"حماسٌ وشغف"


السلام عليكم، كيف الحال؟
تأخرت جدا.. اعرف، التمس منكم المعذرة يا رفاق ✨
واخيرا كملت امتحانات وكدرت اكمل البارت الي حرفيا من زمان حاطته وما مكملته، على كل حال اتمنالكم قراءة ممتعة واعطوا البارت حبكم وتفاعلكم حتى انزل البارت القادم بسُرعة 🌝🌷ان شاء الله.

قراءة ممتعة، عذرا على الاخطاء الموجودة سهوا، لا تنسوا اضاءة نجمتي ✨.

كــارمـن:

كلماتُ كريس بقت ترنُ ببالي منذُ الأمس، حتى أنني تحجتت بالذهاب للجامعة مع ستيفان وروز اليوم وعُدت مع كريس، إذ كان لدى آرسلاند تدريباتٌ مهمة لمباراة فريقه..

لم أرى روبيرت في الجامعة اليوم كذلك، لا أعلم أن كنتُ سأسأله أم لا.. لستُ واثقة بشأن هذا، التردد يغلبني.

لقد قال كريس أن علاقتهما لم تكن لطيفة تماماً، ولم تكن سيئة تماماً.. حوت على بعض العدوانية، وبالتفكير بالأمر فأن روبيرت لطيف ومسالم، أما آرسلاند.. فلستُ واثقة تماماً، هو ليس سيئاً أو عدوانياً لكنه يميل لأختلاق المشاكل أحيانا؟ مثلما كان يفعل معي في أوقاتٍ سابقة..

- أين شردتِ؟
ايقضظني صوت جوان من شرودي، نظرت لها كانت مُمددة على سريري بأريحية وتعبث بهاتفها، بينما كنت أجلس بشكلٍ مقلوب على كُرسيّ واستند على ظهرهِ بضجر، هل يمكنني أخبارها؟ هي تعرف آرسلاند جيدا لذا ربما يمكنها مساعدتي، مددت شفتي ثم زممرتها.. لاحظت هي ترددي تحت نظراتها التي ضيقتها بشكٍ وترقُب: تحدثي فقط، لا تترددي.

قالت ببديهية، فافلتت تنهيدةً ثقيلة وقمتُ من مكاني لأجلس على طرفِ السرير، اعتدلت هي بجلستها كي تسمعني بأهتمامٍ واضح، عبثت باصابعي قبلما اسحب انفاسي وأشرع بالحديث: لقد اكتشفت مؤخراً أن آرسلاند يخفي عني أمراً ما، ليس حقاً ذو أهمية لكن شعرت بالإنزعاج من هذا التصرف، لماذا لم يخبرني ولو بشكلٍ طفيف.. ألست بعلاقةٍ معه الآن؟ عليه أن يكون واضحاً معي!

انصتت لي بجدية، ولاحظت كم نبرتي اخذت تحتد بغضبٍ ممزوجٍ بالخيبة من آرسلاند حتى انتهيت وانا اتنهد بحزن.. التنهد صار يلازمني منذ الأمس كثيرا، حدقت بي جوان بجدية ثم سألت: هل أخباركِ بهذا الأمر يؤثر على علاقتكما بأي شكل من الأشكال؟

فكرت بسؤالها قليلا ثم نفيت برأسي سريعا، لأنه في الحقيقة شيء غير مهم بتاتاً، رفعت جوان كلتا حاجبيها بتفهم: إذن ليس هناك داعٍ لكل هذا الغضب وهذه التنهيدات العميقة، أنتِ قلتِ أنه ليس بالشيء المهم! ربما لم يشأ أزعاجكِ بأمورٍ تخصه، أو قد يخبركِ في الوقت المناسب.

