2||عازِف الكمان

تُهت بقَعر عُمق سوداوتِيهِ فكانت نِهايتي غرقًا بحُبهُما
..

"كِريستال!!"
صَرخ في وجِهها والدموع تنَهمر على وجنَتيها
"كَيف ومتى خرجتي من المَنزل؟؟ ولماذا!! وايضًا في منزل رجُل!!" اخَذ الغضَب إلى مَجرًا آخر..
ليسُعل والِد كريستال بقوة لتقَترب منهُ كريستال بِـ خوف..ليدفعها بقوة مُرتطمةً بالارَض
"أيتها العار أبتعدي عني! لو عَلم أهل القَرية إن أبنة الخياط قد ذهبت إلى منزل رجُلاً غريب سيساء ظَنُكِ! ألهي ماذا فعلت كي أنُجب عالةً علي؟"
لم ينتهِي ذلكَ العِتاب وهو كاسِي قَلب أبنتهُ بأسوء الكلمات القاسِية..جَفت أدُمع كريستال فماذا تَفعل وهي تتعرض لأشد وأقسى انواع الحديث؟..
لحظة صَمت ليسُقط والدُها على الارِض دونَ حِراك وكأنما الرُوح قد أزُهِقت من هيكَلِه..
لتَردف كِريستال بصوت شِبه مسموع
"ابي؟..ابي!!" صرخت بِـ قوة وسمعها احدُ الجِيران..ليركُض طارِقًا الباب بقوة ليسمعوا شهقات الفتاة تَتعالى..عِقب كسُرهم لِلباب مُستبصرين الجُثة الهامِدة والجُرم الباكي بِجانب والِدها..

...

نَسيم الرِياح يدُاعب ملامح وجهِه مُمسكًا بكمانهِ عازِفًا لحنًا يجَعل الغَير قادرٍا على البُكاء يذُرف الادمُع ..فَفتاتُه قد خسَرت أعز شَخص لديها..توقَف كريستيان عن العَزف ليخطو الى المَنزل ويذهب إلى الغُرفة ويستَبصر الواقِفة أمام النافِذة ليردف بِصوت مُهتز راجِ الرَد

"كريستال..؟"

لم تعُرهُ أي أهتمام وكأنما محُت ذاكِرتُها وتُركت خلف التُراب معَ والدُها..أملاً قد بات بالذُبول لكِن سِحر حُب كريستيان قد أجلى ذوبل الامل!..تركَ الغُرفة جالسٍا بالخارِج على الاعَشاب الخضراء والشَمس ساطِعة على عينتاهُ الناعِسة..

"مَر أسبوعين..ماذا ستَفعل أيها المُتعجرف؟"

نظَر لِجدهِ وعيناهُ تحمل اليأس وكأنما الذي يراهُ كثيرًا على قَلبهِ

"أنها لا تستجِيب..لا تُريد الخروج لا تُريد الحَديث لا ارُيد الضَغط عليها يا جدي"

أبتَسم الجَد وهو يستَشعر عواطِف حفيدهُ الدافِئة وكأنما وجه الجد قد أشَرق من جديد ليُقهقه رادِفًا

"يا حفيدي الوسيم لا تيأس إنما اليأس لِضُعفاء والضُعفاء لن ينجحو يومًا لِذا خُذها مني ولا تيأس! أفهِمت؟"
إبتسم كريستيان واومأ لجدهِ ليستقيم ويذهب لِشراء بعض الحاجِيات للعشاء

..

يَمشي في السُوق ليرى أزهار التوليب متنوعة الالوان لتجذُبه البيضاء مُتذكرًا زهَرتهُ التي في المَنزل ليبتسم ويشتري أزهار التُوليب ليأخذُها كي يزرعها لِفتاتهِ في المنزل..
"هل التوليب فاتِن هكذا أم هذهِ فتنة صاحِبة العينان البُنية؟.."

*كريستيان*

أتجَول في السوق مُرهق التَفكير ..أخذتُ أشتري بعض الحاجيات للمَنزِل وبالي مشغول بكريستال..لم أرى أي تفاعل منها مُنذ ذلكَ اليوم قَلبي يتقَطع قطعةً قِطعة بسبب ما يحدُث لها مِن برود مشاعرهُا إتجاهي ظَننتُها تُحبني فعيناها كانت تتحدث لا ثغرُها،أهٍ مِن أستنتاجاتي اللَعينة..
يأسي يسُقطني في هَلوسات لا نِهاية لها.

..

عيناها قد ذَبُلت وزنُها قد نقُص تحركُاتها قَليلة..نظَرت لِلخارِخ ورأتُه يزَرع أزهار التوليب أمامها لينظُر لها لتزُيح نظرها عنهُ ليتنهَد بيأس مُبتعدًا عن أزهار التوليب البيضاء لتنظُر لها بعدما ذَهب..لمَعت عيناها وكاد الجمال يزُهر في أوتار قَلبِها فذَرفت الدموع لتخرُج مِن الغُرفة لِتذهَب وتنظُر في ارجاء المَنزل خارِجةً منهُ فكيانُها يحُث على إخراجها من المَنزل وأستنشاق بعَض الهواء ذهَبت ناحية النهَر المُزرق والشَمس تسطُع عليها لتسَمع ذات اللَحن..

