًا مثل جوليان ، يفهمُ مشاعري دون أن أتحدث  .


أخذتُ نفسًا عميقًا لأقول :
بخير لا تقلق،فقط مُتعبة مِنْ الدراسة.


- أذا كان هُناك شيء تُريدين قولهُ فلا تتردي ،
نحن أصدقاء في النهاية .


نظرتهُ و نبرتهُ حملنْ دفئًا جميلًا دغدغ شغافَ قلبي، لكن بيننا شجار الآن لا يجب أن أُفشل خُطتي أمام هذا القط الماكر.


أؤمأت لهُ  : حسنًا  ، سأذهبُ الآن  .


لوحتُ له ثم دخلت مِنْ الباب الكبير للجامعة  ، يا أللهي كيف أستطيع فعل هذا بكريس؟ هو يبدو كقطعة  !.


أستطيع تصنيفه كألطف شخص رأيته في حياتي، لم أشعر بغربة بين عائلة عمي جوردن بسبب كريس، كان لطيفاً منذُ البِداية، هو ثاني شخص يكون صديقاً مقرباً لي بعد يوجين.


ألقيتُ نظرة على طلبة قسم الموسيقى وهم يعزفون على الآلات الموسيقية المختلفة، رؤية هذا القسم تُريحني و تبعث طاقة لطيفة في روحي.


دخلت لقسمي، جلست على مقعدي و أغمضتُ عيناي.


- يا الٰـهي ماهذا التعب و الوهن  ؟
همستُ لنفسي، لأني شعرتُ بوهنٍ شديد يحتلُ جسدي
رُبما بسببِ قلةِ النوم.





مرت ساعة ونصف الآن ستنتهي المُحاضرة الأولى لكني لاحظتُ أن روز ليست موجودة ،و مقعدُها فارغ !


حولتُ نظري لمقعد ستيفيان الذي ينظر للسبورة المليئة بالمسائل و القوانين بعيون شاردة أو فارغة مِنْ أي شيء.


حين خرجَ الأستاذ فتحت دفتر روز على الورقة الأخيرة حيثُ أخبرتني أنها دونت رقمَ هاتِفها هُناك.


ادخلت الرقم و ضغطت على كلمة أتصال، قلقلتُ عليها لإنها لم تكُن بخير في الأمس و ليس من عادتِها التَغيُب عن الجامعة،  أنتظرتُ لـِثواني قصيرة حتى ظهر صوت روز الأنوثي الناعِم مِنْ سُماعةِ الهاتِف  : مرحباً.


- مرحباً روز، أنا كارمن.


- أهلاً كارمن، عذرًا لم أتعرف عليكِ كُنت نائمة لذا لم أُميز صوتكِ.


- لا عليك، كيف حالكِ؟ لماذا لم تأتي للجامعة اليوم؟


- انا بخير فقط أحتاج أن أرتاح قليلاً.


طريقتُها بالكلامِ كانت باهيِتةً جدًا ،
ليس و كأنها روز المُفعمة بالطاقة و الحيوية.
لم أرد أن أسألُها  عن الأمر لإنني أعرفُ لِماذا هي هكذا  :


حسناً فقط كُنت قلقةً عليكِ.


- لا تقلقي أنا حقاً بخير ، لكن لما صوتكِ هكذا؟


- ما بهِ صوتي  ؟


- تبدين مُتعبة  !.


- اجل لا أحصل على نوم كافي،
سأذهب لأشتري القهوة الآن يجب أن أُغلق.
..


أراكِ قريبًا.



قلت ثم أغلقتْ الخط.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


مشيتُ بملل أحمل قهوتي لأجلس على الطاولة في كافيتريا الجامعة بمُفردي، أفتقد روز حقاً ..


نظرتُ للمكان الذي يجلس فيهِ ستيفيان عادةً لكن لم أرى أثرًا لهُ ،  لذا نقلتُ تركيزي للكتاب الموضوع أمامي، أراجع ما درستهُ في الأمس معَ آرسلاند.


لكني سهوت في تفكيري بليلةِ الأمس،
لمساته تُصيبني بقشعريرة، لا أعلم لماذا ؟
تحسستُ مكان الحرق لا يزالُ يؤلمني ..
ماذا أصابن؟ كل أسبوع أحرقُ جزء مِنْ جسدي!
قبل أسبوع حرقتُ يدي و الآن بطني.


في النهاية أنشغل عقلي الأحمق بالتفكير بآرسلاند و الحوادث التي جمعتنا معاً حتى نسيتُ الكتاب الذي أمامي، إلى أن  أخرجني مِنْ تفكيري صوتٌ ما حين قالَ بنبرة مُترددة : مرحباً.


رفعتُ نظري له كان ينظرُ للجهة الأخرى و يده تعبث بعنقهِ، تفاجأت قليلاً مِنْ  وجودهِ لكن تمالكتُ صدمتي و رحبتُ بهِ 
أهلًا ستيفيان.