هل هناك احتمالٌ أنه لاحظ علاقتي الجيدة مع روبيرت لهذا قرر التكتم على أخباري بشأن خلافهما؟
او ربما سيخبرني في الوقت المناسب كما قالت جوان، رغم فضولي بشأن سبب الخلاف بينهما؛ لكنني سأصبر الآن.. وفي الحقيقة كلام جوان أزاح ثقلا كبيرا عن صدري، رغم القلق الطفيف الذي لا يزال يعلو وجهي، إلا أنها شردت للحظةٍ في الفراغ بينما تقول بتلقائية: لا تجعلي الشك يساورُ قلبكِ بشأن آرسلاند، فأنا واثقة بأنهُ يحبكِ جداً، ويريد رؤيتكِ سعيدة دوماً.. أنه شخصٌ وفيٌ ويمنحُ حُبه بكل صدقٍ ووفرة، لا يخجل أن يطلعكِ على مشاعره لكِ.. لكن له خصوصياته التي عليكِ تفهم تحفظه اتجاهها، دونما ينتابك القلق او الخوف او أي شعورٍ سيء.
ربما هو بحاجة لبعضِ الوقت حتى يُطلعكِ على كل ما يخصه الآن، لكنني استطيع رؤية استثناءه لكِ.

كلماتها سببت عصفاً لدواخلي بشكلٍ جميل، فكل فكرة طرحتها من عقلها على مسامعي الآن جعلت من نبصاتي اكثر استقرارا وهدوءًا وبسمة صغيرة نمت على تعابيري التي أخذ القلق يتبددُ منها رويداً رويداً، فكرت بسؤالٍ خطر لي: هل كلما علي فعله هو منحه الوقت؟

أومأت برأسها: نعم، الوقت كفيلٍ بجعلكما شفافين جداً لبعضكما إذا كنتما مناسبين، أما أذا لم تستطيعا فهذا يعني أنه عليكما الأنفـ..

ضربتها بقدمي حتى ارتد جسدها للخلف قبلما تكمل عبارتها، ثم وقفت اعدل خصلاتي المتناثرة وانا امشي لمكتب دراستي: سأصبر على الوقت.

عادت هي للتمدد على سريري براحةٍ تامة وكأنه سريرها الخاص، وقالت بصوتٍ مُلحن: حظاً موفقاً~

_____________

جـود:

اليوم هو يوم استراحتي، رُغم أنني اشعر بعدم الراحة بسبب تركي العمل لهذا اليوم، لكن اصرار امي وأبي جعلني أؤجل ما اريد فعله للغد..

أنا لا استاء من العمل هُناك، لأنني حقاً مُتحمس لأنهاء الترميم مبكراً، قياسياً لقد عملنا بجد هذا الأسبوع!

شركة البناء التي اخترتها رائعة، والعمال متفانين في عملهم.. وأمراً آخر أنني أكون سعيداً ومُرتاحاً حين أرى يولا بشكلٍ يومي، سعادتي تكمن برؤيتها والاستمتاع بأمضاء الوقت معها، رغم مروره بسرعة.. لكنني احاول استشعار كُل لحظة بقربها دون تشتت او تجاهل لأي تفصيلٍ يخصها.

من الجميل أن تحصل على حُلمك وسعادتك في آنٍ واحد، وهذا ما أعيشهُ اليوم بكل سرور وفرح.. وأخططُ لتمديد هذهِ السعادة للأبد..

تعالى صوت رنين هاتفي وقاطع تأملي لصوري مع يولا عندما كنا في المزرعة، لم يكن المُتصل سوى آرسلاند الذي يتفنن بقطع لحظات خلوتي، فتحت الاتصال وأجبت بملل: نعم؟

- هل يمكنكم الحضور للمباراة الليلة؟
اندفع بهذا السؤال دون مبالاة بنبرتي الضجرة، رمشتُ بتفاجؤ: هل لديك مبارة اليوم؟

- نعم في الساعة السابعة مساءً، تعال واحضر كارمن والآخرين.. لقد حجزت تذاكركم، وسأكون في انتظاركم، أراك قريبا ~

هذا الهدف الواضح والصريح للدعوة، أنه يريد كارمن وليس نحن.. فمنذ متى يبالى بحضورنا؟ وحقيقةً بما أنني امتلك حبيبة الآن اتفهم موقفه. يحاول الظهور بأبهى حلةً أمامها، وكأنه اسد الملعب، هو بالفعل كذلك لكن مشاهدة حبيبته له ستزيد من فرصة فوزهُ~

لم امانع بما أنني ليس لدي شيء لفعله الليلة، لذا ارسلتُ لكريس رسالة فحواها: آرسلاند حجز لنا تذاكر مباراتهِ التي ستبدأ عند السابعة مساءً ويطالبنا بالحضور والأهم من كل هذا، حضور كارمن شخصياً.