توقف الزَمن توقفت الانَفاس وإلا بهي تنظُر ناحيتهُ وإلا بِـ الحُنطي يعزِف على أوتار خافِقها توقفت لتِستمع إلى عِشق لحنِه ليتوقف العازِف ذاهِبًا إلى المَنزل...لترَدف كريستال بصوت مخَنوق

"أيها العازِف إنما انتَ بِـ مُعذب لأوتاري فرُئفةً بصَاحِبة القَلب أضَعفت كياني فلِما تتوقف عن عَزف كلماتكَ المُذيبة لكُربي؟.."
..

أخذَ يدور حول المَنزل والخوف يسري بجسدهِ أنفاسُه قد تثاقلت
"كريستال أين هي! أين ذَهبت"
خَرج صوتهُ المُنهار خوفًا على معشوقتِهِ فهي قد خرجت دون سابِق إنذار.

"كريس واللعنة أين انتِ!!" خَرج من المَنزل يبحَث عن كيانِها جالت ناعِستاه بِأنحاء المَزرعة هرول خارِجًا هلعًا من فُقدانِها يسَأل كُل من في القَرية إذّ لمحو فتاة ذات شعر أسود وعينان بُنيتان وفسُتان اسَود ذو قُماش ثَقيل المَلمس..كُل من سُأل رَد عليهِ بالنَفي فخارت قواه ويُذكر النَهر الذي تقابل بِه معها .. أخذ أنفاسَهُ راكِضًا إليها ليبحث بسوداوتيهِ عنها ليراها واضِعةً قدميها في النَهر وهي تَبتسِم خانتُه عيناه..فقد ذَرفت الادمُع منحدِرةً على الوجنتان خانِقةً قَلب الحُنطي مُناديًا

"كريستال.."

نظَرت كريستال إليهِ وهي تَبتسم لتذُبل أبتسامتُها خائِفة

"كريستيان؟..لِمَ تبكي!"

ركَض نحوها وعانقها بِقوة

"لِماذا..لمَ تفعلين هذا بقَلبي!! أانتِ حمقاء أانتِ غبية؟؟"

عيناها تَوسعَت بِصدمة
"لستُ كذلكَ..فلتهدأ أرجوك."

أبتعَد قَليلاً وإنما الخَوف والقَلق لم يُفارق ملامِحهُ..ولأول مرة إستطاعت كِريستال رؤية سوداوتاهُ لِتبتسم ماسِحةً على وجنتيهِ

"أغَرقتني بهذهِ الفاتِنتان وكأنهُما الفَضاء..تشُعان فِتنة لمِن نظر إليهما."

أنزَل وجهُه لأنهُ غير قادِر على رؤية حالة معشوقتهِ التي كانت تعُج بالحياة والقوة..

"اسِفة لقد أخفتُك.."

نظَر إليها ولا تَزال عيناه تلمعان بِسبب دموعهِ ليردِف بصوتهِ الراجِف

" لا تتهوري هكذا..فقَلبي لا يستِطيع فُقدانكِ!"

اومأت مُبتسمة لتضَع أنمالها على وجنتيهِ

"أرجوك توقف عن البُكاء فهذا يُرهق قَلبي عندما يرى سوداوتاكَ ذابِلةً مُرهقة.."

ليُرد عليها

"لستِ أقَل مني ذُبلاً فرأيتُ محياكِ يذَهب بعيدًا عني فقد كان العَذاب يسَري ناحيتي كريس..لقد جعلتي مُهجتي المُغتره تُكسر.."

إبتسامة خافِتة من بين شفتيها ناطِقة بهدوء وسَكينة

"اسِفة لِكوني عبئًا على كيانكَ"

نَفى وهو يضع يديهِ على وجنتيها

"لستِ عبئًا إنما العِبئ مسُتبعد من قاموسِي إذّ كان الموضوع يحتويكِ فَأين العِبئ إذا كُنتِ بين أنظاري أهتُم بكِ؟."
لتَردف وعيناها تَلمع حُبًا

"أيها العازِف إنما كلمتُكَ تعزفُ على أوتار وتِيني فأرأف بهِ!!"
ليُقهقه الحُنطي مُستبصرًا قدميها العاريتان دون الحِذاء لينظُر لها والغَضب الطَفيف يعتلي ملامحهُ

"كِريس"

لتَردُف

"وتِينها؟"
ليَردف وهو يخَلع حِذائهُ واضِعًا قدماه في الماء البارِد

"لا تخُرجي مرةً أخُرى دون الحِذاء!!"

ضَحكت بـ خفة لتنزُل اقدامها في الماء

"لا ارُيد فهي مُزعجة!"
غَضب كريستيان ليردُف بتذَمر
ألهي! لِمَ العِناد رُبما تتأذى أقدامُكِ كَالمرة الاولى!"
لتَردُف بهدوء
"وإن يكُن؟."
..

يَضَع الورد عَلى القَبر وقَلبهُ مُرتاح مُطمئن وكأنهُ حَسب حِساب مايحصُل..

"إن لم أدعُهما يفعلان ذلكَ لِوحدهما لن يكون هذا جيدًا فالمَشقة تجَلب النتائِج الباهِرة دومًا أليسَ صحيحًا يا عزيزتي؟"

قَهقه العَجوز وهو ينظُر إلى قبر زوجتهِ..

"أشتقتُ لكِ حقًا..اتمنى لو ترَين حفيدُنا كَيف كبَر واصَبح شابًا مُراعٍا وحنون"

__

يَتبع

Comment