- روز لم تأتي للجامعة اليوم؟
سأل دون أن ينظُر لي حتى


تجاهلتُ تصرفهُ هذا و أومأت له  : أجل لم تأتي.


هو يتجنب النظر لي حتمًا فقد كان يجول بنظرهِ في الأرجاء فقط كي لا ينظُر لي،  سأل مرةً أخرى وكانت نبرتهُ متوجسةً بعض الشيء كأنهُ يعلم الإجابة على سؤالِها الذ كان عبارةً عن
(هل و  هي بخير؟  )


في الأمس عاملها بسوء و تجاهلها ، و الآن يسأل عنها كأنه يهتم لأمرها .. فكرتُ أن أتحايل عليه قليلاً كعقوبة له لما فعله مع روز في الأمس.، لذا قُلت بصوتٍ هازِء  :
وهل يهمُك أمرُها حتى  ؟


نظر لي أخيراً، كانت نظرتهُ حاقدة بعض الشيء ، رُبما يعتقدُ أنني السبب في شجارِها، لكن سُرعان ما هدأت نظراتهُ حين رأى هدوئي أمامهُ  ،  فقال بشيءٍ من التأنيب المُرتسم على وجههِ   :  أنا..  أنا لم أعلم أنها ستغضب أو تحزن هكذا.



- أجل لأنك لم تُفكر قبل أن تتفوه بكلامك القاسي، روز حاولت مُساعدتك لكنك برود و أنانية رفضتَ مساعدتها بوقاحة،  و حين بكت لم تحاول مواساتها أو ارضاءها حتى، هي الآن مريضة جداً وهذا بسببك  .. تذكر أن تُراجع مفرداتك قبل أن تنطقها فأنتَ لا تعلم كيف ستُصيب بِها.


نظرَ لي نظرةً لم أفهم مغزاها لكنها ليست وقحة كما كانت، طأطأ رأسهُ قليلًا ثُم رفعهُ ليسأل  :
إذًا ماذا يجب عليَّ أن أفعل الآن؟


أوه خُطتي تنجح هذا جيد   : أذهب و أعتذر منها.


- كيف  ؟
سأل كطفلٍ صغير  .


- اذهب لمنزلها و أخبرها أنك أسف و ستقوم بالدراسة لأجلها.


- لكني لا أريد أن أدرس !.


- حسنا أذاً لا تضيع وقتي إذا كُنت مُصراً على موقفك أما بالنسبةِ لـروز سأمنعها مِنْ التدخل في شؤونكَ  .


نفى بسُرعة قبل أن يركُض  :
لا ليس كذلك .. سأذهب.
لا تُخبري روز بشيء.


حين ركض خارج الكافتيريا بدا كفتى مُراهق لا يزالُ في الثانوية  .. رُبما لن يبدو كـ شابٍ جامعي لإنهُ لم يدرُس ما كان يحبهُ.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


روز  :


منذُ الأمس لم أخرُج مِنْ غُرفتي حتى أنني لم أُكمل يومي بالجامعة، أشعرُ بنغز في قلبي، شعور مؤلم بسبب ستيفيان، رغم أني أعتدتُ على برودهِ و ضجرهِ منذُئذ دخلَ الجامِعة، لكن هذهِ الأيام حقاً أردتُ مساعدته، و ماذا كان رده؟ اللامبالاة فحسب.


لقد قررتُ مُنذ الأمس بألّا أتدخل بهِ بعد الآن و لن أزعجهُ بشيء، رغم كوننا أصدقاء طفولة إلا أنه تغير كثيراً، أصبح عدوانياً معَ الجميع.


اليوم لم أذهب للجامعة أتصلن بي زميلاتي و كارمن لكني أخبرتهُن بأنني مُتعبة لكن في الحقيقة أنا لا أريد رؤيتهِ حتى لا أبكي، بكيت كثيراً في الأمس وكل ما أتذكر نبرتهِ و طريقة تجاهلهِ يزدادُ بكائي، لم أبكي يوماً هكذا و لسببٍ سخيفٍ كهذا، لا أعلم ماذا أصابني !.


طُرق باب غُرفتي لأسمع صوت أُمي مِنْ خلفِ الباب تُناديني  : روز.


بالتأكيد ستسألُني إذا كنت سأتناول شيء أم لا رغم أني أخبرتُها سابقاً بعدمِ شهيتي بشيء  ، ف أريد أن أبقى لمُفردي  : أمي قلتُ لكِ لا أُريد تناول شيئاً و لست جائعة فقط دعيني أنام


ِ- هُناك شخصٌ يُريد رؤيتك.
أردفتْ أمي


- شخصٌ يُريد رؤيتي أنا ؟ مَنْ ؟ 
سألتُها بأستغراب


- فقط أفتحي الباب و ستعرفين.


قمتُ مِنْ سريري، عدلتُ شعري وفتحتُ الباب، ظهرت أمي و مِنْ خلفِها ستيفيان  !.