سُرعان ما جاء الرد من كريس وهو ينوح بدرامية:
الجميع يعيش قصة حُب ويحاول لفت أنتباه حبيبته، ألا كريس المسكين يكتفي بالمشاهدة.

يا اللهي هذا الفتى ليس رجُلاً حتى! كم يعشق التذمر كالأطفال، اجبتهُ باستفزاز: ليس ذنب الجميع أن كان المسكين لا ينفع للحب والارتباط.

"إذن ينفع لماذا؟" ارسل هذه الرسالة مرفقا معها ملصقا لوجهٍ يرفع حاجبا بأستنكار.

ضحكت على ردة فعله، أنه طفلٌ حقاً: "ربما ينفع أن يكون قطعة قماشٍ يجفف بها الشيف جود ألياس يده بعدما ينهي طبخه~"

أرسل بصمة صوتية يقول بها متظاهرا باللامبالاة:
"عُذراً ليس هناك شيفٌ بهذا الأسم، لكنني أعرف غراباً مزعج يحمل نفس الأسم"

يا اللهي، لقد بدأ بسخافته وقلةِ أدبهِ.. ولن يسأم من المجادلة ابداً، لديه استعداداً تاماً للإستمرار بهذهِ المحادثة التافهة، لذا توجب عليّ قطعها قائلاً:
دعك من سخافتك لن تغلبني، وبلغ كارمن وجوان وديلا كي يتجهزن للمباراة.

- حسناً إيها الجبان الذي يخشاني~
ختم كريس محادثته معي بهذهِ الطريقة، رُغم فارق العمر بيننا.. اتسائل هل يمكنه أن يكون سفيهاً مع آرسلاند هكذا؟

____________________

كــارمــن:

هذهِ المرةُ الثانية التي احضر بها مباراةً لآرسلاند بشكلٍ مباشر، اتذكر المرة الأولى حدثت بعض الاحداث السيئة بسبب زميله الذي حاول التقرب مني بشكلٍ غير لائق، لكنني اتذكرُ جيداً كيف حملني آرسلاند حينها واعتنى بي، لم اكن احمل له اي نوعٍ من المشاعر العاطفية.. لربما بدأت الامور منذ البداية بتشكيل عواطفنا دونما نُدرك!

المهم إن الآن ستكون الأمور مختلفة تماماً، سأكون واضحةً بدعمي وتشجيعي ومحبتي، حتى لو أخفى عني هو بعض التفاصيل؛ لا بأس بذلك.. سيأتي الوقتُ المُناسب ليتكلم به، أنا واثقة به.. وكلام جوان كان مُقنعا عندما قالت بأنه بحاجة للوقت.

كما أنني لا أُبالي بما كان عليهِ في الماضي تماماً، المُهم كيف هو حاضره؟ كيف تغير للأفضل؟ وكيف يحاول أن يكون؟
كُل هذا مُهم الآن، أما الماضي؟ فقد مضى إلى اللاعودة، وكُلنا نتغير.. واثقةٌ بأنه تغير أيضاً بطريقة ما.. لا ازالُ أجهلُ ماهيتها..

في هذهِ الأثناء كانوا يتحدثون بأندماجٍ وصخب، كُلٌ من جود وكريس وجوان، بينما بقيتُ انا مُحتفظةٌ بصمتي ومتحمسةٌ لرؤيتهِ كيف سيلعب اليوم~

تأنقت بشكلٍ متواضع يتناسبُ مع المناسبة، ارتديت بنطالاً من الجينز بلونٍ أزرقٍ باهت، مع قميصٍ زهري هادئ اللون وربطتُ شعري للاعلى، ثم اخترت حذاءًا رياضياً أبيض.. اكتفيت بقلادة فضية في عنقي وأسواراً جلدياً أبيض رفيع التصميم.
سأكون مرتاحة بحركتي كثيراً.

ومرَ الوقتُ بثقُلٍ بالنسبة لي، ربما لأنني متشوقة لرؤيته في الملعب اليوم، لكننل وأخيراً وصلنا وقد قادنا كريس وهو يرتب خصلاته الأمامية ويرفع ذقنه بثقة: معكم الدليل السياحي الأفضل على الأطلاق، كريس هنري.

هو اكثر من يعرف بالملاعب بعد آرسلاند؛ لأنه يحضر الكثير من المُباريات معه، كان جود يلوي شفته بضجر وينفث انفاسه بصوتٍ مسموع: آه على نفسي التي هانت وتبعتك، لكن سأصبر لأجل آرس ليس إلا..

ضحك كريس بسخرية وغرورٍ مُصطنعين: المهم أنك تابعٌ لي~

- أُصمت وإلا رميتُك تحت أقدام المارة المُسرعين.
هدده جود بنبرة باردة ومتوعدة بذات الوقت، ابتلع ريقي كريس بتوتر وابتسم ابتسامة متشنجة وهو يلتاف نحونا: كُنت امزح يا قريبي، أنت الملك والتاجُ أصلاً.

كنا انا وجوان نعقبهما بخطوتين، فضحكت هي وقالت بصوتٍ مسموعٍ لي فقط: لا يلوي ذراع كريس سوى جود.

بالفعل لقد ضحكنا على هدوء كريس وتواضعه بعد تهديد جود له، فهمست لها: هذا من حُسنِ حظكِ، أن يتصدى أخيكِ للرجل الذي تُحبين.

تنهدت جوان هُنا بصوتٍ مسموع وبقت عيناها اللوزيتين تُراقبان كريس وهو يضحك ويتضارب مع جود ويمزحان، كأن الزمن توقف عندها وهي تتأمل بشرودٍ للحظاتٍ حتى سحبت انفاسها بعمق وقالت: لا أعلم حقًا إلى ما سيؤول إليهِ الحال.. نحنُ بالكادِ نتحدث هذهِ الأيام.

- لما؟ هل حدث شيء؟

- كلا، لكنني اشعر بالإرتباك داخليا كلما اقتربت منه؛ لهذا الجأ لتجنبهِ.

جوان تخشى على مشاعرها من الخذلان، لهذا تلجأ للهروب.. حقيقةً لا ألومها لأن كريس هزليٌ بطبيعته.
من النادر جداً رؤيته جاداً بشيء رغم أنني أدرك جانبه الجاد بالنظر للأمور، إلا أن مشاعر جوان.. اخشى أنني لا استطيع توقع ردة فعله عليها بهذا الشأن.
بذات الوقت بقاءها مُتكتمة وهاربة هكذا قد يجعلها تتعلق ثم تنفرُ اكثر وتتأذى بسبب هذهِ القصة.
لم أعلق تعليقاً طويلاً لأن الوقت لا يسمح الآن مع وجود الشباب والجمهور، كما أننا اقتربنا من درج الحضور واشار لنا كريس ناحية مقاعدنا الأمامية، فقلت لها: لنتناقش فيما بعد.

أصوات الجمهور كانت عالية جداً! الضجيج ينبعثُ من كُل مكان، هتافات الرجال وتصفيراتهم تعلو على هُتافات النساء.. كما أن بعض العوائل قد حضروا بالكامل، حتى إننا رأينا الاطفال مع ابائهم وأمهاتهم.
كُل التفاصيل المُحيطة بالمكان الواسع جداً، تبعثُ داخل المرءِ شعوراً بالحماس والتشويق.. استطيع تفهم المشجعين المهووسين الآن، لأن الاجواء حقاً تشدُ الشخص للصراخ والتصفيق والتصفير مع الجمع الغفير.

وفجأة خرج اللاعبين بخطٍ مُنتظم وكانوا الفريق المنافس لفريق آرسلاند يرتدون زياً ازرق وبالطبع علت الأصواتُ أكثر من ذي قبل، وبعدهم مباشرة ظهر فريق آرسلاند بحلتهم البيضاء.. وسُرعان ما ركضت نظراتي وتعثرت بحماسٍ بحثاً عنه، كان يمشي بُخطاه الثابتة والواثقة كالعادة وكأنه أسدُ الملعب وسيده وشعرهُ الاسود ذو الخصلات الشقراء اللامعة تحت الشمس كان مربوطا بربطة الشعر، تعابيره حازمة وجادة وهالةٌ من القوة تُحيط به بوفرة، حتى أنني اهملت كُل التفاصيل من حولي ولا أُبالي بالأصواتِ والهتافات.. كانت كستنائيتيّ ثابتتان عليه فقط..
كيف يتحرك، وكيف يتمسك بعتبيره الصارم دون انفلات صغير! بدا كعادتهِ فخم الحضور، فرض نفسه دونما يفعل شيئا  !