تسارعت نبضاتُ قلبي مِنْ  التوتر حين رأيته، فبغعد ما حدث في الأمس أشعرُ أنني قسوتُ عليهِ قليلًا.


أبتسمتْ أمي قائلةً قبل أن تذهب و تدعنا لوحدِنا أمام باب غُرفتي  : هذاهذا ستيفيان قد جاء لرؤيتكِ، سأدعكما لتتكلمان.


عقدتُ يدي لصدري و سألته بغضب  : ماذا تُريد  ؟


أبعد جسدي عن الباب ليدخل و يسحبُني مِنْ معصمي خلفه دون أن يطلُب أذنيّ حتى !


خلصتُ يدي مِنْ قبضتهِ  : مَنْ سمحَ لك بالدخول لغرفتي؟ 


رمى جسدهُ على السرير الغير مُرتب  : أنا سمحتُ لنفسي و بالمناسبة سريركِ دافئ جداً لهذا لم تأتي للجامعة اليوم أيتُها الكسولة  .


أغمضتُ عيناي أحاولُ كبتَ غضبي  : ستيفيان أخرج مِنْ غُرفتي حالاً، فأنا أتخذتُ قراري، لن أتدخل بك بعد الآن و أفعل ما يحلو لك.


هو لم يُبالي أو يرُد حتى بل أستمر في أستشعار دفء السرير و بدى كأنهُ على وشكِ النوم  ، فأقتربتُ منه أسحب بيدهِ حتى يقوم مِنْ فوق سريري و يرمي نفسه النرجسية خارج غُرفتي لكنه سحبني بقوة لأسقط فوقهُ ثُم أعتلى جسدي !.


فتحت عيناي بصدمة أنظر لوجهه ذو البشرة البرونزية و شعره الشوكولاتي الكثيف المُجعد يُغطي جبهتهِ، أشحت بعينيّ بعيداً عن نظراتهِ الليزرية.


دفعت صدره بيدي  : ستيفيان أبتعد ستأتي أمي و أذا رأتنا هكذا ..


عندما كُنا صِغار كُنت أنام بجانبهِ على سريرٍ واحد لكن بعد كبرتُ قليلًا أمي لم تسمح لي بالنومِ بجانبهِ و كانت حجتُها أننا لم نعُد أطفالًا كما كُنا مِنْ قبل لذا يجب وضع بعض الحدود.


قلبَ عينيهِ الخضراويتين  : و أذا دعيها ترى  ..


أغمضتُ عيناي بقوة كي لا أرى تعابيرهُ الهازِئة أمام شعوري بالحرج  : ستفكر أن شيئاً ما بيننا.


همهمَ قليلًا ثم أبتعد ليعتدل في جلستهِ ففعلتُ أنا كذلك لكنه سرعان ما أمسك وجهي بين أصابعهِ، أعتصر وجهي بقوة ليقربهُ عند شفتهِ كي يقول  : أنا آسف.


هل أعتذر مِنْي للتو،فتحت عيناي حتى كادتا يخرُجن مِنْ محجرِهما،نظر لي بعد أن أعتذر فدفع وجهي وجسدي للخلف.


وقفَ وحشر كفيهِ في جيوبِ بنطالهِ الضيق،نظر لي بطرف عينهِ  : لا تنظُري لي بتفاجؤ هكذا فقط أخبريني هل ستُسامحيني  ؟


وضعت أصبع الأبهام على ذقني كأني أُفكر، أستمريتُ على هذهِ الوضعيّة  لدقائق حتى شعرتُ أنه ملَ مِنْ  الإنتظار، وقفتُ بجانبه و أسندتُ نفسي على كتفهِ  : حسنًا.


- حسنًا سأُسامحك لكن بشرط  !.
كان شرطي جاهزًا منذُ البداية  .


ضيقَ عينيهِ بشك  : ماهو  ؟


- أدرس بجد للأمتحانات  !.


نفثَ الهواء و رمى جسدهُ على السرير  : سأحاول.


جلستُ بجانب جسدهِ و ضربتُ بطنهُ بمرفقي  : بل ستفعل.


تأوه بألم و عقد حاجبيه  : ألم تكوني مريضة  ؟


عقدت حاحبيّ بأستغراب أيضًا  : مَنْ قال أني مريضة ؟


- لقد خُدعت بالفعل، أنسي الأمر.


همسَ بصوتٍ مسموع، " خُدِعَ  " مَنْ خدَعهُ  ؟ ماذا يقصد هذا ؟


أردتُ أن اسألهُ لكنهُ كان قد أحتضن الوِسادة لينام كما كان يفعلُ سابقًا، أبتسمتُ على منظرهِ حين بعثرتُ شعرهُ و إنزعج.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كـارمـن  :


- كارمن أنا لن أعود معكما اليوم.
تحدثت ديلا بتعلثم


- حسناً لكن لماذا أنتِ متوترة هكذا ؟


أمسكتْ وجنتيها كأنه تحاول تهدئة نفسها  :
سأخبركِ حين أعود  .