الملعب ممتلئ بالجماهير المتحمسة، حيث يتردد جوّ الهتافات والتشجيع في كل ركن، وصوت أصفار الحكم يعلن بداية المباراة.

عندما ينطلق لاعبو الفريقين إلى أرض الملعب، تمتلئ الأجواء بالتوتر والتوقعات. يقوم اللاعبون بالتلاحم وسلفا ربما قاموا تبادل النصائح الأخيرة في غرفة تبديل الملابس، ليظهروا بأفضل شكل لديهم.

مع انطلاق المباراة، يعم الحماس والتشويق في الملعب. اللاعبون يتحركون بسرعة هائلة ويمثلون أحرف الأبطال على العشب الأخضر، حيث يقدمون تمريرات دقيقة، ويحاولون اختراق دفاع الفريق الخصم وتهديد مرماه.

بجانب الملعب، يعم الجمهور التفاعل ويشعر بكل استعراض ساحر وهجمة خطرة. يصعد الهتاف والتصفيق، وترتفع صيحات التشجيع المحمومة عند الأقتراب من تسجيل هدف أو تنفيذ حركات استعراضية خيالية.

تتألق الألوان المذهلة لأزياء الجماهير في المدرجات، حيث يرتسلون التشجيع ويزهرون بالمعنويات.

الموسيقى المفعمة بالحياة، وتشجيع الفريق يدمجان معاً؛ ليشكلا جوًا لا يُنسى. يصاحب التحليقات والركض السريع موسيقى الإثارة والملحمية التي تعطي فرصة للجماهير للمشاركة والتفاعل.

مرور الوقت يضفي المزيد من التوتر والترقب، مع اقتراب النهاية تزداد اللقطات المدهشة والتحركات الهجومية المذهلة. يكون القتال على أشده، وفي أوقات يشعر الجمهور بالغضب العارم عند ارتكاب خطأ أو أعطاء الحكم قرار مثير للجدل.

قبل تسجيل الهدف. يتوتر الجماهير بشكل متزايد وهم ينتظرون ويشجعون فريقهم بشغف. يشعرون بالتوتر والحماس على حد سواء. اللاعبون يسعون للوصول إلى المرمى وسط أجواء مذهلة من التوتر والترقب من الجمهور. تتوتر العضلات والأعصاب وتتوهج العيون بسبب الانتظار. صديق آرسلاند يسدد الكرة بقوة نحو المرمى، فالجماهير واللاعبين يشتدُ بهما الشعور  بالتوتر المشتعل ووقع التاريخ يحدث عندما يتعالى صوت الهتافات والتصفيق في استجابة للهدف الجميل.

تنفجر الفرحة داخل الملعب ويجتاح التوتر الفريق الآخر، وحصيلة وجوه الجماهير المشدودة والاشارات المختلفة التي تضيء الملعب بالألوان والأصوات تمنح لحظة توتر حميمية وتعلو سعادة جمهور الفريق الأبيض.. وهكذا يعلنُ الحكم هدفاً واحداً لفريق آرسلاند، حدث في الشوط الأول من المباراة!

اما بالنسبة للشوط الثاني والذي كان أشدُ أرهاقاً على الفريقين حيث أننا كجمهور شعرنا بمرور مُقتطف الراحة بسرعة خيالية! مما جعلنا نتوتر مترقبين بصمتٍ جهود آرسلاند وفريقه وهم يحاول تسجيل هدفٍ آخر بعدما حقق الفريق الازرق هدفاً في شباكِ مرمامهم!

وفجأة! تشتدُ تعابير آرسلاند بحدةٍ أكثر ويركض خلف الخصم بسرعةٍ وغضب بمحاولة انتزاع الكرة منه!
الكرة تتحرك بسرعة على الملعب الخضراء، اللاعب يحملها وسط اللعب، ويتبعه آرسلاند بكل عزم. ثم يقترب ببراعة من الهدف المنافس ويحاصره ليتخلى عن الكرة بطريقة رائعة، ثم بأبتسامةٍ مُنتصره تشق وجه آرسلاند المُلتحي وصدره يعلو ويهبط بحماسٍ يركض بالكرة كالبرق حتى يقترب بمسافة جيدة من المرمى الخاص بالفريق الأزرق.. وهنا تأتي اللحظة الحاسمة التي تحبسُ انفاسنا بتشويقٍ وقاق حيثُ.. ينفذ تسديدة قوية ودقيقة تمر فوق الحارس وتستقر في شباك الفريق المنافس.

الجماهير تنفجر في فرحة وتصيح بأسمهِ بصخبٍ وأثارةٍ جماهيرية عالية! إنها لحظة حماسية تثير القلوب وتجعلنا جميعا نلتقط انفاسنا!

تجمع الفريق الأبيض حول آرسلاند وتعانقوا جميعاً وسط تلك الفرحة الرائعة، وكنتُ أنا اقف مع شعورٍ بالفخر.. بالسعادة، ورغبة عميقة بالصراخ لتشجيعه وتهنئته!

بالطبع لم تتبقى سوى بعض دقائق على نهاية المباراة، وعليهم ان يدافعوا عن مرماهم بقوة وضراوة حتى يحافظوا على فوزهم المحتوم، هدأ الفريق الأبيض بينما اشتدت شراسة الفريق الازرق بمحاولة تسديد هدفٍ في شباكِ فريق آرسلاند لكن المدافعين وقفوا بحزمٍ مانعين المنافسين من الهجوم نهائياً.. حتى أعلن الحكم نهاية المباراة بفوز آرسلاند وفريقه!

وقفنا انا وجوان مع جود وكريس وديلا نقفز ونتعانق بحماسٍ وفرحة على فوز آرسلاند وكونه سبباً مهما لهذا الفوز، بينما كان هو يحتفلُ مع فريقه.. لكن بلحظةٍ ما رأيته يفرُ هارباً منهم وراكضاً نحونا!

تسارعت نبضاتي وأنا أراه يركُض مثل أسدٍ بالفعل!
كانت تعابيره منتشية بالفوز حقاً، رغم العرق الذي يلمع على وجهه.. وشيءٌ جميلٌ ينبثق من نظراتهِ وعينيهِ العسليتين.. مثل شمس الصيف المتوهجة.

يمرُ من بين الأفواج غير مُبالٍ لما حولهِ، وكذلك عينيّ!
كانتا تُهملان كل المشاهد.. سواه.. حتى يقترب أكثر وأكثر وقلبي يضجُ بنبضاتِ حُبي وفخري به..

بقفزة سريعة وبسيطة قفز من فوق السياج الصغير الذي يفصل مقاعد الجمهور عن ارضية الملعب وكان يحذو نحوي.. خطواتٌ صغيرة تفصلُنا، وجسدي يتوق بأحتراقٍ لضمهِ بعناقٍ قوي.

مددتُ ذراعيّ نحوه.. ارتجف جسدي عندما تخيلتُ قُربه، وفجأة.. اندفعتُ للخلف بطريقة لم استوعبها حيث وجدتُ أنني اصبحت اجلس على الكرسي الذي كان خلفي.. ومن أمامي؟

كريس الذي هجم على آرسلاند بعناقٍ قوي وجنوني، مما جعلني أرمش كالبلهاء للحظة ومن خلف جسد كريس كان آرسلاند يرمشُ بعدم استيعابٍ مثلي تماماً  ! 

نظرتُ نحو جود وجوان الواقفان بجانبي، جوان كانت مصدومة كذلك وحدقتيها مُتسعتين! بينما جود يضحك بهستيريا حتى ان وجهه اصطبغ باللون الأحمر لشدة احتقانه، رمشتُ مراتٍ عديدة حتى رأيت كريس يبتعد عن آرسلاند ويضرب كتفه: احسنت صنعا إيها البطل! نحنُ فخورين بك.