رؤيتها متوترةً هكذا جعلتني أقلقُ عليها لذا أستوقفتُها لأسأل:
هل من خطبٍ ما  ؟


- لا كارمن لا تقلقي، سأخبركِ بكُل شيء حين نعود الآن أذهبي كريس ينتظرُكِ و إذا سأل عني أخبريهِ أنني معَ جودي.
تحدثت بسرعة فأكتفيتُ بالإيماء لها قبل أن تبتعد مِنْ أمامي.


عدلتُ حقيبتي على كتفي لأخرج مِنْ البوابة الكبيرة معَ بقية الطلبة، لمحتُ جسد كريس الواقف بجانب سيارتهِ مِنْ بعيد، يرمي بأبتساماتهِ  و غمزاتهِ للفتيات اللواتي تبدو ملامح السعادة و الخجل على وجوههنْ.


فتحتُ الباب الخلفي و جلست دون أن أتكلم ليدخل هو بعدي.


أستادرَ لي و لوحَ بيدهِ  : مرحباً.
لم أرد فأعتدلَ على مقعدهِ و نظرَ لي مِنْ خلال مرآة السيارة.


- أين ديلا  ؟
سألني بعد أن جعدَ وجههُ بإنزِعاج، يبدو أنه الآن أخذ الموضوع بجدية  .. جيد.


أجبتهُ بكُلِ أجحاف  : ذهبت مع جودي.


شغلَ السيارة لتتحرك المكابح بسرعة.
أستمر لصمت لعشرِ دقائق فشعرتُ ببرودةِ الأجواءِ في السيارة للمرةِ الأولى  ..  حتى بادرَ هو سائلًا  :
كيف سأُرضيكِ الآن  ؟


عضضتُ على شفتي السُفلى محاولةً أخفاءُ أبتسامتي،
أهو حقاً يعتقد أنني غاضبة مِنْه !


- لا يهم فقط أنتبه أثناء القيادة.
حاولت جعل نبرتي جدية و باردة.


- حسناً الأمر سخيف حقاً لذا سأخبركِ.


- لا تُخبرني،لا أريد سماع شيء.
أغلقتُ أذنيَّ بيدي ف هزَ رأسه بيأس.


ترجلتُ السيارة أمام المنزل و دخلت بسرعة، ركض خلفي و أمسكني من ذراعي   : هل أنتِ حمقاء؟ لماذا تُعقدين الأمر هكذا؟


جولت بصري في الأرجاء، لا أستطيع أن أنظُر ل عينيهِ لأنني سأضحك حتماً.


أمسك ذقني بيده و قيد يديّ بيدهِ الأخرى  : أنتِ غاضبة مني  لأنني لم أخبركِ بما حدث في حفلة تخرُجي أم لأنني لم أتدخل حين أمسك آرسلاند بك ِ؟


في الحقيقة السبب الثاني أزعجني أما أمرُ حفلة التخرُج لا يهمُني لستُ فضولية لهذا الحد حتى أعرف.


صوبت نظري نحوه  و سألتُ بجدية  : لماذا لم تساعدني حين أمسك آرسلاند بي  ؟،تجاهلت الأمر و سرتَ بعيدًا كأن شيئاً لم يحدُث.


أفلتْ يدي و دخل في نوبةِ ضحك  :
هو آرسلاند و ليس أسد بماذا سأُساعدكِ حتى  ؟


أمسكتُ خصري بيدي و وقفتُ بطريقة مائلة  :
أنتَ تعلم أننا مُنذ موضوع الصحيفة و نحن على خلاف .


- بربكِ كارمن لا تكوني كـعمي ليمان ، ثم أن هناك ملايين الفتيات اللواتي  يتمنينْ أن يمسهُن آرسلاند و لو قليلاً  و أنتِ تصرُخين لإنهُ أمسكَ يدُكِ  !


- لكني لست مِنْ الملايين،هل يفهم عقلك الحجري هذا؟
نقرتُ جبينهُ بأصبعي.


وضع كفيهِ على كتفيّ ليهُز جسدي و صرخ  :
كُفي عن كونكِ حمقاء  !


أردفَ بنفاذِ صبرٍ  :  أنتِ لم تُدركِ شيء حقاً.


عقدتُ يديّ لصدري  : ماذا تقصد.


مر بجانبي و ضربَ رأسي حتى كدتُ أسقط  و شعري أنقلب أمام وجهي.
- تبًا  ..


صرختُ عليهِ لكنهُ لم يهتم فركضتُ لأمشي بجانبهِ.
نظرَ لي بتوجس فأبتعدَ قليلًا  !.


- ماذا  ؟
سألتهُ بإستغراب من تصرُفهِ، فضيق زرقاويتيهِ بشك  :
ألا تُخططين لعضي  ؟


نظرتُ له بعيون شبه مُغلقة،يالهُ مِنْ تافه  !:
هل أنا كلبٌ مثلًا  ؟


أبتسم أبتسامةً عريضة وشد وجنتي  :
أجمل كلب كستنائي اللون.