التاف كريس برأسه نحونا وبأبتسامة بريئة.. كأنه لم يفعل شيئا، قال: أليس كذلك يا شباب؟

هززتُ رأسي بإيماءةٍ صغيرة تعبر عن موافقتي دونما تسقط تعابير التفاجؤ من وجهي، لكن جوان لم تتحمل.. حيث تقدمت بغضبٍ نحوه وركلت ساقه بقوة جعلت يصرخ بسرعة ويجلس على أقرب كرسي، امسك ساقه وراح يلعن تحت انفاسه ثم يتأوه بصوتٍ عالٍ، قبل ان يسألها عن سبب ركلها بادرت هي بالقول مُتخصرةً فوقه بجبروت: تتصرف بغباءٍ بينما قمت بدفع كارمن بخبث عندما اوشكت ان تُعانق آرسلاند!

أومأ آرسلاند بالموافقة بينما ضحك الآخرين على كريس ذو الوجه المتجعد بألم، فقال مُبرراً: أيها الحمقى، كُنت أحميها.. اذا انتشرت صورة في الصحافة سيقتلنا ليمان، بالكاد اقنعناه بأنها  مُجرد حادثة عندما انتشرت صورتهما في المستشفى سابقا.

أوه! بالفعل.. كيف نسيتُ ذلك؟ أننا محاطين بالكاميرات من كُلِ صوب! يبدو أننا ظلمنا كريس، بقت جوان ترمش وجود لم يكف عن الضحك علينا جميعاً، بينما آرسلاند امتعض وجهه بأنزعاجٍ وانعقدا حاجبيه.. مددتُ يدي لألمس اطراف أصابعه الدافئة، بلمسة صغيرة ولطيفة احرك بها اصابعي فوق اصابعه: لا بأس.

تبسم لي تلقائياً وانفرجت اساريره مُجددًا، عادت تعابير الفرحة تأخذُ طريقها على وجههُ، تمتم لي وعيناه تبرُقان ببريقٍ لطيف: أراكِ ريثما أخرُج من غُرفة تبديل الملابس، اتفقنا؟

اومأت له: اتفقنا~

____________

وقفتُ خارج غرفة تبديل الملابس بالفعل كما اتفقنا، اوصلني كريس وذهب مع الآخرين إلى السيارة.. كان بعض الشباب يمرون من جانبي، تجنبتُ النظر لوجوههم.. كُنت أخشى أن ارى الذي تحرش بي ذات مرة عندما كنا نحتفل بفوز آرسلاند وفريقه، فانكمش جسدي ووقفتُ قُرب الحائط مُلصقةً ظهري به، وعيناي تُحدقان بأقدام المارة.. ذراعي مُلتفتان حول بعضهن وكأنني اصنعُ جداراً لا أريد ان يخترقهُ أحد.

بقيتُ على هذا الحال للحظاتٍ غارقة بأفكارٍ غير لطيفة.. شوشت عليّ متعتي، وفرحتي بفوز آرسلاند، لكن الجميل بالأمر ان اقدام المارة بدأت تخفُ من امامي.. فقط انتظر ظهوره، كنت اناديه بداخلي كي يأتي.. برجاءٍ ليُسرع، قبلما التقي بأُناسٍ لا أحبذُ تبادل الحديث معهم.

- آسف، لقد تأخرتُ عليكِ حبيبتي..
بهذهِ الكلمات أعلن عن حضورهُ، فرفعت عيناي لأنظر له.. فتعانق عسلُ قزحيتيهِ بكستناءِ عيني للحظةٍ جعلتني اشردُ بتموجِ اللون في عينيهِ قبلما اركضُ على تلك المساحة الضيقة بيننا واشبكُ ذراعيّ بلهفةٍ حول عُنقه، كُنت سعيدة وخائفة، فخورة وأبحث عن الأمان الذي يكتنفهُ وجودهُ معي، اشتد عناقي له تحت صدمته، حيث أنه بدا مُتفاجئاً من مُباغتتي لكنه لم يستغرق الكثير من الوقت قبلما يشبك ذراعيه كذلك حول جسدي.