دفعتهُ عني و ركضتُ للداخل، فركض خلفي 
أستمرينا بالركض حتى وصلنا غُرفنا  ، لهثتُ الهواء و أمسكتُ برُكبتي  : لقد فُزت عليكَ أيها السلحفاة.


رد بصوتٍ لاهث  : مِنْ صفاتِ الكلاب السُرعة في الركِض.


أعتدلتُ بوقوفي  : المُهم إنني سبقتُك.


أعتدلَ هو الآخر  : حسنًا و أن فُزتي، ماذا أفعل الآن  ..
هل أرقُص  ؟


حركَ مؤخرتهُ يمينًا و شِمالًا في نهايةِ سؤالهِ، ضحكتُ على مظهرهِ   : كلا لا ترقُص لكن إجبني على سؤالين.


رفعَ حاجبهِ و جحظَ عينيهِ  : ماذا  ؟!


- أولًا  ، أخبرتي ماذا حدث في حفلة تخرجك ؟


عادت الأبتسامة لوجههِ  : لقد تناولت الكثير مِنْ المُعجنات و الحلوى و الكعك حتى مرضتُ و لم أستطع مُفارقة الحمام.


خرجتْ ضحكة عالية مِنْ فمي  : لو سيطرت على نفسك قليلاً لما حدث ذلك.


حك مؤخرة رأسه  : كل شيء تحت سيطرتي إلا شهيتي.


و أردف بسرعة  : أقصدُ شهيتي في الطعام و ليس شهيتي الأخرى.


نظرتُ له بقرف  : أنا لم أفكر بالأمر حتى  .


ِ


غمزَ لي  : أنا أستبقُ الحدث.


- حسنًا الآن ، السؤال الثاني  .


تهيأ للأجابة  : تفضلي آنسة كارمن.


هذا السؤال كثيرًا ما أثار فضولي و فكرتُ بهِ، الآن سأحصلُ على الإجابة  ، أخذتُ نفسًا عميقًا  :
هل آرسلاند مُصابًا بمرضٍ نفسي  ؟


تجعدت ملامحهُ و نظر لي مطولًا فشعرتُ بالغرابة و التوجس إلى أن قال  : ما هذا السؤال التافه  ؟


- لا حقًا ليس تافهًا  ، آرسلاند لا يبدو منطقيًا  !.
كُنت أتحدث بجدية لا أعلم لماذا أعتقد إنني أمزح  !.


أبتسم بجانبية  : هو كهذا فقط  ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


وضعتُ الصحون في مكانِها بعد أن جففتُها ..
لكن فجأة سمعتُ تحطم شيءٍ ما، نظَرتُ للزجاج المنثورِ على الأرض، كانت ديلا تقفُ بملامحٍ مصدومة.


فدخَل كريس يركض ويبدو إنهُ سمع صوت تحطُم الزجاج كذلك، حول بصرهُ بقلق بيني و بين ديلا : ماذا حصل؟


- لقد أسقطتُ الكأس  ..
تحدَثت ديلا و إنحنتْ لِتجمعُ قِطع الزُجاج.


- أنتبهي كي لا تجَرحي يدكِ.
قالَ كريس وهو ينحني ليجمع قطع الزُجاج المتناثرة معها .


اليوم ولسببٍ ما ! ، كانت ديلا متوترة مُنذ عودتها وشاردة بأمرٍ لا اعلمُ ما هو .. لم تتهيأ لي الفُرصة لأتحدث معها.


- ديلا أذهبي لغُرفتكِ أنا سأنظفهُ و أُكمل الباقي.


أومأت لي  ، فغسلت يديها وخرجت من المطبخ.
جمعنا أنا وكريس قطع الزُجاج المنثورة ثم أكملتُ تنظيف المطبخ بمُفردي بعد أن أخرجتُ كريس الذي جلس فوقَ الرف الخاصِ بالصحون و بدأ يُخرج الطعام مِنْ الثلاجة و يأكُل
ب


الكاد سأنتهي الآن ! وهو يأتي ليُخرب المكان و يجعله متسخ بعد أن نظفتهُ .


فُتِحَ بابُ المطبخ مرة أخرى، فقُلت بتحذير و أنا أُجفف الملاعق لأضعها في مكانِها :


- كريس سأُحطم رأسك بالمقلاة إذا لم تخرُج.


لم أتلقى ردًا سوى صوت الثَلاجة الذي فُتِح،
هل كريس يتجاهلني؟ هذا الأحمق !


ألتفتُ لأرى الواقف بجانب الثلاجة، ليسَ كريس بل آرسلاند الذي تلتصقُ قارورة الماء بشفتيهِ وتتحركُ تفاحة آدم في عُنقهِ حينَ يندفع الماء مِنْ خلالِ بلعومهِ .


لاحظتُ أنني أطلتُ النظرَ إليه، لذا وضعتُ الملاعق في مكانِهُن بسرعة و أخذتُ علبة القهوة لأعيدها لمكانِها في الرف العلوي لكنهُ كان عالياً جداً، قفزتُ عدة قفزت دونَ فائِدة .


فشعرتُ بجسدهِ خلفي لذلك تصنمتُ في مَكاني تماماً
أناملهُ ذاتُ السُمرَةِ الخفيفة أمسكَت بيدي التي أحملُ بها علبة القهوة  .. أخذها مِنْي بحركة بطيئة جداً، فشعرت بحرارة تخرج مِنْ جسدي بسبب إلتصاقه بي، و الدماء أحتقنت بوجهي الذي سيفضحني حتماً !


لم أستطع الألتفات لهُ في هذهِ الحالة بسبب وجهي المُحمر الذي سيفضحُ خجلي حتمًا  لذا بقيتُ واقفةً بتصنُم.


وضعَ عُلبة القهوة في مكانِها و تحدثَ بنبرة مُخدَرة و هادِئة تُرافقُ تنفُسهِ الثقيل الذي ضرب عُنقي : هل يؤلمُكِ؟


ماذا يقصد؟، لا أستطيعُ التفكير بشيءٍ
وهو مُلتصقٌ بي هكذا، ما هذا الجحيم !
فخرجت كلماتي مُتلعثمة : ماهو؟


فأمتدت يداهُ لتُمسكَ بخصري  ..
رعشة خفيفة سرت في جسدي .


أبتعدَ قليلاً حتى يُدير بجسدي أمامه، أخفضتُ نظري للأرض كي أُخفي خجلي ولا أرتبكَ امامهُ أكثر.


وضع إصبع السبابة خاصتهُ تحتَ ذقني ليرفع رأسي أمامه، فألتقت كستنائيتي بعسليتيهِ الهادئة .. قضمتُ شفتي السُفلى بتوتر .


- الحرق الذي تعرضتي له في الأمس، هل يؤلمكِ؟
سألَ بِنبرة هادئة و ثابتة تُشابهُ نظرةَ عينيه .


أوه هو كان يقصدُ الحرق، لقد نسيتهُ بالفعل ! :
لا، لا يؤلمني شُكراً لإهتمامك.


أرتفع جانبُ شفتيهِ بأبتسامة صغيرة، فهمسَ دون أن يبتعد عن جسدي المُنكمش وهو يبعثُ حرارته اللعينة : جيد.


أريد أن أتنفس، قربهُ سيجعل قلبي يتوقف بسببه سوف أصابُ بالخفقان يوماً ما ! لكنني لا أستطيع ان أطلب منه الأبتعاد ..


-  لدينا درس اليوم، أستعدي.


أومأتُ له بسرعة ليبتعدَ ويخرج مِنْ المطبخ،
وبعد ماذا ؟ بعد ان كاد  على وشك التوقف !،
آه وجهي يشتعلُ الآن، هل أصبحتُ حمراء؟


فتحت صنبور المياه و غسلتُ وجهي بقوة ثم صعدتُ للأعلى، وتجنبتُ النظر لجسدهِ المُمتد فوق الأريكة في غُرفة المعيشة .


طرقتُ باب غُرفة ديلا على مَهَلٍ :  ديلا؟


- أدخُلي كارمن.


دخلتُ لأرى ديلا تجلسُ شاردةً على سريرها وهي تحتضنُ الوسادة، أقتربتُ لأجلس بجانبِها على السرير : ديلا ماذا أصابكِ اليوم؟


بعد جملتي هذه، رفعت هي زرقاويتيها  ..
كانت وكأنها على وشَك البكاء .


قلقتُ لرؤيتِها هكذا، أقتربتُ اكثر وأمسكتُ بيديها :
ديلا هل كُل شيء بخير؟ أخبريني هل هُناك خطبٌ ما؟


فأومأت لي بالأيجاب مُجيبةً عن تَساؤلي.


" هل هو شيء خطير؟ "
نفتْ برإسِها ..


" إذاً؟ "


" لقد أعترفَ لي جان اليوم .."


وقفتُ فوق السَرير و قفزتُ بحماس بعد ان سمعتُ ما قالته :
" حقاً كيف ذلك؟ وماذا قُلتي؟ ماهي مشاعركِ نحوه؟ "


انطلقت الاسئلة من فمي واحدة تلو الاخرى، فوضعَتْ يديها على فمي لتُغلقه : " فقط أخفضي صوتكِ لا تفضحي أمري"


عدتُ لوضعية الجلوس بهدوء فأبتسمت لها وهمست بخفوت: حسناً فقط أخبريني بالأمر كاملاً


شرعت هي بالحديث :
نحن أصدقاء منذُ السنة السابقة، حين أنتقل هو لجامعة ستايل، كُنا مجرد أصدقاء حقاً ! لا مشاعر غير مشاعر الصداقه بيننا، لكن هذا العام رأيتهُ يتغير ويتصرف معي بطريقة تختلف عن السنة السابقة، أصبح ينزعج إذا تحدثت لشابٍ آخر حاولت جودي تنبيهي لكنني تجاهلتُ الأمر فحسب، واليوم هو جاء وقال لي أنه يريد أخباري بأمرٍ ما وقد أعترف لي قائلاً أنهُ يحبني.