شعرتُ بأنامله تضغطُ على ظهري بحماسٍ وانفاسه تلفح كتفي، كنت لا ازالُ مُتشبثة به وعطرهُ الدافئ يتسربُ لأنفي، ووجوده المُطمئن يجعلني أهدأ رويداً رويداً حتى يهدأُ قلبي فيصير نغمُ نبضي حلواً لطيفا بقُربه، فتتسلل اصابعي لتُداعب اطراف شعره واهمس له من ذلك القُرب: أحسنت صُنعاً اليوم، سعيدة بفوزك جداً.

مرر يده على ظهري بتربيتةً حنونة واسند فكه على كتفي: كُنت أريد أن افوز لأنكِ تُشاهدين، بوجودكِ حتى الفوز تُصبح قيمته أجمل.. أهذا هو الحُب؟

ابتعدت قليلاً مُتملصة من العناق، حتى يتسنى لي رؤية وجهه.. وكان قد افلتني بصعوبة، اما بالنسبة لسؤاله جعلني ابتسم بخجلٍ وأميل برأسي نحو كتفي الأيمن، انظر للأسفل ثم انظر لعينيه واجيب ببراءة: رُبما..؟

يداه انزلقتا نحو ذراعي يمسكني بأهتمامٍ ويطالعني بشغفٍ واضح، وحقاً كان لعينيهِ بريقاً يُشبه الحياة!
آرسلاند.. الذي طالما حملت عيناه نظرة غريبة.. بها من الحُزن مُسحةً، اليوم لأول مرة رأيتهُ بهذا الشكل.. وكأن الحياة دبت في عروقهِ أخيرًا  !

- أوه آرسلاند أنت هُنا!
كُنت ابحث عنك..
دخل هذا الصوت فجأة بيننا، وفورا رأيت صاحبته تقترب من آرسلاند وتعانقهُ امامي تحت جموده وصدمتي!

كانت شقراء وذو تعابيرٍ ناعمة.. عينان مسحوبتان ووجوهٌ طويل، وشفاهٌ مُنتفخة قليلاً، جسدٌ طويلٌ ونحيل لكنها ممشوقة القامة! تبدو عفوية؟

لم اخفي تفاجؤي حقيقة! فمن غير المتوقع ظهورها فجأة وانكبباها على آرسلاند بهذه السرعة أمامي!
أم أنني أنا فقط من يتفاجئ بالآخرين اليوم؟

راقبت آرسلاند يبعدها عنه بكُل احترام ويرسم حدودخ بوضوحٍ معها حين دفعها بلطفٍ بيده وحياها بنبرة جافة: أهلا بكِ ويندي.

لا يبدو أنها تُبالي بردة فعله، أم انها غبية فقط؟
ابتسمت بأتساعٍ وهي تُميل برأسها ناحية كتفها وتتحدث بسعادة وحماس: سعيدة بفوزكم جدا، وأبي سعيدٌ ايضاً  ! مُباركٌ لك..

أومأ لها: شكرا لكِ ويندي، دعيني أُعرفكِ على حبيبتي كارمن.

أشار لي واقترب في نهاية حديثه مُبتسما بفخرٍ فبادلته الأبتسامة ثم نظرتُ لها، كانت نظراتها قد تغيرت للحظة.. كمن خاب أمله؟ لكنها سُرعان ما شهقت بدرامية وامسكت يدي بينما تحدق بي بتفحص: أوه، اسفة عزيزتي كُنت متحمسة جدا، سعيدة بلقائكِ.. أنا ويندي، أبنة مُدرب آرسلاند وفريقه.

بطريقة ما لم افهمها، رغم انها تبدو لطيفة وقد تكبرُني بأربعة او ثلاثة أعوام؟ تبدو في بداية العشرينات من عُمرِها، لم أعرف كيف اتصرف معها حقيقةً لأنها عشوائية ولا تبدو كمن يقيسُ الأمور قبل التصرف بتهور، لهذا حييتها بأحترامٍ فقط وكان هذا اللقاء الأول لنا...

__________

ما رأيكم بمحادثة جوان وكارمن عن آرس؟

مشاجرات جود وكريس؟

مومنتات كارمن وآرس؟

المباراة؟

شخصية ويندي؟
وهل ستظهر مجددا؟

ثم إني لا أدري إلى أين يؤدي طريقي هذا ولكنّي أسير بشكل أفضل حينما أعي بأن يد الله تُربِت عليّ.“

Comment