" همم، وماذا عنكِ هل تُبادليهِ الشعور؟ "


أخفضتْ نظرها : " لا أعلم، أشعرُ أنني مشوشة "


اضافتْ  : حينَ يقترب مني ينبض قلبي بطريقة غير أعتيادية و حين يلمسني تسري رعشة خفيفة في جسدي لا أعلم ما تفسيرها، كل شيء معه يختلف عن أي شابٍ أخر، نظراتهُ و كلماتهُ كل شيء أشعر أنه مميز بهِ فقط، أريد أن أنظر له كثيراً لكنني أخجل، لا أعلم ماذا يحدث لي.


شردتُ بكلماتِها التي قالتها، هل يُعقل أن هذا هو الحُب حقاً؟ هل هذهِ هي المشاعرُ  التي يتحدثُ عنها الجميع؟ كل هذهِ الأمور تحدثُ معي حين يقف آرسلاند بجانبي أو يلمسني!، رُغم أن تواصلي مع كريس أكثر لكني لا أشعرُ بهذهِ الأمور معه، فقط حين يكون هذا الشخص هو آرسلاند !.


- كارمن  !.
كانَ صوتُ ديلا الذي أعادني للواقع وقاطعَ شرودي


- نعم أسمعكِ.
أجبتها.


- أين شردتِ  ؟


أبتسمتُ لها ورَبّتُ على كتفها قليلاً  :  لا شيء، فقط لا تقلقي وخُذي وقتكِ بالتفكير وإن كُنتِ تُحبينهُ حقاً فلا تَتَردي.


أبتسمت لي هي كذلك : شُكراً لكِ كارمن، كُنت أريدُ الفضفضة قليلاً  .


- أنا هُنا في كُل وقت، إذا أردتي التحدُث فقط إطرقي الباب أو أدخُلي مُباشرةً، الآن يجب أن أذهب لأدرُسَ قليلاً.


أكتفت بالايماء مع أبتسامة صغيرة إرتسمت على شفتيها، خرجتُ ودخلتُ لغُرفتي التي بجانب غرفتها .


تصادمت الأفكارُ برأسي بعد مُحادثتي مع ديلا وتذكرتُ مشاعري كُل ما أقتربَ آرسلاند، جميعُ هذه الاشياء أصبحت تشغلُ عقلي الآن .


أخرجتُ تشيرت صيفي باللون الابيض كان فضفاضاً دون أكمام مع بيجامة فضفاضة أيضاً، لا أستطيعُ أرتداء الملابس الضيقة بسبب الحرق، و قبل الحرق اساساً أنا لا أُحبها لأني اشعر بأنها تُضايقني .


بعد ان غيرتُ ملابسي، مشطتُ شعري وتركتهُ مسدولاً، رششتُ بعض العطر الخاص بي ورطبتُ شفتي بمُرطب برائحة الفراولة .


وعندما جلستُ على مكتبي وشرعتُ بالدراسة، طُرق الباب عدة طرقات جعلتْ قلبي ينتفض لأنني أعلمُ مَنْ الطارق !


ركضتُ أمام المرآة عدلتُ شعري الكستنائي بسرعة ثُم فتحتُ الباب ..


تفحصني هو بنظراتٍ مما جعلني أشعرُ ببعض التوتر، لماذا أرتديتُ هذا التيشيرت، هل أنا أتصنعُ له ؟ هو سيعتقد أنني كذلك !


لكن لماذا شعرتُ لوهلة بأني أريدهُ أن يراني جميلة ؟! .


فتحتُ الباب أكثر مُفسحةً المجال لهُ ليدخل وأغلقت الباب خلفه كي لا يأتي كريس ويسبب فوضى كالأمس .


جلس على الكرسي الذي حضرتهُ له وجلستُ أنا بجانبهِ لكن كانت بيننا مسافة جيدة رغم أنني الآن أشمُ رائحتهُ المنعشة أثر الأستحمام، وتبينت لي خصلاته الشقراء مِنْ السوداء التي تلتصقُ بها بعض قطراتِ الماء ثم تتزحلق على عُنقهِ ذو السمرة الخفيفة


وعلى ما يبدو إنهُ قد قام بتجفيف شعره، لكن هذه القطرات علقت تأبى مُفارقة تلك الخُصلات التي تبعثُ الرغبة بداخلي للمسِها ..


- هل نبدأ ؟
سألني مُقاطعًا تأمُلي الغبي  لمظهره المثير بغباء، أجفلتْ مِنْ سؤالهِ المُفاجئ فأومتُ له بسرعة :
أجل، تفضل لو سحمت .


قلبَ صفحات الكتاب ليُظهر موضوع إدارة الإنشاءات، أشارَ بأصبعهِ نحو النموذج المَرسوم وكان نموذجاً سياحياً   :
أنظري اولاً يتمُ تَحديد الإحتياج للمشروع وأهدافه والغرض من انشاؤه، ثم يتم إتخاذ قرار لتحديد حجم المبنى وعدد الفراغات فيه ( عدد الغرف وغيرها من الفراغات ) وتحديد اطار زمني عام لتنفيذ المشروع واصدار دراسة جدوى للمشروع لتتيح للمالك اتخاذ القرار بالاستمرار في المشروع أو التوقف ...


أكملَ مُنهمكاً بالشرح وهو يحرك يدهِ و يُرسم نموذجاً أمامي على الورق ليوضح لي الأمر بطريقة مُبسطة :
ثُم يتم عمل تصميم أولي مبدئي ( سكتش ) لتحديد مساحات المبنى وشكله الخارجي وتحديد أنواع مواد التشطيب التي ستستخدم وكذلك تحديد ألوان المبنى خارجيا وداخليا وتصميم الادوار المتكررة وتصميم الفراغات الخارجية والديكورات الخارجية والتشجير.


ناقشتهُ الشرح لأنني درستُ هذا لوحدي قبل يومين ولم أفهم لكن شَرحهُ الآن جعلني أفهم الموضوع بشكلٍ أفضل  :
إذاً في المرحلة التالية يتم تحديد المواد والاجهزة التي ستستخدم في المبنى ويتم حساب تكلفة المبنى، ويتم عمل التصميمات الانشائية ثم الالكتروميكانيكية ( كهرباء - تكييف - صحي - مقاومة حريق - مصاعد...) ويتم تحديد كود التصميم المستخدم للمشروع.


- أجل هكذا، احسنتِ.
هو الآن حقاً يبدو كأساتذة الثانوية المثاليين ..


اردفَ مُنهياً الشرح: وفي النهاية يتم اخراج مستندات المشروع النهائية لطرح المشروع للتنفيذ، وهذه المستندات تشمل الرسومات النهائية والمواصفات العامة والخاصة ونموذج عقد المشروع والشروط العامة والخاصة، والتي تسهل للمقاولين دراسة المشروع بشكل وافي لتقديم عروضهم الفنية والمالية لتنفيذ المشروع.


قضمتُ شفتي بحماس بعد ان شرح الموضوع بطريقة جعلتهُ سهلاً بالنسبة لي :  حقاً شُكراً لك آرسلاند، الموضوع الآن أصبح سهلاً لم أكُن أتوقع أنه سيبدو بهذهِ السهولة  .


- كُل شيء بالتركيز سيكون سهلاً.


أسندتُ وجهي بكفي وأنا أنظر له :
أنتَ جيد بالهندسة، لماذا لا تعمل كمُهندس؟


عبثَ بالقلم قليلاً قبل ان يُجيب :  ليس لدي شغف أتجاه الدراسة أو العمل ما يهمُني هي الكُرة فقط، دخولي لكلية الهندسة كان قرار أبي.


عبستُ قليلاً فغير الموضوع بسُرعة   :
سأحُل هذهِ المسألة الآن بعدها سابدأ بشرحها.


وضعت رأسي على الطاولة  : حسناً.


بدأ يكتب ويكتب وهو يعقدُ بحاجبيهِ ثم يقوم بالشخبطة على ما كَتب ثم يطلق تأفف مِنْ بين شفتيهِ، راقبتُ حركاتهِ التي توحي بإنزعاجهِ بسبب المسألة، يبدو ظريفاً الآن لكن لما فجأة يُصبح و كأنه لا يطاق ؟، لماذا هو مُتناقض هكذا؟
أخذني التفكير ولم أشعُر بنفسي حين داهمني النُعاس .


وحينما أستيقظتُ كنتُ في سريري .. ففتحت الهاتف أنها السادسة صباحاً !!، لكن كانت تفوحُ مِنْي رائحة عطرهِ التي طغت على رائحة عطري، أمسكتُ وجنتي التي أحتقنت بالدماء : هل هو مَنْ حملني لسريري؟!


--------------------------------


رأيكم بالبارت  ؟


ستيفان  ؟


تغير آرسلاند  ؟


مشاعر كارمن  ؟


أنتبهوا لكلام كريس كلش صح هو تافهه
هوايب س مرات يلمح لشي 🐸🔥.


أتمنى أنكم أستمتعوا 💛.


أطرحوا ملاحظاتكم لُطفًا 💙🌸.


كُل يوم.. ذكر نفسك أن مُبتغاك ليس بعيدًا، وأنك قد تخطو اليوم خطوه لتحقيقه، فيخطو إليك خطوتين في المُقابل وحتى إن لم يحدُث ذلك، فيكفي أنك بخير وتُحاول، ومهما حدث، لا تفقد الإيمان بنفسك، ولا تفقد الأمل بالصباحات الجديدة، عسى أن يأتي يومًا يُنسينا قُبح الأمس، ونجد في ضوء نهاره ما غاب عن أعيننا وسط ظُلمة الليل ✨💗.

Comment